The Boy.. ولن تدُب الحياة!

  • مقال
  • 01:03 مساءً - 7 مارس 2016
  • 1 صورة



The Boy.. ولن تدُب الحياة!

"هناك دُمية، بطريقٍة ما تمسِّها الحياة.. الدُمية الآن تتحرك! تنطلق فتحصد الأرواح"..

هي التيمة التي قُتلَت استهلاكًا في أفلام الرعب منذ زمن بعيد، فشاهدنا أفلامًا صاغتها بكابوسية مُتقنة لا تهدف إلا لإثارة الرجفة بأوصالك، مثل "دوللي القاتلة أو Dolly Dearest"، و" Dead Silence" من إخراج المتمرس بمجال الرعب جيمس وان، وهناك أفلامًا صاغت التيمة وقد أضفت إليها طابع كوميدي لا يُفسد كابوسيتها مثل سلسلة " Child's Play" ودميتها الشهيرة "تشاكي"، بأفعالها التي طالما أضحكتنا وأثارت رعبنا بذات الوقت، فأصبح المقياس مع تعدد طرح الفكرة، هو كيف تصوغ التيمة وتُقدمِّها للمتلقي، وكيف تقنعه بحبكتها دون أن ينفر أو يشعر بسخافة الفكرة.

في فيلمنا " The Boy"، لن ننكر أن إعلان الفيلم كان مذهلًا، وأبرم لنا وعدًا بالجديد رغم التيمة التي ألفناها وصرنا نتوقعها عن ظهر قلب، لكن فوجئنا بإعلان ربما يقدم لنا فيلمًا بذاته، فندرك من خلال لحظاته بأن هناك عجوزان سيطلبان مربية، وحين تصل المربية لمنزلهما، تكتشف أنها مطلوبة لرعاية دُمية! نفهم أنها لابنهم الذي طاله الموت، ورفضا والديه فكرة حرمانهما منه، فقررا التعامل مع كيانه المتمثل في دُمية، ويوضح لنا الإعلان وريقة ببعض القواعد التي لابد وألا تحيد عنها مربيتنا، وفي لحظات متتابعة نجدها تخالف كل قاعدة مكتوبة دون أن تستثني واحدة، فيجن جنون الدمية، وتعيث في المنزل هلاكًا.

اﻹعلان كان مُحكمًا وبراقًا، لا يترك لك مجالًا أن يغالطه فضولك، وستجد نفسك مُقبلًا على مشاهدة الفيلم في دور العرض – رغم التيمة المستهلكة – أو تنتظر صدوره بفارغ الصبر على الإنترنت لمشاهدته، وإذا حدث وشاهدته، ستدرك كم كان صانع إعلان الفيلم مُحتالًا كبيرًا، وكم كانت حِدة ذكائه ليصنع إعلانًا بهذه الجودة من فيلم بهذا الضعف، حتى أنك ستشعر بأن الإعلان فيلمًا آخر مستقل بذاته عن هذا الذي شاهدته في الفيلم.

فيلمنا أخطأ كل المواضع، وأفسد عناصره قاطبًة، فلا هو أتقن كابوسية الصياغة في تيمته، ولا برع في إضفاء جديد محكوم الحبكة بها، كل ما هنا لك أنه أخذ يترنح يمينًا ويسارًا ليوُلد أحداثًا لا تخضع لمنطق ولا تحكمها حبكة تؤيدها، ثم في نهاية المطاف يُبلينا بمنعطف في القصة في قمة السذاجة، ليكون رصاصة الرحمة للفيلم، فلا يترك لك ربع فرصة بأن تُعجب به.

سيناريو الفيلم في غاية الهشاشة، وهو عنصر لا بد من مراعاته في عرض مثل هذه التيمة، فمع جملة الأحداث التي لم نعثر لها على مبرر مقنع - ومنها نهاية خيط العجوزين واختتام مسار رحلتهما في الفيلم، أمر غير مفهوم بالمرة ما أقدما على فعله – تحدث الأشياء بتفاوت عجيب وغير مُمنطَق بالمرة، فالمربية جريتا " لورين كوهين" ترتعب من مجرد وجود الدمية قبالتها، وفجأة لمجرد أنها وجدت شطيرة – يُفترض أنها من إعداد الدمية – أمام باب غرفتها، أصبحت تعاملها كأم تفيض بالحنان، مُتبِّعة كل القواعد المكتوبة لمعاملة الدُمية بحذافيرها! بينما أنت تشاهد ولا يسعفك تبرير، لتتوالى عليك مجريات السيناريو وقد أصرّت أن تغتال كل سبب قد ينقذ الفيلم من كراهيتك له.

السيناريو فعلًا سيء للغاية، وأنا لا أطالب بسيناريو أوسكاري في فيلم فئته الرعب، ولكن لابد من حبكة تحكم الأحداث وتمنطق الأمور لمشاهديها، وهذا لم يظهر في السيناريو للحظة.

الأداءات التمثيلية لا تُذكَر، لورين كوهين وهي ممثلة جيدة وأجادت بمسلسل "الموتى الأحياء"، لكنها هنا لا تصيب أي إقناع، فأدائها باهت لا وزن له، وهو أمر مفهوم مع ورق بهذا الضعف.

أما الإخراج فيُدعِّم السيناريو ضياعًا، يلهو بمؤثرات صوتية هنا وهناك لا شأن لها بقصة الفيلم ومجريات أحداثه، غير بعض ردات الفعل التي قد تكون منطقية بأفلام الأبطال وأصحاب القدرات الخارقة، لكنها هنا تنضم لقائمة "هو يحدث وليس له تبرير" المُسيطرة على قوام الفيلم من أوله لآخره. ربما الأسلوب المتمهل الهادئ في بداية الفيلم قد يوهم المشاهد بأنه على موعد مع فيلم رعب يحاول أن يميل لكلاسيكية العرض، لكن مع مرور الوقت تنفضح الأمور للمُشاهد ويتضح أن صناع الفيلم تائهين من الأساس، ولا يكترثون أصلًا لحبكة أو منطقية في العرض.

صُناع الفيلم رغبوا بإضافة جديد لتيمة الرُعب المألوفة، لكن حبكتهم للموضوع كانت مثيرة للشفقة، ومنعطف الأحداث المفاجئ مع تلك الحبكة المختلة كان مستفزًا لأبعد حد، فينتهي الفيلم وقد أثار ضيقك حتى الذروة، فأنت بعد صبرك على خمول عرضه وأحداثه غير المفهومة وغير المبررة، وانتظارك لأن تدُب في الفيلم حياة، يُطلق عليك انعطافته الأخيرة فيقتل عندك كل فرصة للرضا عمّا شاهدت، ويحتل بجدارة مكانته في قائمة الأفلام التي تندم أنك شاهدتها، فتُدرك في مرارة أن أجمل ما يخص الفيلم هو إعلانه فقط لا غير!

الفيلم سيء، حاول صُناعه إضافة جديد لتيمة الدُمى المتحركة، فأفسدوا طبختهم في كل مقاديرها، ليخرج الفيلم باهتًا ضالًا لحبكته، تشاهده وتنتظر، ربما يسري به النبض، ربما سينتفض في لحظٍة ما، ربما ستدُب فيه الحياة، ولكنك تكتشف بهرجته الزائفة، وتفهم أن دُمى أفلام الرعب الأخرى عامرة بالحياة عن فيلمنا هذا.

وصلات



تعليقات