18 فيلماً ثورياً غيّروا العالم (2-3)

  • مقال
  • 05:37 مساءً - 15 فبراير 2012
  • 6 صور



صورة 1 / 6:
فرانسيس فورد كوبولا في جنون "القيامة الآن"
صورة 2 / 6:
الإعدام الذي أدى لإلغاء عقوبة الإعدام في "فيلم قصير عن القتل"
صورة 3 / 6:
لحظة اغتيال القائد اليساري في "زد"
صورة 4 / 6:
ثُوَّار جيش التحرير في "معركة الجزائر"
صورة 5 / 6:
التصوّر البصري الأعظم عن الكون في "2001 أوديسا الفضاء"
صورة 6 / 6:
مارلون براندو ومارتن شين في "القيامة الآن"

أنا ، مثلاً ، كُنت أتمنى لو أنني حملت كاميرا ، لتصوير الناس لحظة دخول ميدان التحرير أول مرة في 25 يناير ، أو مبنى الحزب الوطني وهو يحترق في 28 كبُشرى أولى على سقوطِ النظام ، كُنت ، بالتأكيد ، سأأخذ "Close-Up" شديد القُرب من النقيب ماجد بولس يوم موقعة الجمل وهو يرى البلطجية يدخلون الميدان ويعجز عن التصرُّف لعدم صدور أوامر حماية للثورة من قادته ، وبدلاً من تساقُط تفاصيلها من الذاكرة .. كُنتُ سأُسَجّل تِلك اللحظات الهادئة في صباح الحادي عَشر من فبراير ، حين جلستُ أمام "الحاج حَسن" السويسي ، والد الشهيد الذي أقسَم على أنه لن يعاود دياره قبل أن يأخذ بحق ابنه .

السينما عَظِيمة لهذا السبب ، لأنها تَحفظ المَشاعر ، ولو بالذكرى ، تؤانس بما مَر به الأسبقين ، تُعَلّم بتجاربهم ، وتُحاول التغيير في وافعها أحياناً ، لشدّة تماسها معه ، أو تنتصر عليه في المُقابل بسُلْطَة الخيال .

هذا هو الجزء الثاني من ثمانية عشر فيلماً غيَّروا العالم:

الجزء الأول: /news/nw678925558/

7- The Battle of Algiers (معركة الجزائز) - 1966

في عصرٍ كامل كان سمته الأساسية هي الثورات والتحرُّر من الاستعمار ، كان هذا العَمَل هُوَ أبلغ ما قُدّم ، وإن كان فيلم سيرجي آيزنشتاين " المُدَرَّعة بوتمكين" هو النَموذج السينمائي المُعبّر عن الثورة السلميَّة ، فمعركة الجزائر هو النموذج المُقابل عن الثورة المُسَلَّحة .

في فيلمٍ بالِغ العظمة ، يقدّم المُخرج الإيطالي جيلو بينتكورفو تأريخاً لثورة الجزائر ، التي انطلقت في عام 1954 ، هدفاً للحصول على الاستقلال من الاستعمار الفرنسي ، وسَطَّر شُهداءها ، الذين تجاوز عددهم المليون ونصف شهيد ، واحدة من أعظم الثورات التي شهدها التاريخ ، حتى نالوا الاستقلال في النهاية عام 1962 .

ويَؤرخ بينتكورفو لـ"حرب العصابات" التي مَيّزت الثورة الجزائرية ، والتكنيكات التي كان يستخدمها المُجاهدين في جبهة التحرير الوطني ، لمُقاومة جيش ضخم أكثر قوة وعِتاداً ، مُتسلّحين ، قبل أي شيء ، بإيمانهم بالحرية ، واستقواءهم بِدَمِّ الشُّهداء .

وفي عملٍ صُوّر فَوْرَ الحصول على الاستقلال ، وبشخصياتٍ حقيقية عاشت كُلها فترة الاستعمار ، بل أن بعضها كان في جبهة التحرير بالفعل ، حمل الفيلم مصداقية ونقلاً عَظِيماً لـ"روحِ الثورة" ، ونتيجة لذلك ، فقد استقبله فرنسا بعاصفةٍ من الهجوم ، بسبب إدانته لوحشية الاحتلال ، وظل مَمنوعاً من العرض هُناك لفترةٍ طويلة .

