رسالة مهرجان الأسكندرية السينمائي 2:كل يوم عيد .. نساء يحشرون كالدجاج ورجال يسجنون كالماعز

  • مقال
  • 03:00 مساءً - 16 سبتمبر 2010
  • 1 صورة



كل يوم عيد , هو عنوان الفيلم اللبناني المشارك في المسابقة الرسمية للدورة السادسة والعشرين لمهرجان الاسكندرية السينمائي الدولي , لمخرجته اللبنانية ديما الحر .
تنتمي ديما الحر للجيل الجديد من المخرجات اللبنانيات اللذين برزوا مؤخراً في السينما اللبنانية من خلال الأفلام التي قدموا فيها موضوعات تخص وضع المرأة اللبنانية, أمثال المخرجة نادين لبكي التي تجولت مع فيلمها " سكر بنات " أرقي مهرجانات العالم , والان تقدم لنا ديما الحر حالة فنية ونسائية فريدة من خلال فيلمها كل يوم عيد , لكننا لم نشهد هذا العيد بمفرداته المتعارف عليها ولم نشعر بمظاهر البهجة التي تصاحب دائماً مصطلح العيد , كل يوم عيد تفقد فيه الاسر اللبنانية أحد أفرادها اللذين يساقون الي السجون سواء إقترفوا ذنباً ام لا , ولم توضح لنا الاحداث سوي خط عريض وحيد هو حالة الانكسار النفسي عند النساء نتيجة ابتعاد هؤلاء الرجال عن بيوتهم وزوجاتهم , ومنها تتفرع القصص التي يرتكز عليها الفيلم والتي تنتهي الي خلق ازمات نفسية عند مجموعة متنوعة من النساء المتفاوتة الأعمار والمتنوعة الحكايات .
يبدا الفيلم بهروب عروسان داخل نفق طويل مظلم مجهول المعالم يقودهم في نهايته الي شاطيء البحر , ثم ينتزع هذا الشاب غصباً من بين يدي عروسه ليسجن مثل كثيرين دون ان ندرك لذلك أسباب , وتعود بنا المخرجة مرة أخري داخل هذا النفق المظلم مستعرضة في لقطة كبيرة قافلة من النساء اللاتي يمسكن بأيديهم صور ذويهم المفقودين في السجون , ثم تعود بنا مرة اخري من حالة الايحاء الذي يشبه في تصويره الحلم الي الحالة الدرامية لإمرأه في عمر الاربعينات تتحدث عبر الهاتف الي الطرف الاخر ثم تستقل حافلة للسفر مع مجموعة من النساء القادمات لزيارة أزواجهم في السجن , لكن "هالة " هيام عباس , تذهب لمقابلة زوجها الذي يعمل كحارس في هذا السجن كي توصل له سلاحه , وبعد قطعهم لنصف المسافة تاتي رصاصة مجهولة المصدر لتقضي علي حياة سائق هذا الاتوبيس , فيجدن أنفسهن في عزلة عن العالم وسط صحراء لا نهاية لها , فيقررن إستكمال مشوارهن نحو السجن , وتتفرع مسيرتهن للبحث عن أية مساعدة لكن كلما فتح باب في وجههم يغلق من جديد بصوت الرصاص المجهول المصدر , حتي ينتهي بهن الامر الي بتفريقهن عدا ثلاث نساء تختلف حكايتهن التي تقودهم الي هذا المجهول , الأولي " تمارا " العروس التي تم القبض علي زوجها ليلة العرس , والتي تحاول الوصول اليه مهما كلفها الطريق من تعب ومشقة كادت تقودها الي الموت لولا وجود " لينا " و" هالة " معها علي الطريق , فكل منهن تحمل بداخلها أزمة ما , هالة التي يتملكها دائماً هاجس الخوف من زوجها بل ومن الرجال جميعاً تحاول التخلص من هذا الخوف التي يرافقها علي الطريق , والذي يدفع بها الي استخدام المسدس مرتين , المره الأولي عندما هاجمها ذئب فقتلته دون تردد , والمرة الثانية استخدمتة في خيالها نحو رجل تجسدت في شخصيته صورة هذا الزوج القاسي , اما لينا فهي تسعي وراء امضاء زوجها المسجون علي وثيقة الطلاق لتنال حريتها , وبالفعل يجدن طريقة للخروج من هذه المتاهة الصحراوية بكل ما فيها من أخطار .
جاء استخدام المخرجة للايحاءات الرمزية مفرطاً لدرجة أشعرت الحضور بالغثيان في بعض مشاهد حشدت فيها قطيع من الدجاج في سيارة صغيرة قتل سائقها ايضاً وهرب الدجاج من السيارة نحو صحراء قاحله , ودلالة استبدال النساء بالدجاج لم تضف تأثيراً أقوي من التأثير البصري الذي جسده مشهد النساء وهم يسيرون في قطيع عسكري منظم بحدة تغتال اي خوف ولا مبالاة كبيرة نحو هذا المجهول في مقابل الوصول لهدفهم , الدلالة الصريحة كانت اقوي وأرقي بكثير من استبدالها او تكرارها برمزية الدجاج الهارب والميت بشكل وحشي , ولا شك أن لغة الصورة كانت هي المسيطرة علي الحوار فالمخرجة تشربت جيداً إسلوب السينما الايرانية وهو الاسلوب الطاغي علي كل تفاصيل الفيلم من واقعية الصورة الي تواضع الانتاج والتعبير عن قضية محلية شديدة الخصوصية للنساء في لبنان , الي الاستخدام المكثف للرمزية , فالفيلم لم يشعرنا بالملل رغم ان معظم مشاهده تدور في صحراء لا معالم لها , لكن الممثلين استطاعوا ان يكسروا هذا الملل بأدائهم الذي نتوحد معه ونحن في صالة العرض .
نبذة عن المخرجة ديما الحر
ولدت في بيروت عام 1972 وعايشت في طفولتها وشبابها بلدها لبنان أثناء الحروب , في عام 1995 سافرت الي الولايات المتحدة لتحصل علي الماجيستير في السينما من مدرسة الفنون بشيكاجو , تم عرض فيلم تخرجها " الشارع " في ثلاثين مهرجاناً دولياً ونال العديد من الجوائز , اما فيلمها القصير الثاني " ملابس جاهزة لأم علي " عرض في مهرجان كليرمون فيران وحصل علي جائزة أنتيجون الذهبية من مهرجان مونبلييه عام 2003 , وقد عادت الي لبنان لتدريس السينما في الجامعة الامريكية ببيروت .



تعليقات