''يلا بينا تعالوا'' .. قراءة فى سينما داوود عبد السيد

  • مقال
  • 11:25 صباحًا - 2 مايو 2011
  • 1 صورة



داوود عبدالسيد

هى محاوله على استحياء للأقتراب من شخصيه داوود عبدالسيد وفك شفرته الخاصه فمن الصعب ان أكتب عن شخص يهوى اكتشاف نفسه بين الحروف والكلمات، فالكتابه تمثل له طقس من طقوس الحياه وفن ملامسه الأخرين ولعل حلمه الاول كما صرح هو ان يصبح صحفى وليس مخرج، فدواود عبد السيد كاتب للسيناريو بدرجه أديب ومخرج بدرجة فيلسوف, ويبدو لى شغف داود عبد السيد بالكتابه فى سن مبكره اول مفتاح لفك شفره هذا الرجل فجميعنا يكتب لأسباب مختلفه لكن داود عبد السيد يفكر بالكتابة، يواجه مخاوفه الشخصيه بالحروف والكلمات يقترب اكثر من نفسه ليكتشفها ثم يتلمس بين حروفه الاخرين ويتسلل اليهم ,,نعم هذه هى هوايته الاولى وسر موهبته رغبته فى اكتشاف الاخرين,, فهو يريد ان يتنفس أكثر من حياه فى نفس واحد يجمح بخياله ليحتوى الكون بأكمله فهو يشعر انه اكبر من هذه الحياه التى تسكنه,,,,, ولعل هذا هو لب موهبة داود عبد السيد فهو يتسلل اليك من حيث لاتدرى، يؤثر فى مشاعرك ويتركك فى حاله لا تسطيع وصفها او تفسيرها، حاله أشبه بالسفر عبر الازمنه، ينتزعك من عالمك ليبحر بك الى عالمه السينمائى، فهو مؤمن بقدره هذا العالم السحرى على لمس شىء بداخلك,, كما حدث معه شخصيا فهو كما ذكرت كانت امنيته ان يصبح صحفيا ولكن عندما دعاه احد اقاربه لمشاهدة تصوير احد الافلام فى استوديو جلال حدث ذلك التحول السحرى، كأنه وجد ضالته التى يبحث عنها منذ زمن او كأن نداهة السينما جاءت لتوشوش له فى اذنيه وتغويه بسحر ذلك العالم وتناديه اليه فأصابه ذاك المس السينمائى,, فاذا بذلك الشاب ذو السته عشر ربيعا يخرج وهو عازم على دخول معهد السينما , ليتخرج من قسم الاخراج عام 1967.

محمل بذلك الزخم الفكرى والفلسفى والمس السينمائى الذى وجد به ضالته لتوصيل تلك الافكار والتساؤلات والحيره التى تملؤه ، عمل فى بدء حياته كمساعد مخرج ولكنه ابدى كرهه لتلك المرحله فهو لايستطيع ان يمنح كامل تركيزه لاعمال غيره فهو يريد اعماله الخاصه به التى تعبر عن افكاره ويلامس بها الاخرين، فاتجه الى السينما التسجيليه ، حيث حلق فى رحابها بعيدا عن الضغوط الماديه، فهو لا يسعى الى الكسب المادى مدى سعيه الى التعبير عن ذاته .
واخرج من خلالها افلام اجتماعيه تسجيليه مثل " وصيه رجل حكيم فى شئون القريه" و"التعليم" عام 1976ثم " العمل فى الحقل" 1979 و"عن الناس والانبياء والفنانين" 1980 ، والتى استطاع من خلالها اكتساب خبره التعامل مع الكامير،ا والتخلى عن خجله وخوفه والقرب من المشاكل الاجتماعيه للبسطاء لكنها لم تحقق له حلم التواصل مع الاخيرين بالدرجة التى يريدها و هنا قرر داود عبد السيد ان يبدأ مشواره فى السينما الروائيه بعد خمسه عشر عاما قضاها فى رحاب السينما التسجليه .

