''اكليشيهات'' زمن الفن الجميل (1) : الطب والسينما في حالة خصام

  • مقال
  • 11:32 صباحًا - 19 ديسمبر 2011
  • 1 صورة



عماد حمدي أنبل من قدم دور الطبيب

نردد جميعاً بلا إستثناء تقريباً عبارة "زمن الفن الجميل"، على سينما الأبيض والأسود كما يسميها البعض، قاصدون بها تلك السينما التي أنتجتها مصر ما بين الأربعينيات والستينيات،دون أن نبحث قليلاً خلف تلك العبارة، والتي يظن البعض أن معناها أننا أنتجنا أفلاماً عظيمة وهامة، ولكنها في الحقيقة لا تعني هذا، بل تعني أن السينما كانت صناعة قائمة تدر إلى مصر دخلاً يلي القطن مباشرة، أي في المركز الثاني، وبناء على هذا كان حجم الإنتاج ضخماً، مما يزيد من فرضية إنتاج أفلام جيدة.
أي بحسبة بسيطة إن كنا ننتج من كل 10 أفلام واحد جيد، فانتاجنا ل100 فيلم في العام يعطينا 10 أفلام عظيمة، أما بعد تقلص الانتاج في الثمانينات وما بعدها الى 13 فيلما في السنة، فلن نحصل إلا على فيلم واحد فقط.
ما تؤكده هذه النظرية أننا في الماضي أنتجنا عدد ضخم من الأفلام الغير جيدة، والتي تعتمد على سيناريوهات ضعيفة، وأفكار تافهة، وإخراج ضعيف، ولكن ما سنستعرضه هنا في تلك المرحلة هو "اكليشيهيات" السينما المصرية، تلك العبارات التي ارتبطت ببعض المهن، كتنميط بعض المهن في السينما، وهيئة ممثليها وطريقة أدائهم، دون إختلاف من فيلم لأخر على الرغم من إختلاف فريق العمل، وكذلك تثبيت نجم معين لدور معين لا يختلف نهائياً من فيلم لآخر، وسنبدأ تلك السلسلة بعلاقة السينما بمهنة الطب، والتي كانت علاقة سيئة للغاية، تبدو وكأن صناع السينما لا يحبون الأطباء، أو لا يمرضون أصلاًن لأنهم قدموهم بطريقة بعيدة تماماً عن الحقيقة.
يظهر أول "اكليشيه" ثابت في سينما زمن الفن الجميل وهو "احنا عملنا اللي علينا والباقي على ربنا"، والتي كانت تردد دائماً والطبيب خارج من غرفة العمليات، ثم عبارة "احنا ضحينا بالجنين علشان الأم تعيش" على الرغم من أن هذا يحدث دائماً والأم في حالة وضع، وهو ما يعني أن الطبيب قتل الوليدن لأن التضحية تكون في منتصف الحمل لأن بقاء الجنين يهدد حياة الأم.
وقد بدأت علاقة السينما بالاطباء في فيلم " الدكتور فرحات" سنة 1935 من تأليف واخراج توجو مزراحي وبطولة فوزي الجزايرلي و أمينة محمد و احسان الجزايرلي والوجه الجديد تحية كاريوكا، والذي يدور حول الدكتور حلمي اللي اكتشف ميكروب النومينيا، وخلاله يتم انتحال شخصية الطبيب ليقدمها خادم لا يجيد القراءة والكتابة، ليقدم مونولجاً ساخراً عن ألام الرحم عند الرجال.
وتستمر العلاقة الشائكة عندما تصدر السينما للرجال أن المرأة تخون زوجها دائماً عندما تكرر زيارة طبيب الأسنان، أو الخياطة، قبل أن تلجأ السينما إلى الطب النفسي لترسخ في عقل المشاهدين أن الطبيب النفسي ولابد أن يكون مجنوناً، وهو ما روجت له أفلام مثل اسماعيل ياسين في مستشفى المجانين، وهو ما جعل المصريون ينصرفون عن زيارة الأطباء النفسيين خوفاً ويأساً منهم.
أما الصيادلة فلم تهتم بهم سينما هذا الزمن، إن يبقى الفيلم الأشهر حياة أو موت والذي قدم فيه العظيم حسين رياض دور الصيدلي الذي أخطأ تركيب الدواء، وبسببه ترددت العبارة الشهيرة "إلى أحمد ابراهيم القاطن في دير الملاك، لا تشرب الدواء الذي ارسلت ابنتك في طلبه، الدواء فيه سم قاتل".
ولم تنسى السينما أيضاً مهنة التمريض فوضعتها في خانة واحدة مع الراقصات، فالمرأة التي تتأخر خارج منزلها تعمل ممرضة، أو راقصة، وفي الغالب هي راقصة تدعي أنها ممرضة، وهذا بالطبع غير أن الممرضة دائماً تحاول أن تتزوج الطبيب وتخطفه من زوجته.
ويبقى الفنان الكبير عماد حمدي هو علامة الضوء في العلاقة ما بين سينما زمن الفن الجميل ومهنة الطب، حيث قدم عدة مرات دور ذلك الطبيب الرحيم، صاحب العمل الوافر، الذي يتزوج عادة الممرضة في النهاية.



تعليقات