بعد "نوم التلات".. هل استيقظتم من النوم بعد؟

  • مقال
  • 01:15 مساءً - 28 يوليو 2015
  • 1 صورة



ملصق فيلم (نوم التلات)

إذا سألت أي مصري سائر عن يوم الثلاثاء، فسوف يبدأ دومًا بالحديث عن كونه يومًا لا فائدة منه، وأنه مجرد يوم يأتي في منتصف الأسبوع لكي ينغص على بقية الأيام، أو أنه يوم لا يبشر بالخير من بداياته، ولا استطيع أن أصف كل هذه الآراء عن يوم الثلاثاء بأنها خرافات بقدر ما أنظر إليها بكونها مجرد جزء من الفلكلور الساخر، حتى أني أتذكر على المستوى الشخصي صديقة عزيزة كانت تسخر من نظارة كنت أرتديها في السابق وكانت تسميها "نظارة يوم الثلاثاء" بسبب غرابة إطارها الخارجي ولون عدساتها من وجهة نظرها.

وانطلاقًا من كل هذه الأفكار المحيطة بيوم الثلاثاء، يبدو أن الأمر كان صالحًا كفكرة جيدة وساخرة لكي تكون محور لفيلم سينمائي كوميدي، وهو ما تحقق بالفعل من خلال أحدث أفلام هاني رمزي الكوميدية ( نوم التلات) الذي صدر في دور العرض المصرية في موسم عيد الفطر، لكن إلى أي مدى توجه هذا الفيلم بهذه الفكرة التي حملها في أحشائه؟

في البدء، كان الفيلم يحاول أن يخلق لنفسه منطلقًا مختلفًا يجمع في قالب واحد بين الإثارة والكوميديا، ودون أن يخبرنا على نحو مباشر بما يحدث لبطل الفيلم معتز عبدالرحمن (هاني رمزي) حينما يحل يوم الثلاثاء عليه، وإنما يمنحنا مجرد لمحات خاطفة من نتائج ما حدث، ربما على غرار الفيلم الكوميدي الأمريكي The Hangover أو شيء أقرب، لكن هناك أسباب عديدة جعلت ما يصبو إليه الفيلم ذو رؤية مشوشة جدًا، وهى أسباب ترتبط بنوعية الكوميديا في الفيلم، وأسباب أخرى ترتبط بالنزعة التشويقية.

إذا تناولنا الشق الكوميدي في الفكرة، فيمكن تفسير عدم كفاءته لسببين رئيسيين: الأول هو التقليدية الشديدة المتبعة في كتابة كل ما يفترض به أن يكون مضحكًا وطريفًا هنا، فهاني رمزي يكرر هنا للمرة الألف مثلًا فكرة تحميل الكثير مما يقوله لمعنيان، أحدهما بريء وأحدهما ليس كذلك، مثل أن يقول للراكب بجواره "قطة"، ليظن الرجل أنه يتحرش لفظيًا بزوجته بينما هو يقصد أنه يحمل قطة في الصندوق، وهو ما سار من فرط تقديمه في سائر أفلام هاني رمزي السابقة كمثل نكتة كانت طريفة في المرة الأولى ثم ما لبثت مع تكرارها أن تحولت إلى نكتة سخيفة وممجوجة، وهو ما يذكرني بطريقة الخليل كوميدي في استجدائه اليائس لاستخراج الضحك ممن يسمعه عن طريق تكرار نفس الجملة لثلاثين أو أربعين مرة على التوالي، والتي لا تكون في الغالب نكتة من الأساس.

والسبب الثاني يرجع إلى هاني رمزي نفسه الذي لا يحاول الخروج من منطقة الأمان الفنية التي اختارها لنفسه، والاعتماد على نفس الأدوات الأدائية سواء بتعبيرات الوجه أو بالصوت دون أن يختلف ما قدمه في (نوم التلات) عن سائر أعماله السابقة، ليولد ذلك شيئًا من التوقع لأي خطوة تالية سيقوم بها، مثل أن تكون جالسًا وتقول لنفسك: "نعم، هنا سيحملق بعينيه بقوة... الآن سيرقص وهو رافع يديه ﻷعلى... لقد قال الممثل الواقف أمامه شيئًا وسيرد اﻵن بالنقيض التام.... وهكذا دواليك".

أما الشق التشويقي، فلن تستطيع مقاومة الشعور بأنه قد خرج مسلوقًا، وكان الوضع أشبه بحاوي يجيد تحضير الجن السفلي لكنه لا يجيد صرفه كما هو واضح، فالفكرة التي بدت واعدة مع بداية الفيلم ما لبثت أن انتهت على نحو مشوش ولا تعرف له رأس من قدم، حتى "التويست" الختامي الذي من المفترض أن يضع اﻷمور في نصابها دراميًا لا يقوم بشيء سوى زيادة التشويش أكثر، ناهيك عن اللجوء إلى حيلة الصدفة بشكلها الساذج المعتاد في الاتجاه نحو "التويست".

يطفح هذا التشويش بدوره على رسم شكل العلاقة داخل السيناريو بين معتز وندا ( إيمان العاصي)، بل إن السيناريو لا يجيب أصلًا على الأسئلة التي تظل معلقة بعد نهاية الفيلم حول تاريخ العلاقة وكيفية نشوءها وارتقائها ويترك كل شيء ﻷداءات الممثلين، وكان من المفترض أن يتم استغلال السيناريو على نحو أفضل لتأدية هذه المهمة بدلًا من تضييع الوقت في حشر أغاني غريبة خلال أحداث الفيلم لكي يشبع هاني رمزي رغبته فقط في الرقص مع مجموعة من "المٌزز" المجتمعين حول حمام السباحة.

من الواضح على صناع فيلم (نوم التلات) إنهم قد صنعوا هذا الفيلم دون أن يحصلوا على القسط الكافي من النوم، فلذا برجاء عدم الاكتفاء بالنوم يوم الثلاثاء فقط وأن يواصلوا لبقية أيام اﻷسبوع على أن يعاودوا العمل بعد الشبع من النوم.



تعليقات