وعلى مدار العقود التي تَلت عرضه: 1- اعتُبر الفيلم نموذجاً مُصوّراً لكيفية شَنّ حرب العصابات في المُدِنِ المُحتلّة ، 2- نفذ الجيش الجمهوري الأيرلندي ، في سعيه لتحرير آيرلندا الشمالية من وطأة الحُكم البريطاني ، بعض الخِطَط الموجودة في الفيلم بشكل مُتطابق ، وأعلن أحد أعضاءه في مُذكراته أن العمل كان مرجعاً هاماً لبعض العمليات المُسلّحة التي تم تنفيذها ضد الجيش الإنجليزي ، 3- تم تدريسه في فرق مُكافحة التمرُّد خلال الحرب الفيتنامية ، لمواجهة الهجوم المُسَلَّح الذي يَشَنُّه الفيتناميين ، 4- في عام 2003 ، فُحِصَ في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) ، كنموذجٍ على المشاكل التي يواجهها الجيش الأمريكي في العراق .

إحدى العمليّات المُسلَّحة لجيشِ التحرير في "معركة الجزائر":
[http://www.youtube.com/watch?v=7hYtN2zWX8c]
[http://www.youtube.com/watch?v=0oAtMMvnDy0&feature=related]

8- 2001: A Space Odyssey (2001: أودِيسّا الفضاء) - 1968

"يسألنا الناس طوال الوقت عن الرحلة والقمر والسفر عبر الأكوان ، ونخبرهم أن كل شيء كان "تماماً كـ2001 أوديسّا الفضاء" .. رُوَّاد فضاء أبولو 11 ، أول من هبطوا على القمر

مُوسيقى شتراوس ، عبقرية ستانلي كُوبريكفي صورتها المُثْلَى ، والتصوّر السينمائي الأعظم للفضاء حتى اليوم !

أمضى المخرج البريطاني ستانلي كوبريلك ما يُقارب الثلاث سنوات يُحَضّر لهذا الفيلم: مع كُتاب السيناريو ، مع خبراء مؤثرات بصرية وعلماء ومُصممي ديكور ، مع مُصوريين سينمائيين ، وروَّاد فضاء ، ليقدم في النهاية عملاً تاريخياً ، لا يُجاريه أي فيلم آخر في مجال الخيال العلمي .

وعلى الرغم من أن كوبريك كان يُقدم ، بالأساس ، رؤية فكرية وفلسفية لنشأة الإنسان ، وتطوّره ، منذ بدء الخليقة ، وحتى الصعود للفضاء ، واكتشاف الكون ، إلا أن الدّقة الشديدة التي انتهجها ، في تصوير مشاهد السفر خارج الأرض ، وعبر الكواكب ، جعل الفيلم مرجعاً بصرياً للفضاء .

أُنتج الفيلم قبل عام واحد فقط من نجاح روّاد الفضاء في النزول على سطح القمر للمرةِ الأولى عام 1969 ، وإن كان من الصعب القول أن الفيلم كان السبب في ذلك ، فإن المؤكد أنه قد ساهم في استحواذ فكرة الفضاء والسفر خارج الأرض على الجمهور العادي ، مما عَجّل بالأمر ، ومنحه المزيد من الزخم الإعلامي ، قبل أن يصير ، بشهادة روّاد الرحلة ، هو المرجع المُعتمد عليه في وصفها بصرياً .

وفي 24 أكتوبر عام 2001 ، وحين أطلقت شركة ناسا سفينة فضاء في مدار حول كوكب المريخ ، منحته اسم "2001 Mars "Odyssey في واحدة من أعظم التكريمات التي حازت عليها السينما .

  • هل هو أعظم فيلم خيال علمي في تاريخ السينما ؟
  • رُبما يكون أعظم فيلم في تاريخ السينما !

افتتاحيّة الفضاء على موسيقى شتراوس في تُحفة كوبريك:
[http://www.youtube.com/watch?feature=endscreen&NR=1&v=U8Q3X5Gw5I4]

9- Z(زد) - 1969

واحد من أهم الأفلام السياسية التي قدمتها السينما ، أخرجه المخرج اليوناني الأهم كوستا جافراس ، تأثراً باستيلاء العَكسر على السلطة في بلاده ، ومحاولة لفضح "العسكريين الأغبياء المُتطرفين المعادين للديمقراطية" ، بحسب تعبيره .

