أسباب في حُب شـادية

  • مقال
  • 03:53 مساءً - 8 فبراير 2015
  • 1 صورة



شادية

"حُكم المحبة.. المحبة تحكم، المحبة تستر، المحبة سر"
الخواجة عبدالقادر

وعلى الرغم من أن الشيخ "عبدالقادر" قال إن "كُل حُب يتعلق بسبب يزول بزوال السبب"، فأن اﻷسباب في حُب شادية مع ذلك عديدة ولا تحصى، وربما لن يزول حبها بزوال هذه اﻷسباب، التي يمكننا أن نعد منها اﻷسباب اﻷكثر وضوحًا.

فؤادة.. (البنت من الدهاشنة واسمها فؤادة)

أول ما يتبادر لذهني عند ذكر شادية، هي شخصية "فؤادة" التي جسدتها في " شيء من الخوف" أمام العملاق محمود مرسي بصدق بالغ يمس القلوب، تلك الشخصية التي تُمثِّل في أذهان الكثير منا الثورة، أُحب دائمًا لعبة البحث عن البطل المناسب للدور بدلًا من الممثل الذي لعب الدور في الحقيقة، لكنني دائمًا ما أقف أمام شخصية "فؤادة" خائبة اﻷمل.

خُلق الدور ﻷجل شادية، بتمردها، بالكحل المرسوم حول عينيها، بصوتها وطولها ونبرة صوتها القادرة والناعمة في ذات الوقت، تمس القلب بأدائها السلس، ينخلع قلبك وأنت تسمعها تغني "يا عيني يا عيني.. يا عيني على الولد"، يقشعر بدنك وهي تفتح الهويس لتُغيث اﻷرض.. تلك اللحظات القليلة التي تسبق فتح الهويس، الخوف والقلق مع انشغال بالها بأهل البلد الموقوف حالهم، وبعدها تبدأ في إدارة العجلة لتجن معها ملامحها كلها، كأنها تشتعل بصيحات الحمد من أهل البلد، لأجل تلك اللحظات العظيمة لا تملك إلا أن تقع في غرام شادية.

أفضل من غنى دويتو

قد يصف البعض تلك الحقبة التي تواجدت فيها شادية على الساحة الفنية بزمن الفن الجميل، خاصةً وأن صناعة السينما في ذلك الوقت كانت مزدهرة بعض الشيء، إلى جانب أن مجال الغناء كان يسير بشكل جيد أيضًا، وكانت مصر في ذاك الوقت تمثل المغناطيس الجاذب للمواهب الغنائية والتمثيلية من الوطن العربي كله، وربما تجد الكثير من الدويتوهات التي اُنتجت في هذا الزمان، إلا أن دويتوهات شادية دائمًا كانت اﻷقرب إلى القلب.

ستجد شادية مع عبدالحليم تغني "حاجة غريبة" برومانسية حالمة، وتجدها مع فريد اﻷطرش تغني "يا سلام على حبي وحبك" بطرافة وخفة دم و"زينة" بحنية ورواق، ولن تشعر بملل أبدًا من سماعها تغني "إحنا كنا فين" و"تعالي أقولك" أو "الحب له أيام".

وحتمًا ستجدها في مونولوجات خفيفة الظل مع إسماعيل يس و شكوكو، أدت الرومانسية منها بالعظمة نفسها التي قدمت بها الكوميديا الخفيفة.

تلك القاسية والدلوعة

تتلون شادية بسهولة جدًا، تستطيع أن تصدقها وهي تغني "إن راح منك يا عين.. هيروح من قلبي فين" بتلك القدرة على تجسيد السيطرة والتحدي، وستصدقها حتمًا وهي تغني برقة لحبيبها معاتبة "شايفين يا ناس عشانه أنا دايمًا بعمل أيه.. أطلب واشمعنى هو مطلبش مرة ليه!"

وستعرف أنها حتمًا تلك الفتاة المراهقة التي تغني "مكسوفة مكسوفة منك"، أو وهي تستعطف حبيبها وتعتذر منه "معلهش النوبة دي، عشان خاطري".

