اشاعة مصدرها الصوت

فن الكوميديا ليس مجرد فن لإضحاك الناس و إطلاق قهقهاتهم ، لكنه فن ينبغي أن يكون له أسلوب و طريقة فى تقديمه ، و تتويج \" فطين عبد الوهاب \" ملكا لهذا الفن لم يكن لمجرد قدرته الفذة على خلق المواقف الكوميدية و إن كان هذا لوحده كافيا لتتويجه ، لكنه كان مخرج صاحب أسلوب مميز و فكر حقيقى ناقش بهما قضايا مجتمعه بالكوميديا كما رأينا فى \"الآنسة حنفى \" الذى يعتبر إسقاطا على الشعب بعد ثورة يوليو ، و كان أفضل من ناقش فكرة مساواة الرجل بالمرأة فى \" مراتى مدير عام \" ، حتى فى تقديمه لفيلم كوميدى صرف لم يستغنى عن أسلوب مميز يقدم به فيلمه و لعل فيلم \" إشاعة حب \" هو أنضج أفلامه الكوميدية بل يمكن اعتباره الفيلم الكوميدى الأفضل فى تاريخ السينما المصرية على الإطلاق لأسباب سيأتى ذكرها لاحقا ، لكن المقصد أنه قدم أسلوبا مميزا جدا فى هذا الفيلم حيث اعتمد على الصوت و الصوت فى المقام الأول فى تقديم شخصياته الرئيسية و فى أداء ممثليه حيث اللعب على هذه الجزئية لعب احترافى تماما ، مثلا فى تقديمه لشخصياته دائما يأتى الصوت سابقا ظهور الشخصية مثلما حدث مع عمر الشريف عندما رفض أن يجارى يوسف وهبى و عبد المنعم ابراهيم فى الكذب على زوجة خاله و ستلاحظ أن كلام كل شخصية يعبر عنها و يكشف طبيعتها فعمر الشريف صادق و لا يحب الكذب ثم تظهر ملامحه الأخرى من ملابس و اكسسوار لتكشف للمشاهد \" لخمته \" و التى ستدفعه لاحقا الى التنازل عن مبدأه ، سيكشف لك الصوت أن يوسف وهبى زير نساء و افاق و يوهم زوجته بأنه الزوج المخلص لتكشف هى أيضا بالصوت ألاعيبه عندما يقلد عبد المنعم ابراهيم صوته فترى زوجها يدخل من الباب ليفجر المخرج موقفا كوميديا رائعا و فى نفس الوقت كشف عن طبيعة شخصياته ، شخصية سعاد حسنى يسبق الصوت أيضا ظهورها و لكننا لا نسمعه لأنها لن تشترك فى الخدعة التى قام بها والدها حيث أنها رمزا للبراءة و الملائكية لذا لم نسمع صوتها ، أيضا هند رستم يسبق صوتها ظهورها بواسطة عبد المنعم ابراهيم عندما يقلدها فى موقف كوميدى رائع اخر و هى التى ستشترك فيما بعد فى هذه الخدعة فقط لتأديب خطيبها ... مما سبق نستنتج أن المخرج استخدم الصوت لتفجير مواقف كوميدية غاية فى الذكاء و أيضا للتعبير عن نوايا و طبيعة شخصياته ثم و الأهم توجيه ممثليه حيث تجد مثلا عمر الشريف تتغير نبرة صوته من موقف لاخر تبعا لطبيعة شخصيته فى هذا الموقف سواء كان صادقا ، كاذبا ، مخادعا ، طيبا أو عاشقا و بنفس الطريقة يأتى أداء يوسف وهبى من ثورته المسرحية التى اندمج فيها و التى تغيرت فيها نبرة صوته أو اقناعه لعمر الشريف لكى يتنازل عن مبدأه ، أو تودده لهند رستم و مغازلتها أو سخريته من زوجته و عائلتها أو حتى من ايهامها بانه زوج مخلص ...... لنستنتج من كل ذلك أن اسم الفيلم لم يكن فقط معبرا عن موضوعه و لكن عن أسلوبه أيضا حيث انتشار الشائعة بالصوت مثلما حدث عندما تناقلت فتيات بورسعيد اشاعة هند و حسين و يركز المخرج فى هذه اللقطات على أفواههم مصدر الصوت ....