​"جمال عبدالناصر"... وجوه متعددة للزعامة

  • مقال
  • 10:38 مساءً - 25 ابريل 2014
  • 1 صورة



​"جمال عبدالناصر"... وجوه متعددة للزعامة

حتى بعد مرور ما يزيد عن الأربعين عامًا على رحيل الرئيس المصري جمال عبدالناصر، لا زالت شخصيته والحقبة التي تولى خلالها رئاسة الجمهورية تثيران حتى وقتنا هذا عدد لا يحصى من النقاشات في الملتقيات السياسية والفكرية والثقافية، وبالرغم من كل شيء، لا يستطيع أحد أن ينُكر مدى الشعبية الهائلة التي يتمتع بها الرجل وعصره في الوجدان المصري، والتي انعكست بالتدريج على تواجده المكثف كمرتكز رئيسي في العديد من الأعمال السينمائية والتليفزيونية، وللتدليل على ذلك، تذكر عدد المرات التي تم فيها استحضار خطاباته، وعلى رأسها خطاب قرار تأميم شركة قناة السويس وخطاب التنحي، تذكر عدد الصور الشخصية للرئيس عبدالناصر التي تم تطويعها في سياق الدراما (يمكن أخذ فيلمي الكيت كاتو المواطن مصري كأمثلة من بين عشرات الأمثلة على ذلك)، بل حتى يمكن تذكر عدد المحاولات التي تمت فيها معايشة الحقبة التي تولى خلالها الحكم.

لكل تلك الأسباب، ظلت فكرة تجسيد شخصية جمال عبدالناصر شيء أشبه بحلم يداعب خيال العديد من صناع السينما، ولكن ما أن بدأت السينما المصرية في إتخاذ تلك الخطوة في منتصف التسعينات، حتى ازدادت بعدها المحاولات تباعًا من أجل الاقتراب من شخصية الرئيس عبدالناصر.

بعد شهرين من الآن، سوف يحل شهر رمضان الكريم، وفي رمضان هذا العام، سيعرض مسلسل تليفزيوني جديد يحمل عنوان ( صديق العمر)، والذي يتناول تفاصيل علاقة الصداقة التي جمعت بين الرئيس عبدالناصر والمشير عبدالحكيم عامر بعد عدة محاولات ملحة لتناول هذه العلاقة على الصعيد الدرامي، من بينها محاولة المخرج خالد يوسف لتناولها من خلال مشروع فيلم سينمائي ظل يراوده لسنوات ولم ير النور، وحمل عنوان (المشير والرئيس).

لهذا، ولحين صدور المسلسل لنرى ما سيحمله لنا، يعود معكم موقع (السينما.كوم) عدة سنوات إلى الوراء، لكي يتذكر معكم أبرز المحاولات التي بُذلت لتجسيد شخصية الرئيس عبدالناصر، والفنانون الذين وقفوا وراء هذه المحاولات.

أحمد زكي ( ناصر 56- 1996):
في حقبة التسعينات، وقبل موجة نجوم الكوميديا، كان الركود هو السمة الغالبة على صناعة السينما المصرية، لذلك فكان الإقدام على إنتاج "فيلم سيرة ذاتية مصور بالأبيض والأسود ويتناول الحقبة الناصرية" هو مجازفة كبرى غير مأمونة العواقب، ولكن مع وجود دعم مادي حكومي متمثل في إتحاد الإذاعة والتليفزيون، ومع وجود فنان متحمس للفكرة مثل الفنان الراحل أحمد زكي الذي كان يطمح في تلك الفترة في الدخول إلى منعطف جديد في مسيرته الفنية، صار الأمر ممكنًا.

كان النجاح الكبير الذي ناله الفيلم يرجع في جزء كبير إلى التقمص الهائل الذي قام به الفنان أحمد زكي للرئيس عبدالناصر، والذي لم يعتمد فيه على المواصفات الشكلية بقدر اعتماده على المواصفات الشخصية والنفسية، للدرجة التي تم معها الاستغناء داخل كواليس الفيلم عن أنف تجميلية كان من المفترض أن يستخدمها زكي خلال تصوير الفيلم لكي يبدو متطابق في الشكل مع الرئيس عبدالناصر.

يعود نجاح التجربة أيضًا لكون الفيلم لم يقم باستعراض حياة الرئيس عبدالناصر "من الميلاد وحتى الموت" على شاكلة أفلام السير الذاتية في مصر، وإنما قام بانتقاء فترة من حياته كانت تعد من أكثر الفترات حساسية، حينما كان عبدالناصر يبحث عن تمويل مادي للسد العالي، ولم يجد حلا سوى تأميم شركة قناة السويس، وهو ما جر عليه غضبًا عارمًا من الغرب.