سينماه الذاتيه وشخصياته

تتجلى لنا فكره التعبير عن ذاته وملامسه الاخرون فى معظم افلامه ,,حيث تحمل توقعيه ككاتب للسيناريو و تنتمى الى سينما المؤلف وتندرج تحت مسمى السينما الذاتيه بل هناك افلام بعينها تخفى هو وراء ابطالها ومنحهم روحه كشخصيه يوسف النجار التى اداها شريف منير فى فيلم الكيت كات وشخصيه المواطن التى اداها خالد ابو النجا فى فيلم مواطن ومخبر وحرامى وشخصيه يحيى المنقباوى او يحيى ابو دبوره التى اداها احمد زكى فى ارض الخوف واخيرا شخصيه يحيى التى اداها اسر ياسين فى رسائل البحروالتى تحمل الكثير منه كما صرح هو بذلك.

الكيت كات

يوسف فى الكيت كات مثل داود يعشق الكتب والتقافه ونلاحظ الكتب المنتشره فى انحاء غرفته البسيطه والتى تتسأل عنها جارته فاطمه الشخصيه التى ادتها عايده رياض عما اذا كان قد قرأها كلها وايضا يعشق الموسيقى والعزف، ويحكى فى احد اروع مشاهد الفيلم لفاطمه جارته عن حبه للعزف على العود وكيف عندما كان صغيرا اختلقوا قصه له ان العود يسكن به عفريت وان العفريت سوف يظهر له بمجرد عزفه عليه وانه فى احد المرات اخد سكينا ناغزا به قلب العود والعفريت ليقتله ثم احتضن العود واخذ يعزف وهو يرتعش لكن العفريت لم يظهر له بل اختفت مخاوفه وبعدها لم يفارق العود يديه فأخذ يعزف عليه ويدندن ويقلد والده الشيخ حسنى فيوسف مثل داود يواجه مخاوفه بالعزف كما يواجه داود مخاوفه بالحروف والكلمات ,, يوسف يعشق الكتب والتقافه والموسيقى كداود ويدور بخلده مئات من العوالم خطواته تكاد تسمعها فهو كمن يسير وهو طائر سابحا فى عالمه الخاص باحثا عن فضاء اوسع ليمارس به حريته ويتخلص من ضعفه وخجله وعجزه فيحلم بالسفر للخارج ليس سعيا وراء المال ولكن بحثا عن الحريه ,,يمارس الصيد ليمتد منه الصبر على أحواله يحتضن العود عازفا وينفجر بالضحك فى عز بكائه.

