الاخوان يردون على وحيد حامد : ''الجماعة''.. دراما هندية أم أمنية؟!

  • مقال
  • 03:35 صباحًا - 15 اغسطس 2010
  • 2 صورتين



صورة 1 / 2:
مشهد من المسلسل
صورة 2 / 2:
مشهد من المسلسل

فى موقعهم الإلكترونى على شبكة الانترنت ، حرصت جماعة الاخوان المسلمون على الرد على السيناريست وحيد حامد و مسلسل " الجماعة " الذى يدور حول نشأتهم و قصة حياة مؤسس الجماعة حسن البنا فى مقالة حرص كاتبها هشام حمادة على التعليق حتى على تفاصيل كل حلقة على حدة و بدورنا نقدمها لزوار و أعضاء موقع السينما . كوم .

منذ بداية الحلقة الأولى من مسلسل الجماعة الذي ألَّفه وحيد حامد يتضح أن المسلسل يعكس وجهة نظر النظام والأمن تجاه جماعة الإخوان المسلمين، فهو يتبنى نهج إظهار الأمن بصورة رجال لُطفاء مسالمين يتحرون عدم الصدام ويعاملون أفراد الإخوان الجانحين نحو استخدام العنف أفضل مما تعامل الأم وحيدها كما يظهر برومو المسلسل نحوًا من ذلك وتشير مشاهده المختارة إلى تحذير المجتمع من عنف الإخوان، وكذلك اتجارهم بمعاناة الناس، وأنهم يفسدون الدين بالسياسة والسياسة بالدين، وكأن السياسة كانت ملائكية نزيهة ومبرئة حتى هبط إليها الإخوان.

الحلقة الأولى

في الحلقة الأولى تقدم لنا شخصيتين أساسيتين, شخصية وكيل نيابة أمن الدولة التي اجتهد المؤلف في وسمها بدماثة الخلق والعاطفية والعقلانية والتواضع مع الناس والرحمة بالمتهمين، وستسير بعد ذلك الحلقة الثانية؛ حيث تصفه الأحداث بالعدالة غير المسبوقة عندما يقرر أن يعيد شقة مستأجرة بإيجار قديم إلى مالكها، ولكنه لأسباب عاطفية تربطه بذكرياته ووالديه (هكذا لزوم الشخصية البطولية المكتملة) يستصعب الأمر فيقرر أن يشتريها من مالكها ويعوض ابنه بثمنٍ باهظ ليشتري به شقةً في الغردقة؛ حيث يعمل (يا سلام.. عمر بن الخطاب في ثوب عصري.. ثوب وكيل نيابة أمن الدولة)، وهكذا تتصف شخصية وكيل النيابة بالعدالة المطلقة، وهو أمر يحسب لذكاء وحيد حامد الدرامي لخدمة هدفه النهائي؛ حيث سيقوم هذا الشخص الأسطوري في عدالته بالتحقيق مع طلاب الإخوان فيتعاطف المشاهد مع عدالته وحكمته، وفي النهاية مع قراراته التي سينطق بها المؤلف على لسان هذه الشخصية مهما كانت قسوتها ومجافاتها لحكم الناس.
الشخصية الأساسية الثانية التي تظهر في الحلقة الأولى هي شخصية أحد قيادات الإخوان والذي يمتلك "سوبر ماركت"، وحيث يقرر أن يعيد عرض المنتجات الدنماركية التي سبق أن قاطعها إلى متجره مرةً أخرى لأن "الجو قد هدأ" على حسب تعبيره، وهنا تقدم قيادات الإخوان على أنها شخصيات انتهازية منافقة منذ بداية الحلقات، وحيث تقع المفارقة؛ حيث المجتمع يقرر مقاطعة مَن أساءوا للرسول عليه الصلاة والسلام، بينما الإخوان يعيدون منتجاتهم للأسواق، وهكذا يتضح كم الكذب المتوقع في هذا المسلسل.
ولا تفوت الحلقة الأولى بعض المشاهد المرسومة بدهاء شديد فلقاءات قادة الجماعة تتم في المطاعم التي يمتلكونها، وعلى كميات هائلة من اللحوم والكباب.. طبعًا وحيد حامد يعلم أنه يخاطب عاطفة شعب جائع، وإن لم يذكر مَن أجاع هذا الشعب، ثم تدَّعي الحلقة بعد ذلك بدء طلبة الإخوان باستخدام العنف في الجامعة والاعتداء على الطلبة الآخرين، والحقيقة المؤكدة أن أجهزة إعلام النظام المصري لم يسبق لها رغم الآلة الإعلامية العملاقة التي تمتلكها أن أخرجت إلى شاشة تلفاز أو صفحة في جريدة ولو لمرة واحدة حتى عرض هذا المسلسل طالبًا جامعيًّا واحدًا اشتكى من أن طلبة الاخوان اعتدوا عليه بالسلاسل والعصي كما ادَّعت الحلقات الضالة المضلة، وما كان النظام ولا إعلامه المتحفز أن يفوت مثل هذه الفرصة.
أما ما يحدث فعلاً فهو أن الأمن يُدخل شبابه ومخبريه المدربين بلباسٍ مدني ليعتدي على طلبة الإخوان داخل الحرم الحامعي، وقد عرضت كثير من هذه الأفلام والصور الحقيقية على اليوتيوب والفيس بوك، ولكن وحيد حامد لديه هدف وخطة يصرُّ على بلوغها.

