'' بنتين من مصر '' .... مرثية المجتمع المصرى

  • خبر
  • 01:54 مساءً - 19 يونيو 2010
  • 3 صور



صورة 1 / 3:
صبا و زينة فى مشهد من الفيلم
صورة 2 / 3:
زينة و صبا فى مشهد من الفيلم
صورة 3 / 3:
بطلتى الفيلم فى عرضه الخاص

فيلم حقيقى اخر هذا العام
بعد عرض فيلمى رسائل البحر للمخرج داوود عبدالسيد و تلك الايام للمخرج احمد غانم هذا العام , يأتى فيلم بنتين من مصر كثالث فيلم سينما حقيقى يستحق النقد و المشاهدة .
و نحن امام فيلم مصرى للغاية استعرض دون حشو او سطحية مجموعة من القضايا التى تخص المجتمع , ونجح مخرجه و كاتبه محمد امين فى تلك المعادلة الصعبة , فناقش فى جرأة من خلال قضية العنوسة قضايا البطالة و الفساد و الهجرة غير الشرعية و الزواج العرفى و حتى مشاكل صغار المستثمرين فى مصر .
ونجح بمشرط جراح ماهر و فنان حقيقى فى عرض كل هذا من خلال اسلوبه السينمائى الخاص الذى لا يعتمد فقط على الصورة بل صورة و صوت وعلاقة بين اللقطات وكذلك بين محتويات كل لقطة من شخوص و ديكورات و خلفيات واضاءة و مؤثرات صوتية تدور فى خلفية المشهد لتعطى ابعادا اخرى للفيلم ككل .
بداية ناعمة و احداث صادمة ونهاية مظلمة
يبدأ الفيلم فى نعومة من خلال تعريف المشاهد بالشخصيات و يحتوى على مشهد بديع فى ختام عيد ميلاد حنان – زينة– بطلة الفيلم و مجموعة من النساء اللاتى تأخرن فى الزواج يسألن صديقتهن المتزوجة حديثا عن ليلة الدخلة و احساسها بعد الزواج , ثم ينتقل بنا بعد ذلك الى منطقة مؤلمة من الاحاسيس التى تنتاب المرأة العانس ثم يفيقنا من دهشة هذه الاحاسيس - التى لا يعرفها الرجال و سمعت عن بعضها فقط النساء اللاتى تزوجن سريعا - الى احداث صادمة من كاصابة الاخ بالشلل نتيجة غرق العبارة التى حاول الهجرة من خلالها و اصابة حنان باورام فى الرحم و كذلك هرب خطيب داليا – صبا مبارك – خوفا من السجن .
ثم ينتهى الفيلم بكل التنازلات التى تقدمها تلك المرأة التى تتأخر فى الزواج تحت ضغط مجتمع قاسى لا يرحمها حتى تصل الى ان تكون معروضة فى "فاترينة " انتظارا لمعاينة ذلك العريس الذى لم يسمح وقته الا باستعراضها هى و ابنة عمها و صديقتها سويا فى المطار.
*
محمد امين كاتب و مخرج الفيلم اتخذ طريقا مختلفا هذه المرة فبعد طرحه استغلاله للكوميديا فى فيلميه السابقين " فيلم ثقافى " و " ليلة سقوط بغداد " لطرح وجهة نظره , يلجأ فى بنتين من مصر الى ال " ميلودراما " .
لا يعيبه فقط الا بعض المشاكل فى الحوار نتيجة استخدام بعض الالفاظ التى صارت غريبة على مجتمعنا او قديمة كما يقول البعض و كذلك استخدامها على لسان اكثر من شخصية فى الفيلم مما يؤكد انها مشكلة وليست سمة لاحد الشخصيات
الحوار على " الشات " بين داليا و جمال الذان لا يعرفان بعضيهما الا من خلال شاشة الكومبيوتر كان عبقريا و نجح تماما فى ان يكون واقعيا و عميقا و ليس مبتذلا.
نقطة اخرى تحسب لمحمد امين فى هذا الفيلم , وهى التسكين الرائع للممثلين فى ادوارهم , و هذا الاحساس يلازم المتفرج كلما تعرف على شخصية جديدة فى الفيلم , لدرجة ان البعض يندهش من تعاطفه السريع مع بعض الممثلين و اندماجه معهم رغم رفضهم فى اعمال اخرى .

زينة اكثر من رائعة , فها هى تمثل مرة اخرى بعد فيلم الجزيرة , ترك لها المخرج مساحة تمثيلية فانطلقت و ابدعت و اضافت للصورة القاتمة بعض الضحكات بعفويتها و خفة دم جديدة على ادائها التمثيلى

صبا مبارك مفاجأة الفيلم , تلك الممثلة الاردنية التى انتظر البعض – وعلى رأسهم كاتب المقال - ان تكون هفوة صانعى الفيلم – لكونها ممثلة اردنية تمثل فى " بنتين من مصر " بل و تكون احداهما – فادهشتنا و نجحت فى التبشير بموهبة تمثيلية كبيرة تهدد عرش نجمات الصف الاول

طارق لطفى ادى دورا رائعا , بدا و كأنه كتب خصيصا له , خرج به من عباءة الشرير الكريه أو الطيب الغير مقبول التى اصابته بها الدراما التليفزيونية .

احمد وفيق رغم فشله سابقا فى ترك اى انطباع جيد لدى الجمهور , رغم عمله مع مخرج بحجم يوسف شاهين او بـ " شطارة " خالد يوسف , الا انه هذه المرة فى مكانه الصحيح , ادى و اجاد .

مها رشدى مونتيرة محمد امين الاثيرة التى عملت معه فى فيلميه السابقين تعود للتألق من خلال مونتاج هذا الفيلم بعد العديد من الاعمال المحبطة .

رعد خلف صانع موسيقى هذا الفيلم , تلك الموسيقى التى تحولت الى بطل انتظره المتفرجون و تفاعلوا معه تماما كاحد شخصيات الفيلم و بشرقيته و احساسه العالى , تحية خاصة لموسيقى قادم و بقوة .

ايهاب محمد على و جلال الذكى مديرا التصوير , ليس بجديد عليكما تلك الصورة المبهرة بتفاصيلها الدقيقة و الحزينة .

صناعة السينما و النجاح التجارى
فيلم " بنتين من مصر " قد لا ينجح تجاريا , لانه فيلم يضغط على جروح المجتمع المتورمة و المليئة بالقيح و الصديد وسط طوفان من الافلام الكوميدية التى تريح الادمغة والنفوس مع غيرها من المكيفات و المسكنات التى تسكت صوت الالم .
ولكن سيبقى هذا الفيلم كتأريخ لفترة من تاريخ مصر , وصل فيه احساسنا بسعادة العيد الى مجرد تبادل التهانى بين الزعماء و الملوك العرب.



تعليقات