مواطن ومخبر وحرامى

اما شخصيه المواطن التى اداها خالد ابو النجا فى فيلم مواطن ومخبر وحرامى هى اوضح تلك الشخصيات شبها بداود فهو كاتب يعيش فى فيلا تمثل عالمه الخاص الذى تنبعث منها نغمات الموسيقى الكلاسيك وتملىء الكتب اركانها وتتناثر بعض اللوحات والتماثيل العاريه فى زواياها هذا الكاتب ذو الافكار المتحرره يبدع فى روايه حاكيا فيها عن علاقه حب امراه برجلين كاسرا احد التابوهات، ولكنه يطارد برقابه الدوله الممثله فى المخبر, الذى يراقب تصرفاته ويتدخل فى حياته الخاصه بزريعه الناصح والمرشد لما ينبغى ان يتبع وقد مثل دواود تلك الرقابه والتدخلات من جانب الدوله فى شخص المخبر دلاله على بوليسيه الدوله واخضاع اجهزتها الامنيه لمراقبه المبدعين وارهابهم اذا تجاوز الامر لكسر التابوهات والتحدث بحريه ربما هى مشكله عانى منها داود شخصيا كما ان المواطن ايضا يصطدم بالحرامى ووجهة نظره فى روايته بانها روايه لم يذكر فيها موضع صلاه او ذكر للله وجميع ابطالها يمارسون انواع مختلفه من الفساد فهى روايه تدعو للفساد ولذلك اصدر عليها الحكم بالاعدام حرقا,,, شخصيه الحرامى التى اسندها بذكاء داود للمغنى الشعبى شعبان عبدالرحيم تمثل نظره فئه تربت على فساد الذوق العام ذات ثقافه سطحيه وتتبنى وجهة نظر دينيه ضيقه للحكم عن الفن, ومثلها بتلك اللقطه التى يدخل فيها الحرامى فيلا المواطن ويسرقه فيجد ذلك التمثال العارى فماكان به الا ان يغطيه بقطعه من القماش ويتركه ويذهب وقد شوه معناه الجمالى وايضا حمكه على الروايه بانها فاسده واحراقها ويتعاطف داود مع ثوره المواطن على الحرامى فيجعله يفقىء عينيه تلك العين التى نظرت لعمله الابداعى بتلك السطحيه والتشدد لدرجه احراقه, وشبه داود تلك الفئه بالحرامى دلاله اولا على فساد اخلاقها الشخصيى وسطحيتهاوتضاربها مع تلك الاحكام الاخلاقيه التى تنظر بها لما حولها كما انها دلاله ايضا على تلك الفئه التى تربت فى عصر الانفتاح الذى تكاثر فيه النصب باسم الاستثمار وانتشرت فيه ظاهرة النظره الدينيه للفن التى تجعلها تصادر وتسرق احلام المبدعين ولكن داود جعل الاحداث تستمر ,بتعايش المواطن مع المخبر والحرامى وينسياق لارضاء تلك النظره ولكنه ايضا يعترف انه لن يبدع مثل تلك الروايه التى كتبها بعيدا عن الرقابه والتحفظات تلك الروايه التى تعبر عن اراءه , ويختم داود فيلمه بدعوه كل من المواطن والمخبر والحرامى لتفهم بعضهم أكثر فهم يعيشون فى وطن واحد ويجمعهم مصالح واعمال مشتركه وربما تزوج اولادهم رغما عن انفهم فلا يضر قليلا من التفاهم والحوار" وفيها ايه لو نبقى الكل واحد ونلخبط الاسامى" هذا ما دعى له داود فى النهايه ,,بعض التفهم

ارض الخوف ورسائل البحر

يترك داوود خجله ومخاوفه مع يوسف ومشاكله مع الفن والابداع وتلقيه ومدى الرقابه عليه مع المواطن ويفسح المجال لذلك الجانب الفلسفى منه لتخرج اعمق شخصايته واكثرها فكرا" شخصيه يحيى فيبث اليه تلك الحيره التى تراوده كلما تأمل الحياه ويهمس فى اذنيه بتساؤلات حول الحياه واصلها ,,الانسان وعلاقته بخالقه هل نحن مخيرين ام مسيرين من اين بدأنا والى اين ننتهى, يشطح بخياله وتساؤلاته فترتد اليه حائرة خائفه بلا اجوبه فيبقى هو كمن يحيى فى ارض الخوف
يحيى هنا هو يحيى المنقباوى ضابط بوليس يمارس حياته المعتاده ولكنه يكلف من جهة امنيه بانه سوف يذرع وسط تجار المخدرات سوف تخلق له حياه مختلفه اكثر فسادا عن حياته المعتاده وسيكون له اسم حركى يراسلهم به وهو ادم وهنا دلاله واضحه بان داوود يشبه يحيى بسيدنا ادم وقبوله لتلك المهمه ان يزرع وسط تجار المخدرات فى ارض الخوف بنزول سيدنا ادم الى الارض بفسادها ومتاعبها وترك الجنه فنجد يحيى المنقباوى مد يده الى تلك التفاحه التى قدمها له رئيس تلك الجهة الامنيه وقضمها وهو يوقع على الاتفاق ان يزرع كيحيى ابو دبوره ويعيش تلك الحياه المليئه بالمخاطر ونتابع يحيى ابو دبوره فى رحلته وسط تجار المخدارات مع كل تلك الرموز والاسقاطات التى شبها برحله ادم الى الارض ويظل دوواد يطرح اسئلته على لسان يحيى ابودبوره كما لو كان يتمنى ان يتلقى اجابه ويشير فى احد المشاهد الى حاجته الى انبياء ورسل لكى يوجه اسئلته اليهم لعلهم يريحوه من تلك الحيره ومع فشله فى استرداد حياته السابقه وانكار ظابط البوليس عمر الاسيوطى تلك الشخصيه التى اداها عزت ابو عوف الذى يطارده باعتباره تاجر مخدرات له بالرغم من ان يحيى قد اراه عقد المهمه والتكليف وهنا يشبه داوود ذلك الظابط بابليس وتنكره لادم عند المواجهة بينهم بخلاف مطاردته له فى ارض الخوف ومع كل هذه التساؤلات التى ترتد اليه بلا اجوبه وتتركه فى خوف يقرر داوود ان يذهب بيحيى من ارض الخوف الى رسائل البحر، ماذا لو كف يحيى عن تلك التساؤلات وارسال الرسائل التى لايجيب عليها احد ويبدأهو ان يتلقى الرسائل ويفهمها فيبدا داوود فيلمه رسائل البحر

