"زنزانة".. في مكان ما من الوطن العربي

  • مقال
  • 11:59 مساءً - 16 يناير 2016
  • 1 صورة



ملصق فيلم (زنزانة)

ربما كانت من أهم وأبرز الإسهامات السينمائية الإماراتية في الدورة الأخيرة من مهرجان دبي السينمائي الدولي هو عرض الفيلم الإماراتي الأردني والتجربة الإخراجية الأولى للمخرج ماجد الأنصاري " زنزانة" الذي حاز على اهتمام كافة النقاد والمتابعين، خاصة مع عرضه سينمائيًا في نفس توقيت مشاركته بالمهرجان وبعدها مباشرة، والأهم بسبب أجواءه الفريدة والمختلفة على الأقل بالنسبة للسينما العربية.

بجملة افتتاحية تمر سريعًا "في مكان ما من الوطن العربي" مع تفصيلة زمنية سريعة جدًا تعود بنا لأواخر حقبة الثمانينات من خلال روزنامة موضوعة على مكتب معاون الشرطة في المخفر، فإننا ندخل بأكثر الطرق مباشرة وإيجازًا إلى عالم الفيلم، إنه عالم ليس بالفانتازي كلية، لكنه في نفس الوقت ليس بالواقعي أيضًا، إنه عالم يتخذ لنفسه مساحة رحبة وغير منظورة بينهما، بين الواقعي والفانتازي.

هذه المساحة الحرة مع النزوع إلى التجريد شبه الكامل للمكان يتيحان الفرصة أمام ماجد الأنصاري وكاتبي السيناريو لكي ينسجا قصة ربما لم تكن لتروي بهذه الأريحية لولا التحرر من القيود الجغرافية التقليدية التي ربما كانت لتعيق وتقيد القصة، وتربط منطقها بشكل اشتراطي بمنطق الواقع المعاش، خاصة مع كون جميع أحداث الفيلم تدور في مكان واحد فقط، وهو مخفر الشرطة.

هذه الحرية الفنية ساعدت على تشكيل ما يمكن أن نطلق عليه "اللهجة العربية المعيارية"، الحوار يستعير الكثير من الألفاظ المميزة من مختلف اللهجات العربية ويدمجها معًا في قالب واحد لتخرج لنا لهجة قابلة للوصول إلى الجميع دون التقيد التام بالقيود المعتادة للهجات المحلية، وهو ما ساعد كذلك في استقدام ممثلين من مناطق مختلفة من العالم العربي، وعلى رأسهم بطلي الفيلم علي سليمان و صالح بكري.

وعلى الرغم من دوران أحداث الفيلم بأكملها في مكان واحد، إلا أن ماجد الأنصاري يجيد استغلال محدودية المكان تلك لصالحه، خاصة مع توظيفه الذكي لكل تفاصيل المكان: إكسسوارات، غرف متوارية، أرضية، وحتى المساحة المكانية المتاحة نفسها، وكل ذلك لكي يخدم على الحكاية الرئيسية ويدفعها للإمام ويزيد من حدة التشويق التي تعتمل بداخلها.

جزء كبير من الإشادة الواجبة حول نجاح هذه الحالة برمتها تتوجه نحو علي سليمان، الرجل الذي ينجح في سرقة الكاميرا من اللحظة الأولى وحتى اللحظة الأخيرة، ويصول ويجول في كافة أرجاء المكان بفضل أداء بالغ الرشاقة يحمل نزعة مسرحية عن قصد ينجح معه في منح حضور لكافة عناصر المكان المستخدمة، سواء الراديو الذي يتراقص على موسيقاه، أو الزنزانة التي يوطد علاقته بها وبالسجين القابع خلفها، ناهيك عن شخصيته الشيطانية التي يتقمصها بكل جوارحه من نظرات العينين وحتى حركة الجسد.

وفيما عدا بعض السيتمرية غير الحميدة التي يتبعها ماجد الأنصاري في مشاهد الإغماء واليقظة، إلا أنه نجح في تقديم عمل لا يشبه المعتاد في سينما العالم العربي، خاصة مع توفيقه بالتوجه إلى كافة شرائح المشاهدين بفضل مزيج التشويق والإثارة الذي يقدمه في "زنزانة".

وصلات



تعليقات