مستقبل السينما السياسية بعد الثورات العربية!!

  • مقال
  • 12:28 مساءً - 29 مايو 2011
  • 1 صورة



زكي في البريء

للمنطقة العربية وخاصة مصر باع طويل فى السينما السياسية بوصفها أداة فنية حاملة للهم السياسى العربى دون تعقيد إلى الجمهور البسيط و إلى الغرب ايضاَ و قد عانى الفنانون السياسيون أشد معاناة من الآنظمة العربية التى كانت ترى فى السينما و فى الفن بشكل عام أداة قمع فكرى للمعارضة و التنوير وسيلة فعالة فى نشر الإسفاف لتغيب العقل الجمعى عن المطالبة بالحقوق المشروعة ,و لذلك لم تكن مفاجأة عندما كشفت التحقيقات التى يقوم بها النائب العام المصرى د\ عبد المجيد محمود عن تورط الكثير من رجال الآعمال فى عمليات غسيل أموال عن طريق صناعة السينما فيما يسمى بمزواجة الفن بالسلطة و المال
و على ذلك فإبتعدت السينما المصرية عن تقديم الفيلم السياسى بمفهومه الناضج إلا فيما ندر و ساد الإسفاف و الإبتذال و سينما التغييب التى تقوم على الإفيهات اللفظية و القليل من الرقصات و الآغانى و الكثير من مشاهد العرى غير مبررة على الإطلاق و إنقسمت الافلام السياسية إلى مشاغبات تكتسب أرضاً من فيلماً إلى أخر قاصرة على أناس بعينهم و أخرى أفلام دعائية تمجد النظام الراهن و تضعه فوق مستوى النقد و ترفعه إلى مصاف الأولياء الصالحين و تنعت كل ماسبقه بتهم البطش و الظلم والفساد
فنجد أفلام تمجد الثورة و تسب الملك فى عهد جمال عبد الناصر بل و وصلت إلى تشويه أى مشهد فيه صورة الملك فى الآفلام السابقة على ثورة يوليو 1952 بأكثر الطرق بدائية عن طريق تشويه شريط الفيلم ذاته ونجد أفلام تتنقد جمال عبد الناصر و تصفه بالباطش الذى يعذب أصحاب الرأى و المعارضين له فى السجون فى عهد أنور السادات و أفلام تصف عصر السادات بعصر الفساد و عصر إنتشار التخلف و بزوغ التيارت المتطرفة فى عهد مبارك ,و كأن كل حاكم يعطى الحق للسينما السياسية فى التعبير عن نفسها فقط فى حالة التعرض إلى من سبقوه و البعد عن سياسيته و شخصه بل و تمجيده فى بعض الآحيان فى عادة فرعونية أصيلة لمحو كل أمجاد السابقين و تمجيد الحاضرين .
و على ذلك عانى الفنانون السياسيون أصحاب القضايا و المبادىء القوية مواجهات قوية مع السلطة بدءً من تعسف الرقابة و منع أفلامهم من الخروج إلى النور أو تشويها مروراً بالنفى خارج البلاد إنتهاءً بالسجن أو النفى و من أمثلة الآفلام التى مازلت ممنوعة من العرض على شاشة التليفزيون الرسمى lمثل فيلم زائر الفجر ل ممدوح شكرى من بطولة ماجدة الخطيبو عزت العلايلي و سعيد صالحو فيلم البرىء ل عاطف الطيب الذى لا يعرض بنهايته الآصلية التى فيها يقتل المجند ( أحمد زكى ) السجان ( محمود عبد العزيز) و فيلم الكرنك و غيرها من أفلام و لعل من أبرز الآفلام السياسية الجريئة و التى تعتمد على الرمزية فى الطرح: شىء من الخوف \ المصير \ البداية \ فوزية البرجوازية \ النوم فى العسل \ شروق و غروب \ المخطوفة \ الهروب\ قهوة المواردى و هناك أخرى إختارت المباشرة كقالب صادم عنيف لفضح النظام السياسى مثل : الكرنك \ إحنا بتوع الاتوبيس\ البرىء\ كشف المستور\ هى فوضى\ ضد الحكومة\ معالى الوزير عمارة يعقوبيان\ دم الغزال\ زائر الفجر.

