المقاطعة المستحيلة لأفلام السبكي

  • مقال
  • 01:13 مساءً - 20 اكتوبر 2013
  • 1 صورة



أفيش فيلم عش البلبل

مقاطعة أي سلعة أي كان نوعها تتطلب إما وجود البديل، أو قدرة المستهلك على الاستغناء عنها بشكل نهائي.

راجع كل الدعوات لمقاطعة البضائع الأمريكية على سبيل المثال ستجد أنها تبدأ قوية لكن سرعان ما تتراجع بسبب غياب البدائل المتاحة أمام المتحمسين الواثقين في قوة سلاح المقاطعة.

سلاح المقاطعة حاسم وقاطع بلا شك، والدليل الهزة التي أصابت الشركات الدنماركية عندما قاطع منتجاتها ملايين المسلمين إبان أزمة الرسوم المسيئة للنبي محمد.

رغم ذلك تظل المقاطعة ظرفاً وقتياً لا يستمر طويلاً، ويصبح الحل الأمثل كما في السطر الأول من هذا المقال هو وجود البديل.

بناء على ما سبق يؤسفني أن أخبرك بأن دعوات المقاطعة المتكررة لأفلام السبكي في مواسم الأعياد لن تجد شيئاً، والمستجيبون لها أصلاً لا يتابعون أفلامه، والجديد في هذا الموسم أن محمد السبكي يغيب تماماً عن شباك التذاكر، بينما شقيقه أحمد موجود بفيلم وحيد هو " عش البلبل"، أتكلم هنا عن الأفلام الجديدة وليست المستمرة من موسم عيد الفطر، أما فيلمي " القشاش" و" 8%" فليسوا من إنتاج السبكي.

بناء على المعلومة الأخيرة فإن مدرسة السبكي السينمائية بات لها فروعاً لا يسيطر هو عليها، ويمكن في الموسم السينمائي المقبل أن تطرح عدة أفلام على نفس الشاكلة ليست من إنتاجه، وقتها لن تخرج أصلاً حملة مقاطعة أفلام السبكي وسنحتاج لإطلاق اسم جديد عليها.

هل تساهم أفلام السبكي في زيادة التحرش والألفاظ المتدنية في المجتمع، وهل تنقل القبح إلى الشاشة، بدلاً من أن يتسرب من خلالها الجمال إلى الشارع، كل هذه قضايا خلافية يمكن أن تناقش حولها كل موسم، لكن الأكيد أن السبكي أو منتج أي فيلم من هذه النوعية يحتاج فقط إلى 50 ألف تذكرة لكل فيلم، على أساس أن متوسط سعر التذكرة 20 جنيه، فإيرادات الفيلم من شباك التذاكر ستتعدى 10 ملايين جنيه خلال أيام، وهو معادلة ستستمر في التحقق لأن قاطعي التذاكر هؤلاء يعرف السبكي كيف يخاطبهم جيداً، بالتالي إذا اتفقنا على أن مقاطعة أفلام السبكي مستحيلة وحتى لا نكون مثله نكرر الأغنيات والمواقف من فيلم لآخر، فلنتأمل سوياً الأفكار التالية للخروج من هذه الدائرة.

أولا: الوسط الفني المصري في أشد احتياج لاستمرار السبكي، لأن باقي المنتجين يمتنعون عن الدفع بأموالهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، هو وحده – أحمد ومحمد وأولادهما- متخصصون في نوعية من الأفلام لها جمهور محدد لا يقف للحظات أمام الانتقادات التي تواجهها هذه الأفلام، بل بات السبكي علامة مسجلة والدليل قيام شركة نيوسينشري والممثل محمد فراج بالسير في الاتجاه نفسه من خلال فيلم " القشاش"، وهو ما يؤكد أن الممثل الشاب محمد رمضان كان يستجيب بتلك الأفلام لطلب السوق الذي يحتاج لبطل شعبي يمثل هذه الفئة التي يتعامل معها أصحاب دعوات المقاطعة على أنها غير موجودة ولا تستحق أن يصنع من أجلها أفلام أصلاً.

ثانياً: يجب أن نعترف أن إنتاج السينما المصرية بشكل عام يصل نادراً للمستوى الجيد الذي يجمع ما بين الجودة الفنية ومغازلة تطلعات الجمهور التي لن تتغير بالمناسبة إلا لو قرر الفنانون التوقف عن الاستسهال، بالتالي على من يرفض أفلام السبكي دعم الأفلام الأخرى والقبول بسلبياتها، أما فكرة مقاطعة الموجود حتى يقوم كل متفرج بإخراج الفيلم المناسب لتطلعاته هو فهو عبث لا يفضي إلى نتيجة، أكبر مثال على ذلك فيلم " هاتولي راجل" المعروض في الموسم الحالي والمغاير تماماً لباقي الأفلام من حيث الفكرة وأسلوب العرض، لكن هل الرافضين لسينما السبكي قرروا دعم الشريط المختلف، سؤال ستجيب عنه الإيرادات.

ثالثاً: ستظل أفلام السبكي سائدة لعدة مواسم مقبلة، بالتالي إذا كنت مهتماً فعلاً بدعم السينما المصرية متميزة المستوى، فهناك سبل أخرى غير متابعة الأفلام التي تنافس السبكي على استحياء مثل " هاتولى راجل" و" نظرية عمتي"، منها مثلاً متابعة الأفلام الوثائقية والروائية القصيرة، وكذلك الأفلام المصرية التي تشارك أولاً في مهرجانات دولية مثل " فرش وغطا" و" الخروج للنهار"، متابعة أخبارها وانتظار عروضها في مصر والذهاب لمشاهدتها في المراكز الثقافية بدلاً من الاكتفاء بهاشتاج مقاطعة السبكي على تويتر، والأهم التوقف عن تحميل الأفلام المصرية عبر الإنترنت خصوصاً تلك التي يتعب أصحابها في إنتاجها ويراعون أصول المهنة في كل لقطة.

أخيراً: بعض إنتاج السينما الأمريكية ومعظم إنتاج السينما الأوروبية يستحق المشاهدة، ومطروح في نفس دور العرض التي تعرض أفلام السبكي وتثير استياءك، والأفلام الأوروبية تعرض سنوياً في بانوراما الفيلم الأوروبي، وسط جمهور عاشق للسينما، بجانب أفلام المهرجانات التي تقام في مصر مثل القاهرة والإسكندرية عندما تعود للانتظام قريباً، كل هذه شرائط سينما تحمل أفكاراً مختلفة بجانب الأفلام المصرية الجيدة المظلومة دعائياً، لماذا لا ندعمها ونتابعها ونصنع لها سوقاً.

كل ما سبق محاولة لحفر طرق إيجابية لمواجهة سينما السبكي التي لا نطالب بمنعها ولكن بأن تكون مجرد نمط فني بين عدة أنماط في السينما المصرية التي تفتقر أصلاً لأنماط كثيرة من الأفلام، أما إذا أردت منع الجمهور من دخول أفلام السبكي طوعاً فعليك أولاً أن تغير مناهج التعليم وأساليب التربية وتقدم لهؤلاء مضموناً يعبر عنهم ويحترمهم ويدفعهم للأمام لا أن يحبسهم في نفس الدائرة التي يعيشون فيها كما يفعل السبكي.

للتواصل مع الكاتب عبر تويتر
link



تعليقات