ويبدو أن نجاح هذه التجربة قد فتحت شهية الفنان الراحل أحمد زكي من أجل تقديم المزيد من الشخصيات التاريخية، فأقدم بعدها بسنوات على إنتاج فيلم من بطولته عن حياة الرئيس السادات، كما حقق قبيل وفاته حلمه بتقديم فيلم عن حياة الفنان الراحل عبدالحليم حافظ.

خالد الصاوي ( جمال عبدالناصر-1999)
جاءت المحاولة الثانية لتجسيد شخصية الرئيس عبدالناصر بعد نجاح التجربة الأولى بأكثر من ثلاث سنوات، مع استهداف تقديم حياة جمال عبدالناصر من الميلاد وحتى الموت، وهذه المرة مع ممثل قادم من عالم المسرح بعد سنوات من العمل هناك، وقدم العديد من الأدوار الصغيرة في السينما والتليفزيون، ويملك الكثير في جعبته، كما أنه يشبه في ملامحه كثيرًا ملامح عبدالناصر نفسه.

كان يبدو بشكل كبير أن كافة عوامل النجاح تساند هذا الفيلم، لكن العامل الذي خذل الفيلم بشكل كبير هو الدعاية التي جاءت بشكل غير مرضي مما أدى إلى فشله تجاريًا ورفعه بعد أيام قليلة من دور العرض.

رياض الخولي ( أم كلثوم- 1999)
في نفس العام الذي صدر فيه فيلم (جمال عبدالناصر)، كان المسلسل التليفزيوني (أم كلثوم) قد بدأ عرضه في شهر رمضان، وبما أن المسلسل يعج بكافة الشخصيات التاريخية التي تعاملت معها الفنانة أم كلثوم على مدار مسيرتها الفنية والإنسانية، فكان لابد من تواجد شخصية جمال عبدالناصر ضمن الأحداث، خاصة وأنها قد تعاملت معه كثيرًا على مدار حياتها في العديد من المواقف، من بينها الموقف الذي أعيد فيه بث أغانيها عبر اﻹذاعة المصرية بعد أن مُنعت من قبل حركة الضباط الأحرار بعد 1952.

ومع النجاح الكبير الذي ناله المسلسل على مستوى المشاهدة، إلا أنه كانت هناك مشكلة في طريقة نقمص الشخصيات، والأمر ينسحب بالتأكيد على أداء رياض الخولي كذلك، وهى الاعتماد المبالغ فيه على الطرق التي كانت تبدو بها هذه الشخصيات في الواقع، دون إضافة أي لمسات خاصة من قِبل الممثل نفسه.

نبيل الحلفاوي
( أوراق مصرية- 2002)
على الرغم من عدم وجود أي خلاف على تميز نبيل الحلفاوي كممثل، إلا أنه لا يتذكر أحد تقريبًا ما قدمه نبيل بالنسبة لشخصية جمال عبدالناصر، ولا يتذكر حتى الكثيرون هذا المسلسل الذي –وللعجب– قد أنتج منه ثلاثة أجزاء عرضت على التليفزيون المصري، وربما يعود جزء كبير من هذا إلى المشاكل الإخراجية الجسيمة التي عاني منها المسلسل، ولا تنسى أن نفس المخرج ( وفيق وجدي) هو صاحب كارثة ( رجل الأقدار: عمرو بن العاص)

مجدي كامل ( العندليب: حكاية شعب- 2006/ ناصر- 2008)
جاء مسلسل (العندليب: حكاية شعب) كنتيجة لنجاح الممثل والمطرب شادي شامل في الفوز في برنامج المسابقات (العندليب، من يكون؟)، وبعيدًا عن كافة المحاولات الدؤوبة من الجميع لتحويل شادي شامل إلى نسخة كربونية طبق الأصل من عبدالحليم حافظ مما كان له أثرًا غير محمودًا، كان من أهم البارزين في المسلسل الفنان مجدي كامل من خلال أدائه لشخصية عبدالناصر، خاصة مع تطويعه غير المسبوق لنظرة العينين الثاقبة التي كان الرئيس عبدالناصر يتمتع بها.

ولأن أداء مجدي كامل ظل منذ ذلك الوقت عالقًا في أذهان الكثيرين، ومع انفتاح شهية الفضائيات العربية لإنتاج مسلسلات السير الذاتية والمسلسلات التاريخية، وبميزانيات كبيرة تسمح بخروج هذه الأعمال على نحو أمثل، تم استقدام المخرج السوري باسل الخطيب من أجل استثمار ذلك الأمر في مسلسل تليفزيوني مستقل بذاته يتناول حياة الرئيس جمال عبدالناصر بشكل أكثر تفصيلا.

جمال سليمان (صديق العمر- 2014)
بما أن المسلسل لم يعرض بعد، فلا نستطيع الآن الحكم على مدى الإضافة التي سيقدمها الفنان جمال سليمان للشخصية، وهو ما يجعلنا نفضل الانتظار لنرى ما سيكون دون القفز لأي أحكام مسبقة.



تعليقات