و من أبرز آفلام الدعاية السياسية
جواز بقرار جمهورى لمخرج خالد يوسف الذى يظهر فيه الرئيس بوصفه المواطن البسيط الذى يحضر فرح شعبيا و كذلك الحال فى طباخ الرئيس الذى يقدم لنا الرئيس بصفته البسيط المتواضع المغيب عن الشارع و مشاكله بينما ناصر 56 و أيام السادات الذى جسدهما أحمد زكى لإشباع رغبته فى التقمص مثالين واضحين لتبيض وجوه رؤساء مصر حتى لو كان ذلك بنية طيبة أما أفلام الجاسوسية و المخابراتية و الحروب فتصف النظم الشمولية بالذكاء الحاد و تنسب لهم التفوق على إسرائيل و العالم الغربى مجتمعاً فى سخرية من العقل العربى و كان أخرها فيلم ولاد العم للمخرج شريف عرفة .

السينما المستقلة و الهم السياسى
و كما ذكرت من قبل إستخدمت السلطة السينما و الفن عامة كأداة لتغيب العقول العربية و غسل أمول الفساد و نشر الإسفاف و لم يكون السوق السينمائى بمفهوم شباك التذاكر و الإيرادات و تحقيق المكاسب مستعداً بالتضحية بالمكسب المادى التجاؤى و إنتاج أو حتى عرض و تسويق فيلم سياسى ينقد النظام الحاكم فكان النقد مقصورا على أسماء بعينها و لحدود واضحة لا يمكن تخطيها و على ذلك لم يجد السينمائيون الجدد إن صح التعبير متنفساً سوى فى السينما المستقلة بوصفها مجالا لحرية التعبير دون أية إعتبارت سلطوية أو تجارية فهى لا تتطلب إنتاج أو دور عرض أو توزيع فهى تفعل كل ذلك بجهود ذاتية و تعرض فى المنابر الثقافية الغير تابعة للدولة و ترفع على مواقع التواصل الإجتماعى
و على ذلك نجد جرأة تحسب لآفلام من التيار المستقل مثل عين شمس ل إبراهيم البطوط الفيلم الذى تناول قضايا غاية فى الخطورة مثل المبيدات المسرطنة و الحرب على العراق و الفساد السياسى فى الإنتخابات و القروض و رصد بعين تسجيلية مشاهد لإحتجاجات 6 إبريل فى المحلة و عنف الشرطة فى قمع المتظاهرين بالقوة لاول مرة على شاشة السينما و كذلك نجد فى هليوبوليس ل آحمد عبداللهرصد لحالة ال لا غد و الشعور باليأس الذى يسيطر على المصرين كافة و يدفع بعضهم إلى الهجرة و بعضهم إلى الإستسلام إلى واقع و فقدان الأمل فى المستقبل
و كان النظام رغم مضايقاته لصناع السينما المستقلة كان يحقر من شأن صناع السينما المستقلة مشككاً فى أن تصل أعمالهم إلى الشباب أو إلى المجتمع و رغم ذلك نحجت تلك الآعمال بالمفهوم الفنى و السياسى و قدمت صورة واقعية لمصر فى المهرجانات و المحافل الدولية بل و حصدت الجوائز و التقدير أيضاً .

سؤال حول المستقبل ؟؟؟؟؟؟
بات من المؤكد أن السينما السياسية قد أزيل من أمامها الكثير من المعوقات و العقبات القمعية السلطوية و أصبح عليها أن تتفادى أخطاء الماضى و تلك العادة الفرعونية التى تشوه كل من سبق و لا تذكر له أية إيجابيات و تمجد فى النظام القائم و لا ترى فيه أى سلبيات نأمل فى سينما سياسية لا تغلب عليها القضية فتتحول إلى خطبة بلا جماليات فنية و لا يغلب عليها الهوى فتكون ثأر شخصيا على شاشة فضية بل نحملها الآن مسؤلية التأريخ الحيادى التأملى التحليلى لواقع الشعوب العربية فى مرحلة من أحرج مراحل التاريخ العربى المعاصر .

وصلات



تعليقات