يحيى الذى بدأ يشعر بحريته عندما قرر ان يعيش بمفرده فى بيت العائله القديم الملىء بالذكريات يحيى هنا يريد ان يكتشف الحياه بنفسه ويتواصل مع الاخرين لكن تمنعه تلك التهتهة الملازمه له وتستمر المفارقات فى حياته فهو لا يعمل طبيب لان التهتهه تعيقه عن عمله وتجلب له سخريه المرضى وزملائه فاتجه الى البحر يعطيه رزقه، ولكن المفارقه انه عندما يكون لايحتاج يعطيه رزقه وعندما يكون جائعا يبخل عليه فنرى فى احد المشاهد يحيى وهو يواجه البحر بهذا فيرد البحر بنوه وتثور امواجه وويبقى يحيى يضنيه الجوع فيرتمى على شاطئه فيفاجأ برساله جذبتها امواج البحر اليه فياخذها محاولا فك رموزها وقرائتها ولكنه لايفهم مابها ولا كل تلك اللغات المختلفه التى استعان بها استطاعت ان تفسر الرساله فبيقى شغوفا بمضمونها ولكنه لايفهمه,,,,,

داود عبد السيد يمارس هنا لعبته المفضله فى استعمال الرموز والاسقاطات فهذه الرساله التى القى بها البحر الى يحيى والتى أتخذ منها داود اسما للفيلم هى رساله يريد بها البحر الذى جعله داود يرمز الى الله ان يخبر يحيى بشىء وبرغم فضول يحيى ليعرف ماتحويه فهو لا يجد لغه تفسرها وهذه الرساله هى احد الرسائل الكثيره التى تلقى اليه ولا يفهمها فحياته مليئه بهذه المفارقات التى تقابله يتعرف يحيى على قابيل الذى يعمل حارس لملهى ليلى ويخيفه فى البدايه ولكن عندما يقترب منه اكثر نكتشف انه اخذ عهد على نفسه بان لا يؤذى احد حيث ان لايستطيع ان ينسى نظره من مات متاثرا بضربه وكانه يعاتبه,,,,,,

