"صُنع في مصر".. ومحاولة النجاة من عيوب الصناعة

  • مقال
  • 02:09 مساءً - 20 اغسطس 2014
  • 1 صورة



"صُنع في مصر".. ومحاولة النجاة من عيوب الصناعة

من منظور المخرج عمرو سلامة، فإن عام 2014 هو أكثر الأعوام إثمارًا في مسيرته السينمائية، بعرض فيلمين من إخراجه، أولهما فيلم ( لامؤاخذة) الذي قام بكتابته أيضًا، وعرض في مطلع هذا العام بعد عدة مشاكل أثارها سيناريو الفيلم مع الرقابة، ليحقق نجاحًا تجاريًا مرضيًا بالشكل الكافي الذي سمح بعرض فيلمه الثاني لهذا العام ( صُنِع في مصر) في موسم سينمائي مُبشر مثل عيد الفطر، وفي هذان الفيلمان ينقطع عمرو سلامة بشكل جذري عما قدمه في فيلماه السابقان ( زي النهاردة) و( أسماء)، كيف؟

في (لامؤاخذة)، حاول عمرو سلامة أن يصنع عملا كوميديًا يستند على التباين الطبقي والديني في المجتمع المصري مع الاعتماد – نوعًا ما – على منطق كاريكاتوري في المعالجة الدرامية وصياغة الشخصيات من خلال حكاية طفل ينتمي لإحدى العائلات ميسورة الحال التي يموت عائلها الأساسي، ليترك بعدها دراسته في المدرسة الدولية ويتوجه بدلا من ذلك إلى مدرسة حكومية، لكن لم تكن محاولة عمرو سلامة في هذا الفيلم موفقة على النحو الكامل، وذلك لسببين رئيسيين: أولا- تخبط والتباس منطق الفيلم على نحو لافت للنظر بين المعالجة الكاريكاتورية وبين الرؤية الواقعية للعالم الذي يحاول رسمه، وثانيًا- المحاكاة الأسلوبية التي يقوم بها عمرو سلامة لأسلوب المخرج الأمريكي الشهير ويس أندرسون.

ماذا عن (صُنِع في مصر)؟ مقارنة بالفيلم السابق، يبدو الأمر هنا هذه المرة أكثر تماسكًا على مستوى المنطق العام للعمل ككل، فهو كاريكاتوري قلبًا وقالبًا، لا يحاول صناعه أن يرهقوه في معالجته بهموم قومية على غرار ما كان في (لامؤاخذة)، حتى أن انشغال علاء الفارسي ( أحمد حلمي) طوال الأحداث بتصنيع العرائس ولعب الأطفال محليًا بدلا من استيرادها يبدو همًا شخصيًا أكثر منه همًا قوميًا.

ناهيك عن ذلك، فإن فكرته الفانتازية – والتي بالمناسبة لا تمت بصلة بفيلم Ted مثلما كان مشاعًا قبل بداية عرضه – المتمثلة في تحول علاء الفارسي إلى دمية الباندا، وكذلك العكس، هى فكرة متسقة تمامًا مع طبيعة الفيلم، وتحمل الكثير من الإمكانيات الجيدة لتقديم العديد من المواقف الكوميدية الطريفة التي تُبني على هذه المفارقة، وهو ما يتحقق فعليًا في غالبية الوقت، كما أن الشخصيات تنصاع تمامًا لمنطق الفيلم لتكون عبارة عن كاركترات عن عمد، وكان ( إدوارد) هو اﻷكثر انصياعًا لمنطق الفيلم، كما كان اﻷكثر لفتاً للنظر، ولكن مع ذلك، تظل هناك أشياء غير مريحة يمكن الاحساس بها.

المشكلة الأولى تتمثل في أحمد حلمي ذاته كممثل، فعلى الرغم من امتلاكه الذكاء الفني الكافي لانتقاء أفكار سينمائية تملك القدرة على جذب الجمهور من خلال أفلامه، إلا أن المشكلة تظل قائمة فيما يقوم به كممثل، فهو لا يحاول أن يفاجئك، ولا يحاول بتاتًا أن يتحرك قيد أنملة بعيدًا عن الإطار الذي وضعه لنفسه، والذي يقيد به نفسه من فيلم لآخر، خاصة بعد أن نجح من خلال هذا الإطار في أفلامه السابقة، فهو يحتاج إلى أن يراه المشاهدون في أطر جديدة حتى لا يتحول هو نفسه إلى كاراكتر، وأن لا يكتفي ببعض التغييرات الشكلية العادية، مثل تغيير قصة الشعر، أو حتى تغيير النظارة.

المشكلة الثانية هى إصرار عمرو سلامة في منهاجه البصري، خاصة في هذا الفيلم والفيلم السابق، على تقليد ما يقوم به المخرج الأمريكي ويس أندرسون في أفلامه، سواء في طرق تحريك الكاميرا أو في اختيارات الزوايا أو حتى في تركيبات الألوان، فإذا قرر عمرو سلامة أن يتخصص منذ الآن فصاعدا في تقديم الكوميديا التي تروق له، فعليه على اﻷقل أن يبتكر أسلوبه البصري الخاص به، وأن يجتهد في البحث عن مفردات بصرية تميزه عن الآخرين، حتى لا يُقال له أنه مجرد نسخة مصرية مقلدة من ويس أندرسون.

لذا، عزيزي القاريء، إذا كنت في حيرة من أمرك، وترغب فقط في قضاء ساعتين من الترفيه والمرح، ولم يكن لديك أية مشكلة على اﻹطلاق في تكرار أحمد حلمي لنفس طريقته في اﻷداء، أو لا تعطي بالا من اﻷصل لهذا اﻷمر، فسوف يكون (صُنِع في مصر) مثاليًا للغاية من أجل تحقيق ذلك.



تعليقات