كيف عرفت السينما المصرية طريق الإغراء؟

  • مقال
  • 05:03 مساءً - 2 نوفمبر 2013
  • 1 صورة



سامية جمال وتحية كاريوكا

من راقية إبراهيم.. "سنتى" و"عشان تحرمى تاكلى جلاس وتدوبى في قلوب الناس" إلى مروى و روبى و هيفا و"أنت مابتعرفش".. كيف بدأت مسيرة الإغراء فى السينما المصرية وكيف تطورت وإلى ماذا وصلت....

بدايات:
لم يكن الإغراء بصورته الواضحة عاملاً هاماً أو محسوساً فى بدايات السينما وحتى نهاية أربعينيات القرن الماضى. وإنما بدأ فى البزوغ -بشكله البسيط الذى تمثل فى شخصية الأنثى ذات الأنوثة الطاغية والملامح الشكلية الجمالية الواضحة- فى الخمسينات من خلال ظهور نجمات قدمهم مخرجيهم كألهة جمال الأغريق الجاذبة للذكور من كل اتجاه، والواثقة فى قدرتها على هذا الجذب والتحكم فى شدته للغاية.

فكانت سامية جمالو تحية كاريوكا ايقونتا الإغراء –بلا تصنيف مباشر- فى الخمسينات وبدايات الستينات حيث كان لكل منهما طابعاً وطعماً مختلفاً هو مزيج سحري بين الثقة والاقتحام والأنوثة الكاملة وبين الخجل والتحفظ والتوارى الكلاسيكي خلف سطوة الذكر وقوته. فتعلقت قلوب الملايين بتلك الصورة من المحيط إلى الخليج وظهرت بعدها هند رستم أو مارلين مونرو الشرق فى أواخر الخمسينات لترسم خطاً جديداً فى مملكة الإغراء وتؤرخ لأنوثة من نوع خاص لا تعتمد فقط على الجمال الشكلى الذى امتلكته بجدارة، وإنما لأسلوب خاص آسر لم ينجح حتى من حاولوا فى الاقتراب منه بنظرة متوحشة مخترقة لكبرياء الرجل بشدة وغنج آخاذ قادر على أسرك وإخضاعك بلا أدنى مجهود.. فكانت "هنومة" بائعة الكازوزة إسطورة كل العصور وفتاة أحلام مشاهديها من كل الطبقات.

إغراء كوميدى:
وفيما كانت سامية وكاريوكا وهند يقدمن أعمالاً جادة فى مجملها، وتقدمن الإغراء بشكله الطبيعى والمعتاد، ذهبت " شويكار" فينوس الشرق وعلى خطاها نجوى سالم إلى منحى جديد. غير أن الأخيرة لم تجد فرصة حقيقة فى البطولات المطلقة رغم استحقاقها لذلك فى نظرى. فشويكار هى من اخترعت تلك الطريقة الغير مسبوقة فى تقطيع الجمل فى تناغم وعذوبة تجعلك تشعر وكأنها تغنى طوال الوقت. ولأن معظم ما قدمته كان بصحبة الأسطورة فؤاد المهندس فقد ارتبطت كنجمة إغراء –ونظراً لخفة ظلها الشديدة وحضورها الطاغى– بالكوميديا أكثر من قريناتها كـ هدى سلطان مثلاً التى اعتادت تقديم شخصية الأنثى "الشعبية " التى امتلكت كل مقوماتها وتمكنت منها وعبرت من خلالها لبوابة النجومية فى أفلام رائعة شاركت في بطولتها أمام ملك الترسو فريد شوقى وفتى الشاشة الأروع رشدى أباظة.

وبينما انحصرت أدوار الإغراء فى الخمسينات والستينات فى شخصيات "الراقصة" و"الجارة العزباء" والأرستقراطية التى تقع فى غرام ابن طبقة أدنى، ولم يكسر أحد هذا القالب إلا فيما ندر، فأن السبعينات حملت صخباً أكثر ووضوحاً أقوى فى تقديم تلك الشخصية لا سيما مع ظهور بعض النجمات اللاتى لم يمانعن المشاهد ولا الملابس الساخنة وقدمنها بأريحية واستعداد كبير، فى مثال ذلك شمس البارودى وفيلمها الأشهر " حمام الملاطيلى" و مديحة كامل والعديد من الافلام التى حملت بصمة خاصة وأنوثة خاصة حاولت من خلالها وبالتزامن مع المشاهد الساخنة، تقديم قصة ذات معنى أو مناقشة قضية ما مثل " شوارع من نار" و" درب الهوى" و" الجحيم".

