Barbarians.. عن حقيقة الخوف من "البرابرة"

  • مقال
  • 04:05 مساءً - 24 نوفمبر 2014
  • 1 صورة



لقطة من الفيلم

ضمن برنامج الأعمال الأولي، في الدورة السابعة لـ بانوراما الفيلم الأوروبي، الذي يلقي الضوء على أعمال حديثة ذات أثر بالغ لمخرجين جدد، تم عرض الفيلم الصربي Barbarians أو "البرابرة".

الفيلم من إنتاج عام 2014، وهو العمل الروائي الأول لمخرجه الشاب إيفان إيكيك، الذي قدم قبله فيلمًا تسجيليًا بعنوان "التاروت الصربي"، وقد حاز الفيلم جائزة "شرق الغرب – تنويه خاص" في الدورة السابقة لمهرجان كارلوفي فاري السينمائي الدولي بالتشيك.

الفيلم يتابع "لوكا"، الفتي البالغ من العمر 17 عامًا، الذي يعيش مع والدته وأخيه الأكبر في شقة منحتهم إياها الحكومة الصربية، بعد أن أبلغت والدته عن اختفاء أبيه في حرب كوسوفو، بينما هو في الحقيقة تركها وهجر عائلته من أجل امرأة أخري.

والدة "لوكا" غاضبة دائمًا، لا تتفاهم معه في أيٍ من مشاكله، دائمًا ما تعنفه، وتلقي باللوم عليه إذا حاول اقناعها بأنه يريد البحث عن أبيه.

"لوكا" عضو في مجموعة "البرابرة"، وهم مشجعي فريق كرة القدم المحلي التابع لمدينته، تضم هذه المجموعة "فلاش"، صديق "لوكا" المقرب، والذي يقوم بدوره " نيناد بيتروفيتش"، مقدمًا أداءً أكثر من رائع، إذ ينجح في كل لقطة أن يجسد الفتي الطائش الذي لا يأبه لشيء سوي ذكورته وملاحقته _التي دائمًا ما تبوء بالفشل_ للفتيات.

يشارك البربريون في مظاهرات شعبية ضد انفصال أقليم كوسوفو، وفي نفس الأثناء، يعجب "لوكا" بـ"ستيفانا"، فتاة على علاقة بأحد لاعبي فريق كرة القدم، ويحاول مقابلتها، إلي أن يقف "بيتوليتش"، أحد أقارب فلاش بينهما.

يقدم إيفان إيكيك في فيلمه الأول "البرابرة" نظرة ثاقبة لفترة ليست بالبعيدة، لجيل يتسم في الأساس بالإحباط والتخبط الفكري، لنشأته في عصر شهد الكثير من التغيرات السياسية والنزاعات المسلحة، وبأسلوب يتميز بالواقعية الشديدة، لم يكتب إيكيك لفيلمه سيناريو مفصل، وإنما كتب تتابعًا يضم الخطوط الدرامية العريضة للقصة ورؤوس المشاهد فقط، وترك لممثليه حرية الارتجال الذي وجهه هو، ليخرج منه حوارًا وانفعالات واقعية إلي أقصي الحدود.

واستغل الممثلين هذه المساحة بشكل مؤثر جدًا في روح الفيلم، خصوصًا زيليكو ماركوفيتش (لوكا) ونيناد بينروفينش (فلاش)، اللذان اتسم أدائهما بالطبيعية والعفوية الشديدة، خصوصًا في التمثيل الصامت بالنظرات وردود الأفعال، وقدما تجسيدًا صادقًا لنماذج من جيل نشأ دون مُثل عليا أو أعراف أخلاقية يتطلعون للتمسك بها، فخلقوا لأنفسهم أخلاقياتهم وقوانينهم الخاصة التي يتبنونها أيضًا في التعامل مع الجانب الآخر من المجتمع، والذي يخافهم ودائمًا ما يبحث عن طرق ملتوية لتهذيبهم، مثل ممثلي السلطة من رجال الأمن، ومن يكبرهم سنًا داخل عائلاتهم.

ولكن أسلوب إيكيك الارتجالي الذي بدأ منذ كتابة السيناريو أوقع الفيلم في فخ الكثير من التساؤلات التي طرحها في مخيلة المشاهد، ولم يجب عنها، فأفعال الشخصيات، خصوصًا الرئيسية منها، والتي تتمثل في شباب مجموعة "البرابرة"، وصلت من فرط واقعيتها أن احتوت على العديد من التصرفات غير المبررة، والدوافع غير الواضحة.

ومن خلال أسلوب بصري اعتمد إيفان إيكيك في تنفيذه على الكاميرات المحمولة، التي تصور كادرات غير مستقرة في معظمها، خصوصًا وهي تتحرك لتتابع شخصيات الفيلم أثناء سيرهم وتحركهم المستمر داخل عالم الفيلم، وتستمد إضاءتها من المصادر الطبيعية داخل أو خارج اللقطات، اكتمل السرد الواقعي الذي أراد إيكيك أن يحققه، ليجعل من فيلمه رؤية للواقع منذ أربعة أعوام، لا تختلف كثيرًا عنه.



تعليقات