يحيى ايضا ورث عن داود عشقه للموسقى وفى احد المرات تخترق اذانه عزف يأثره فيقف فى الشارع ويبدى اعجابه بالموسيقى وعازفها الذى يتمنى ان يراه ولكنه لايعرف من هو فياتى كل ليله ليتمتع بتلك التغمات الغامضه ثم يمضى فى طريقه,,,,,,, تظهر نورا فى حياته متقمصه دور المومس ومع ذلك هو يعاملها بلطف ويتعلق بها وفى كل مره يريدها ان تبقى بجواره تؤكد له انها ليست ملكا لرجل واحد بل تروى له حكايات عن علاقتها بالرجال تجعله يسد اذنيه من كثره ذلك الالم الذى يشعر به وعند ما يعطيها المال تقول له ان علاقتها معه ليست اساسها الفلوس يتردد قليلا ولكنه يقرر الارتباط بها وتقرر هى ان تختفى من حياته أخذه معها تلك الموسيقى التى أثرته بنغماتها ويظل يبحث عنها وعن تلك الموسيقى التى اختفت من حياته والتى لم يفهم كيف ظهرت أو لماذا أختفت,,,,, انها تلك الرسائل التى لا نفهمها والتى نود ان نعرف مضمونها ولكنه بعيدا عن ادراكنا وايضا يستخدم داود متلازمه التضاد او التكامل فى العلاقات فيحيى الذى يريد ان يعيش حياته بمفرده ويشعر بحريته مكتشفا نفسه يلتقى بنورا التى تتقمص شخصيه اخرى لتهرب بها من حقيقه تؤلمها من شخصيتها الحقيقبه ,,,,وقابيل المحمل بالذنب والخوف من الوقوع فى الخطيئه مره اخرى يلتقى ببيسه فتاه اليل التى تحترف الخطيئه وخلال رحله يحيى لاكتشاف نفسه يرفض الرضوخ لاطماع التاجر الفاسد الذى يتقرب اليه قائلا انا مثلك صياد ولكنى اصطاد السمك بالديناميت
ونجده يرفض اغراءته التى يعرضها عليه فى محله التجارى للاستيلاء على بيت العائله الذي يمثل ذكرياته ولا يقرب تلك التفاحه التى قدمها له ، وتستمر المفاجأت فتعود نورا اليه متحرره من تلك الشخصيه التى تقمصتها ومن زوجها تعود خالصه اليه الى الشخص الذى اشعرها بانها مرغوبه لشخصها وتقبلها على ماهى عليه استطاع ان يفهم تلك النغمات الاثره التى تعزفها ونجد فى اخر مشهد يحيى ونورا وهما في البحر بكل تلك الرسائل التى ارسلها الى يحيى ،وهو يقول انه قد عرف من يعزف الموسيقى ولكنه لم يعرف ما تحويه الرساله فترد عليه نورا بان لا يهم ان يعرف ما بالرساله المهم ان البحر بعث له برساله فينظر اليها وتمضى بهم المركب المحاطه بالسمك الميت من اثر الديناميت.
نعم لا يهم ان نعرف ماتعنيه تلك الرسائل والمفارقات التى تلقى الينا قد لا نستطيع ان ندركها بمفهومنا ولكنها حتما فى صالحنا حتما ستجعل مركبنا المحاط بالسمك الميت الذى يرمز الى الفساد ستجعله يتجاوز ذلك ويستمر فى طريقه المهم ان نعرف ان حياتنا تحوى الكثير من الرسائل المرسله خصيصا الينا انها روعه تلك الحياه وغرابتها كل ماعلينا هو ان نتستقبل تلك الرسائل ونتقبلها على ماهى علي، انها رسائل داود عبد السيد التى يبعث لنا بها فى افلامه، والتى علينا ان نتأملها ونتأمل تلك الحياه معها.

جرأه مشاهده وحسيتها

جرأه المشاهد التى تصور العلاقه عند داود نابعه من كونها صادمه لنا تظهر مانحاول ان نخفيه من رغبه فبين ثنايا زخم الافكار والثقافات المختلفه التى يتأثر بها داود ، يوجد ذلك الاحترام للرغبات وتفهمه للغرائز فهو لايخجل منها و ليس بالذى يصدر احكاما اخلاقيه على ابطاله بل يترك لهم العنان فى التعبير عنها ويشفق عليهم من الهرب منها او محاوله كبتها ففى احد مشاهد مواطن ومخبر وحرامى تحكى هند صبرىأو حياه التى اعطاها هذا الاسم اشاره الى حواء، حلم راودها واشعرها بالخوف عن سيده عجوز تدق عليها الشباك والباب مناديه باسميها بصوت مخيف تبتعد عنها محاوله سد اذنيها لكى لاتسمع صوتها، ويزداد خوفها الى ان يخفت ذلك الصوت وعندما تفتح الشباك تجد سيدها الذى تعمل عنده ، هذا الحلم اشاره الى الرغبه التى تراودها تجاه شخصيه سيدها.