نجمة الجماهير الأولى:
وبحلول الثمانينات والوصول لمنتصفها يبدأ المجتمع فى الميل بشكل واضح للتحفظ والعودة لموروثات وتقاليد قديمة والتمسك بالتعاليم الدينية التى تحض على الاحتشام وما إلى ذلك من المفاهيم. فينعكس ذلك على حال السينما التى كانت من الأصل تعاني الركود ويبدأ المنتجون فى إنتاج الأفلام الخفيفة التى لا تحمل سخونة تنفر العائلات والمحافظين إلا من مشهد أو أثنان على الشاطىء أو غيره. إلا أنه يوجد محاولات لكسر القالب بظهور ما سمى بسينما المقاولات وما حمله ذلك من هياتم و هيام طعمة و سميرة صدقى، وكميات هائلة من الملابس الشفافة والرقصات الغير مبررة إطلاقاً. وفى التسعينات يبزغ نجم نجمتين عولت السينما بأسرها على إنتاجهما وحدهما لفترة ليست بالقليلة هما "نجمة مصر الأولى" و"نجمة الجماهير" أو نبيلة عبيد و نادية الجندى، اللتين كانتا وقود كل الصفحات الفنية وتخيل معظم الجمهور، إنهما لا تنامان الليل ولا تطيقان بعضهما من احتدام المنافسة. قدمت كلتا النجمتين مشاهد ساخنة لا ريب وأن اختلف أسلوب كلاً منهما فكانت نبيلة ناعمة متسربة رقيقة أحيانا وواثقة كل الأحيان، بينما كانت نادية مقتحمة شرسة ضاربة بكل شىء عرض الحائط. وعلى الرغم من المشاهد الساخنة قولاً وفعلاً إلا أن النجمتين قدمتا أفلاماً تعد إلى الآن تأريخاً للمجتمع فى ذلك الوقت بشكل عام، والسينما المصرية بشكل خاص. ومنها " قضية سميحة بدران" و"توت توت" و" كشف المستور" ولنادية " ملف سامية شعراوى" و" الإرهاب" و" الرغبة" مشاركة مع إلهام شاهين التى تعد من أبرز نجوم تلك المنطقة أيضا ومن أهم أدوارها فى ذلك الشأن " سوق المتعة" مع العظيم محمود عبد العزيز.

تحفظ:
ومع ظهور اصطلاح "السينما النظيفة" و"السينما الشبابية" تظهر نجمات يملن بطبعهن للتحفظ فى بداية مشوارهن كـ منى زكى و غادة عادل و ياسمين عبدالعزيز إلا أن الوضع لا يلبث أن يتبدل من جديد باستمرار الجريئة إيناس الدغيدى فى تقديم الأفلام المثيرة للجدل " دانتيلا" و" كلام الليل" وبعدها " مذكرات مراهقة" ويقدم خالد يوسف فيلمه المثير للجدل أيضا " خيانة مشروعة" فتظهر سمية الخشاب وتتوالى أعماله فتظهر غادة عبدالرازق ويصاحب ظهورهما ظهور علا غانم التى التصق بها هذا الدور بلا محاولات تقريباً للهروب منه على عكس غادة وسمية؛ وبظهور هؤلاء النجمات يظهر نوع أخر من الإغراء لا يمانع فى تقديم أى شىء طالما أنه كما يدافعن عن عملهن "فى سياق الدراما".

وكما بدا من خلال ما استعرضناه فأن وجود الأنثى بشكل عام والأنثى التي تقوم بالإغواء بشكل خاص، كان ولا زال عاملاً مشتركاً وخطاً دائماً فى كل عمل سينمائى وإن خفت تأثير هذا الخط فى بعض الأحيان إلا أنه لا زال عامل الجذب الأكبر تقريباً لقطاع كبير من جمهور السينما فى مصر.



تعليقات