ويعتبر جافراس أن العسكر يحملون نفس الصفات في أي مكان ، وهو المبرر الذي أدى لرغبته اعطاء فيلمه روحاً عالمية ، وتجريده قدر المُستطاع من الحدود الزمانية والمكانية ، ولذلك ، وبتأثر من حادثة حقيقية في اليونان ، فإنه يسرد قصة اغتيال قائد يساري في إحدى المُدُن اليمينية الديكتاتورية ، وتورُّط الجميع في عملية القتل ، ورغبتهم في إخفاء الأدلة التي ستدينهم في النهاية .

لم يستطع جافراس تنفيذ فيلمه في اليونان بالطبع ، ولذلك فقد ذهب إلى فرنسا ، وعلى الرغم من حصوله على التمويل ، واتفاقه مع عدد من أهم نجوم السينما الفرنسية مثل إيف مونتان ، وجان لوي ترينتينيان ، إلا أنه نال تضييقاً ورفضاً للسماح بالتصوير ، فذهب لتنفيذ العمل بالجزائر .

قامت بعض الدول بمنع عرض الفيلم ، وتحديداً تِلك الدول التي تخضع لحكم العَسْكَر ، ولكنه في المقابل ، وبفضل قيمته السينمائية ، حصل على جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي عام 1969 .

وبعدها بأربع أعوام ، كان الأثر الأهم للفيلم ، حيث قامت مجموعة من ظباط الجيش في اليونان ، بمحاولة للانقلاب على الحُكم في مايو 1973 ، مؤكدين على رغبتهم في إنهاء الحكم العسكري ، وإقامة الجمهورية اليونانية ، حَمَلت تلك المجموعة اسم "زد" ، وعلى الرغم من فشل الانقلاب ، وإعدام أغلب المُخططين له ، إلا أن الجمهورية اليونانية قد تم إعلانها في يونيو 1973 .

تتابع النهاية الكلاسيكي وسقوط عَسْكَر كاذبون في "زد":
link]

10- Harlan County U.S.A(مقاطعة هارلان) - 1976

هناك شيئاً مُختلفاً في هذا الفيلم عن كل الأعمال الأخرى التي جرى ، أو سيتم ، ذكرها في هذا الموضوع ، وهو أن عملية صناعته نفسها ، كانت تأثيراً في الواقع ، وساهم تصوير الفيلم ، بشكلٍ لحظي ، في نجاح إضراب لعمال أحد مناجم الفحم في ولاية كنتاكي عام 1973 .

ذهبت مخرجة الفيلم باربرا كوبل، لتوثيق إضراب عمَّال الفحم ضد شركة التعدين في مُقاطعة هارلن ، وما ظَنّت أنه حدث سيستمر لبعض أيّام ، أو حتى أسابيع ، اعتراضاً على استخدام الشركة لبعض الألغام التي تؤثر على صحة العاملين ، ظل مُستمراً لأكثرِ من عامٍ كامل ، في صراع مُذهل بين الشعب/العمال والمؤسسة/السُّلْطَة ، من أجل الحصول على ظروف عمل وأجور أفضل .

وخلال هذا الوقت ، بدأت إدراة الشركة في استخدام العُنف ضد العمال ، سواء رسمياً عن طريق مضايقات البوليس ، أو عن طريق البلطجة والترهيب .

وكانت باربرا كوبل موجودة ، مع فريق فيلمها ، لتوثق كل شيء ، الأمر الذي أدى لمساعدة العمال ومنحهم بعض الغطاء الإعلامي لما يحدث في مُقاطعة صغيرة ، وأدى أيضاً لخوفِ الإدارة من استخدام العنف بشكل أكبر ، وكانت شرائط الفيلم المُسجَّلة ، وفريق العمل ، شهوداً على ما جرى في القضية التي فُتحت للتحقيق .

ونتيجة لتصوير الفيلم ، وتكبيل يد المؤسسة ، نجح الإضراب في النهاية ، وتحققت للعمال كل مطالبهم ، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد ، فقد أدى إنتاج الفيلم عام 1976 ، وحصوله على أوسكار أفضل فيلم وثائقي ، إلى تشكيل وعي جَمعي عام عن أهمية الإضرابات للحصول على الحقوق ، وكان نموذجاً احتذى به العمال بطول الولايات الأمريكية لتأمين احتجاجاتهم من أجل ظروف عمل أكثر أمناً .