الحلقة الثانية

تستمر الحلقة الثانية في العزف على وتر عدالة ومثالية شخصية وكيل نيابة أمن الدولة؛ تمهيدًا لكونه الناطق بالحقائق فهو يتعامل مع الناس بأدب جم وتواضع شديد وعدالة مطلقة ورحمة بينة.
يبدو أن وحيد حامد نسى حرفيته أو تناساها واستدعى هذه الشخصية من فيلم هندي.. تُرى لو أنه قرر أن يستخدم شخصية وكيل نيابة أمن الدولة في مسلسلٍ آخر لا علاقةَ له بالإخوان, كيف سيصورها وإلى أي حدٍّ سيكون الاختلاف؟!!
يأتي بعد ذلك تصوير العرض الرياضي لطلبة الأزهر، والذي كانت جريدة (المصري اليوم) قد أعلنت عنه وضخمته، ومن دون جميع المساجلات التي وقعت بين النظام والجماعة يتم إلقاء الأضواء على هذا الحادث العفوي لغرضٍ في صدر حامد.. وهنا تقع مغالطات كثيرة, أولها أن المسلسل يُسمي العرض بالعسكري رغم أنه كان عرضًا رياضيًّا لم تظهر فيه أي أسلحة.
ثانيها أن الملابس التي استخدمت في العرض (اللثام والزي الأسود الخاص بحماس) استخدمت مرات عديدة من قبل في عروض مشابهة لمناصرة المقاومة في غزة، ومع ذلك تقدَّم الطلاب الذين تبنوا تنفيذ هذا العرض إلى أجهزة الإعلام بالاعتذار عن الإخراج غير المناسب للعرض الذي كان جزءًا من مهرجان حاشد خُطط له بخبرة الطلاب المحدودة وغرارتهم، وبالطبع لم يتبن المسلسل إلا وجهة نظر الأمن.
مغالطة أخرى يُقدمها وحيد حامد عندما يُداهم الأمن مساكن الطلبة بالمدن الجامعية ويستخرج منها السيوف والخناجر والأسلحة، وهو تلفيقٌ محض إلا إذا كانت مرجعية وحيد حامد الوحيدة في كتابة المسلسل هي تصريحات الأمن للإعلام لتبرير ما يصنعون بشباب الإخوان، كما يتجاهل أيضًا المؤلف أن طلاب هذا العرض الرياضي كانوا من طلبة كلية التربية الرياضية، وأن هذه التدريبات هي جزءٌ من دراساتهم وتدريباتهم العملية.
مغالطة أخرى يعلم مؤلف المسلسل أول مَن يعلم بكذبها، وهي تلك المعاملة التي يصورها المسلسل من قِبل ضباط أمن الدولة لضيوفهم من شباب الإخوان، فالطالب يجلس على كرسي وجهًا لوجه أمام وكيل النيابة ودون غماءة على عينيه ودون مخبرين يقفون من وراءه كالمعتاد يوجهون له الضربات مع كل سؤال، ودون تعذيب أو تعليق أو كهرباء، بل الغريب أن الضابط يعرض على الطالب وأثناء التحقيق مشروب الشاي ويطلبه له، والأغرب أن صوت الضابط كان هو الأخفض والأهدأ وصوت الطالب كان هو الأعلى والأكثر استفزازًا؛ حتى إنني خشيتُ أن يقوم هذا الطالب من مقعده المريح ويوجه "زوج من الصفعات" نحو الضابط، طبعًا يحدث هذا في مقر أمن الدولة بدولة مصر، وهو ما يؤكد أن عناصر إلهام وحيد حامد في هذا المسلسل كانت أمنيةً بحتةً ولم ترق حتى أن تكون من الأفلام الهندية.
