رسائل البحر ... بين عواصف القدر و أحوال البشر

كنت أعلم و انا فى سبيلى لمشاهدة الفيلم انى سأشاهد فيلم مختلف و لكن لأنه داوود عبد السيد حيث لا يمكن ان تتنبأ بخطواته كانت المفآجأة أكبر من أحتملها و الإختلاف صادم . بداية الفيلم ( السكندرية ) مذهلة ، انا سكندرى المولد و النشأة و مشهود لى بين أقرانى بأنى ( مافيش فيكى يا اسكندرية خرم إلا و عارفه و لا منطقة و لا مبنى و لا أثر و لا مطعم و لا شارع إلا وعارفه ) لففنى داوود اسكندرية بكاميرا مبهرة و كادرات عجيبة و الراوى يقول " مدينة فيها ريحة زمان " البحر العاصف اللى بيلعب بالسفينة زى القدر ما بيلعب بينا و كل واحد فاكر انه بيعمل اللى فى دماغه و لكن فى الحقيقة بيؤدى دوره بمنتهى الإتقان الفيلم بتخرج منه و انت مش فاهم و مش عارف و فى نفس الوقت دماغك شغالة تفكير ... الفيلم عن الحب و الوجع و الفراق ، عن الآخر الذى لم نعد نقبله و إذا أردنا قبوله نريد ان نغيره بما يتوافق معنا ، الفيلم عن رأس المال المتوحش اللى بقى بيدوس على كل حاجة فى مصر و مش مهم الناس و لا حياتهم و لا ذكرياتهم ، مش مهم الجمال و لا روح الحياة المهم المال و المال فقط . قد لا يكون للفيلم قصة واضحة لأنه فيلم " حالة " بيمر على جزء من حياة بعض البشر اما الحوار فكعادة داوود من ابدع ما يكون الفيلم كما قال كثير من النقاد يوحى أكثر مما يشير يثير الخيال و التفكير له ألف تأويل و تأويل . التصوير المدهش للفيلم لمدير التصوير الواعد أحمد المرسى و الذى يعمل للمرة الأولى كمدير للتصوير بعد أن كان ستيدى كام و مصور فى روائع مثل " أحلى الأوقات " و " احكى يا شهرزاد " و " ملك و كتابة " كما ان هندسة الصوت كانت أكثر من بارعة لمهندس الصوت جمعة عبد اللطيف . اتصدمت فى هذا الفيلم فى إثنين منى ربيع المونتيرة كنت أتوقع مونتاج أجود من هذا بكثير و ليس مثل هذا القطع الحاد و موسيقى الدكتور الكبير راجح داوود لم أكن منتظر بعد 20 سنة أن تأتى موسيقى " رسائل البحر " نسخة معدلة من موسيقى " الكت كات " أداء الممثلين كان غير مألوف بالمرة رغم أننا راينا منهم ابداعا ً قبل ذلك آسر ياسين يصعد سلم المجد بتؤدة و ثقة بسمة اكتشاف يسرى نصر الله فى " المدينة " تثبت أنها ممثلة عتويلة بطاقات جبارة محمد لطفى أثبت أن دوره فى " كباريه " ليس صدفة بل و قادر على تقديم الأقوى كما فعل فى " رسائل البحر " صلاح عبد الله الأستاذ أستاذ مشهدين فقط و لكن يدرسوا فى معهد السينما اشكرك يا استاذ داوود للحالة المزاجية التى أوصلتنى لها بعد مشاهدتى للفيلم و أشكرك على مثابرتك الدائمة على صنع سينما مغايرة تضاحى بل و تنافس اقوى السينمات العالمية.