فساتين شــادية

أتذكر دائمًا طفولتي، وأنا أجلس متسمرة أمام شاشة التليفزيون، أشاهد عالم اﻷبيض واﻷسود الساحر، ولربما لكون البنات يستهويها دائمًا حب اﻷزياء والموضة وما إلى ذلك، فأن فساتين شادية وغيرها من الفنانات في ذلك الوقت كانت دائمًا ما تلفت نظري، وشادية باﻷخص التي تمثل دائمًا حالة خاصة، تلك اﻷناقة مع طريقة سيرها وتمايلها، هي تمثيل واضح للأنوثة.

ريا (حُبك جننا يا اسمك أيه)

قليلات هن الفنانات اللاتي يجمعن ما بين خفة الدم والقدرة على تمثيل أدوار تراجيدية، باﻹضافة إلى الغناء، وشادية تستطيع فعل كل هذا دون عناء، وربما تكون مسرحية " ريا وسكينة" أوضح دليل على ذلك، فقد قدمت شادية في المسرحية كل ما يمكن أن يُقدم، وجاءت الكيمياء بينها وبين سهير البابلي من جانب والراحل العبقري عبدالمنعم مدبولي من جانب أخر بمثابة منحة إلهية لتأسر قلوب جمهورها.

احتجابها

الفنانات اللاتي تنازلن عن الشهرة والنجاح بعد ارتدائهن للحجاب قليلات، فالكثير منهن بعد ارتدائه يعودن بعد عام أو اثنان أو ثلاثة للأضواء، إلا أن شادية مع ارتدائها للحجاب اعتزلت الحياة الفنية والعامة واحتجبت تمامًا، وربما ينم هذا السلوك عن قوة شخصية وقدرة على ضبط النفس بشكل كبير، لا تستطيع معه سوى إظهار التقدير الواجب لها واحترامها.

خفة دمها

صحيح أن السينما المصرية ضمت الكثير من الفنانات الكوميديانات، إلا أن شادية تختلف في كونها قد جمعت بين خفة الدم والملامح الجميلة التي أهّلتها لتصبح واحدة من أهم نجمات السينما في فترة الخمسينات والستينات، فإلى جانب تقديمها أدوار جادة في " زقاق المدق" و" اللص والكلاب" و" المرأة المجهولة"، قدمت أيضًا أدوارًا كوميدية نجحت فيها بشكل كبير، ويكفي أن يكون من بينها أفلامها مع صلاح ذو الفقار مثل " مراتي مدير عام" و" عفريت مراتي" و" كرامة زوجتي".

جانات السينما

كانت شادية على قدر كبير من الحظ، الذي سمح لها بالتمثيل أمام أغلب ممثلي السينما المصرية، وباﻷخص الوسماء منهم، فمثلت أمام رشدي أباظة و عمر الشريف و شكري سرحان و كمال الشناوي و عبدالحليم حافظ و محمد فوزي.. وهو ما يدعو ربما للغيرة منها، وفي نفس الوقت لحبها بنفس قدر حُب هؤلاء النجوم في القلب.

أصله ماعداش على مصر

اﻷعمال الموسيقية التي تغنت بحب الوطن كثيرة في حقيقة الأمر، ولكلٍ منها وقعها الخاص بطبيعة الحال على النفس، إلا أن أغنية "يا حبيبتي يا مصر" التي غنتها شادية من ألحان بليغ حمدي وكلمات محمد حمزة، تتسم فوق ذلك كله بحميميتها الشديدة، وتلخص كل اﻷمر في الجملة البديعة "أصله ما عداش على مصر".

حُب لأجل الحُب

يُحكى أن شادية وفي بداياتها الفنية، كادت أن تعتزل الفن بناءً على رغبة خطيبها اﻷسمر، الذي وقعت في غرامه من النظرة اﻷولى، وقررت شادية أن تتنازل عن أحلامها ومستقبلها الفني فقط ﻷنها تُحبه، وعلى الرغم من استشهاده في حرب فلسطين 1948، وعلى الرغم من استكمالها لطريقها الفني بعدها، إلا أن شادية لم تنس حبيبها على ما يبدو فبعد مرور أكثر من عقدين من الزمان، غنت شادية "يا طير يا مسافر لبعيد روح قول للأسمراني.. ليه سافر ونسي المواعيد... حبيبي يا أسمراني".

وصلات



تعليقات