وفى فيلم الكيت كات نجد شخصيه فاطمه التى تركها زوجها تعانى الوحده وسط بيت يعج بالاخوات لكن لا احد يشعر بها وهى ترفض ان تسافر الى غربه اخرى اكبر وتشعر انها سوف تموت لو فعلت ذلك نجدها تتتجه بتلك الرغبه الناطقه فى عينيها وحراكتها الى يوسف ذلك الشاب المثقف الذى لم ينظر اليها كباقى الشباب المحيط بها لم يتتبعها بنظره مثلهم تتجه اليه خصيصا لتؤكد على انوثتها وليس اشباعا لرغبتها فهى تريده ان يتكلم معها يتحسس مشاعرها اكثر من اى شىء اخر وهى لا يهما نجاحه فى العلاقه ام فشله هى تجد سعادتها فقط من القرب منه بل تتوسل اليه فى احد المشاهد ان لايتركها بعد ان وجدته فهى تعرف ان ماريبطه بها هو فشله معها فاطمه مثال صارخ للانثى التى تريد فقط ان تشعر انها انثى ,, وفى رسائل البحر نجد شخصيه نورا وجها اخر لتلك الانثى التى يتخذها زوجها فقط للمتعه فنراها فى احد المشاهد تقرر ان تتبع ذالك المعجب بعزفها تتجه اليه متقمصه ذلك الدور الذى حبسها فيه زوجها

شخصيه مومس ,امراه للمتعه فقط تتجه الى يحيى حيث انه معجب بموسيقاه ولكنه لايدرى هى تريد ان تكشف ذلك الجانب الاخر منها والذى لايسمح لها زوجها فى اظهاره تريده ان تشعر معه بشىء اكثر من المتعه تبغى التواصل والاكتمال فهو بالنسبه لها تجربه فى زمن لايوجد به تجارب محاوله منها ان تشعر انها انثى كامله وتميزت تلك الشخصيه التى قدمتها بسمه بانها من اجرا شخصيات داود التى قدمها واكثرهم عمقا.
كما ان نظره داود عبد السيد للمراه تساعده فى ابراز جرأه تلك المشاهد وتميزه بها فالمرأه عند داود هى ذلك الاخر الذى يمتعه أ\اكتشافها نصفه الأخر المكمل له فينظر اليها تلك النظره الفلسفيه باعتبارها حواء اصل الحياه فتتدرج علاقته بها من الاكتشاف و المتعه والمؤانسه الى التعرى امامها والبوح بأسراره وكشف نقاط ضعفه وعجزه لتحتويه الى الاتحاد معها وتنفسها ، ليتحسسها تجرى بدماءه فيمتلىء بالحياه ويشعر بلحظه التكامل والقوه مره اخرى.

سينما داود عبد السيد قادره على انتزاعك من عالمك شرط ان تتخلى عن محظوراتك وتتحرر من تلك التابوهات التى تسجن نفسك بها,,, ان تفتح مسامك ليدخل اليها هواء ذلك العالم المشبع بالتساؤلات والحيره والشغف والرغبه فى التواصل مع الاخر بل الكون باكمله ان تكون قادر على استقبال رسائله,,, ففى كل عمل يقدمه لك داود عبد السيد يبعث لك بدعوه لعالمه كتب عليها يالا بينا تعالوا نسيب اليوم فى حاله وكل واحد مننا يركب حصان خياله ونهرب من النهارده ونهرب من االمكان ونطير مع نسمه طايره ونروح لايام زمان
يالا بينا تعالوا.



تعليقات