يتضح هذا أيضًا في مشهد التعليق على الأحداث لأجهزة الإعلام، فممثل الأمن يتكلم بهدوء وراحة وابتسامة ترتسم على وجهه، أما مسئول الإخوان فيتكلم بعصبية شديدة وتجهم وتهديد ووعيد (لزوم كراهية نمط الشخصية).
طبعًا يسبق هذه الأحداث الجو التآمري الذي تصوره أحداث المسلسل سواءً في نقل التعليمات أو لقاء قيادي الجماعة مع أفرادهم من همسٍ وتخفٍّ وكلامٍ عبر الظهور المدبرة لبعضها مع أن قيادات الإخوان في كل مدينة معروفة بالاسم، ولا تحتاج أن تتخفى، بل إن القيادات والأفراد يلتقون على قمم الشوارع، وأمام أعين الناس يتصافحون ويتبادلون الحديث بلا ريبة ولا تخفٍّ.. فهل يطمع وحيد حامد ومصادر إلهامه ألا يصدق الناس ما يرونه، وأن يصدقون ما لم يروا أو يعرفوا؟!!.
ولا يفوت المؤلف طبعًا أن يتكلم مرشد الإخوان عن ضرورة استعراض القوة، وعندما يسأل لماذا فقط سيتم الاستعراض في جامعة الأزهر دون باقي الجامعات يرد بأن جامعة الأزهر فصلت خمسة طلاب من الإخوان.. هكذا!!! ألم يفصل العشرات في الجامعات الأخرى؟!! وهل يخاطر مكتب الإرشاد بمثل هذا الصدام ويديره لأجل هذا السبب ويتجاهل أحكام بالسجن طويلة على قياداته وعلى سقوط شهداء من صفوفه على يد الأمن نتيجة التعذيب وسوء المعاملة (أكرم زهيري ومسعد قطب)، وعلى شطب المئات من مرشحيه في انتخابات المحليات، وعلى تزوير فاضح في الانتخابات يستدعي اعتقال الآلاف من أعضاء الجماعة.
الغريب أن كاتب المسلسل لم يشرْ إلى أي من هذه الأحداث في مشهدٍ واحدٍ حتى الآن ليبرر الصراع دراميًّا بين الجماعة والنظام إلا إذا كان وحيد حامد ينوي أن يصنع دراما إغريقية قديمة على اعتبار أن الإخوان هم قوى الشر بالطبيعة، وأن الأمن هم قوى الخير بالطبيعة!!
لا يفوت المسلسل كذلك أن يقوم مخرجه باستعراض مائدة الطعام التي سيلتهمها أعضاء مكتب الإرشاد بعد الاجتماع، وهي مائدة مستوحاة بضخامتها كذلك من فيلم هندي أو ملحمة إغريقية.. طبعًا لا يفوت المسئول الهندي- أقصد الأمني- في مقرِّ أمن الدولة أن ينبه على ضباطه أن يحققون مع طلاب الإخوان بلطف ويؤكد عليهم "مش عايزين حد يزعل منهم".. يا سلام.. مصر بخير يا وحيد.



تعليقات