ثورة العُمَّال في "مقاطعة هارلان":
link]

11- Apocalypse Now (القيامة الآن) - 1979

"فيلمي هذا ليس فيلماً ، ليس عن فيتنام ، إنه فيتنام ذاتها" .. المخرج فرانسيس فورد كوبولا أثناء استلامه جائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان عن "القيامة الآن"

إذا كان هُناك فيلماً واحداً يُعبّر عن "جنون الحرب" ، فهو بالتأكيد تُحفة كوبولا هذه ، رُبما لأن أي صانع أفلام آخر ، حين يُريد أن يُخرج فيلماً حربياً ، فإنه يبني مواقع تصوير ضخمة ، ويعتمد بشكل كُلّي على المؤثرات البصرية والصوتية ، مئات المُعدّات والفنيين ، آلاف المُمثلين والأسلحة ، ثُم .. يبدأ التصوير ، كوبولاّ اتخذ الطريق الأصعب: لقد ذهب إلى الحرب .

"الطريقة التي صنعنا بها الفيلم تشبه كثيراً الطريقة التي تواجد بها الأمريكيون في فيتنام, كنا في الغابة, كان عددنا كبيراً, أموال كثيرة ,معدات كثيرة, و رويداً رويداً..أصابنا الجنون" .. كوبولا

صُوّر الفيلم في أثر الحرب الأمريكية-الفيتنامية ، واستغرقت صناعته الثلاث سنوات ، وعَبّر ، تماماً ، عن معنى الحرب ، الرعب والدّمار النفسي الذين تُسببه للمشاركين فيها ، خصوصاً مع عدم معرفتهم ، على مدى سنواتٍ طويلة ، لماذا هُم هنا ، في تِلك الأرض الغريبة .

أُصيب بعض الجنود الذين شاركوا في فيتنام بانهياراتٍ عصبية أثناء مُشاهدة الفيلم ، ووصفه بعضهم بأنه "تماماً كالجَحيم الذي وجدوه هُناك" ، وتسبّب في موجة عارمة من الضغط الإعلامي والشعبي لتفسير ما حدث خلال سنوات الحرب الفيتنامية .

وفي عام 2003 ، عُرض في البنتاجون ، كمعركة الجزائر ، لمُشابهة الوضع القائم في العراق ، بما صوّره كوبولا عن فيتنام في "القيامة الآن" ، وحاول الأطباء النفسيين ، من خلال مُشاهدة الفيلم ، تهيئة الجنود الذاهبين إلى الحرب ، على "الرعب" الذي سيلاقوه هُناك .

مارلون براندويصف "رُعب الحرب" في "القيامة الآن":
link]

12- A Short Film About Killing(فيلم قصير عن القتل) - 1988

ربما يكون هذا هو أقل أفلام المخرج البولندي العظيم كريستوف كيسلوفسكي قيمة سينمائية ، ولكنها في المقابل أهمها على مستوى التأثير .

أخرج كيسلوفسكي هذا العمل أولاً في حلقة من مسلسل "الوصايا العشر" ، والتي قدمها للتلفزيون البولندي عام 1988 ، ومقدماً فيه رؤية قصصية مُعاصرة للوصايا العشر التي جاءت في التوراة ، وكان هذا العمل هو الوصيَّة السادسة الخاصة بتحريم القتل ، قبل أن يقوم بتقديمه في فيلمٍ سينمائي بمدّة أطول .

تدور "الوصيّة" حول مُراهق يقوم بقتل سائق تاكسي ، بسبب اضطرابه النفسي والاجتماعي ، ليُحكم عليه بالإعدام ، ويتتبع كيسلوفسكي بأسلوبٍ شديد الواقعية تفاصيل إعدامه ، بشكلٍ صادم للمشاهد ، يَعْكس من خلاله رؤيته المُناهضة للعقوبة .

وعقب إصدار الفيلم ، تم إلغاء عقوبة الحُكم بالإعدام في بولندا ، واسْتُبدلت بالسَجنِ مَدى الحياة .

مشهد الإعدام الصادِم في "فيلم قصير عن القتل":
[http://www.youtube.com/watch?v=EhkvrVPokAI]



تعليقات