إنه "يوم مالوش لازمة"، لكنه يحمل مفاجأة سارة

  • مقال
  • 02:29 مساءً - 12 فبراير 2015
  • 2 صورتين



صورة 1 / 2:
مشهد من فيلم (يوم مالوش لازمة)
صورة 2 / 2:
محمد هنيدي وريهام حجاج ومحمد ممدوح في مشهد من فيلم (يوم مالوش لازمة)

على مدار السنوات العشرون الماضية، اختلفت المناقشات النقدية الدائرة حول أفلام محمد هنيدي بشكل طردي مع اختلاف التجارب الكوميدية التي أقدم عليها، حيث استطاع طيلة هذه السنوات العمل مع مجموعة من أبرز الأسماء البارزة على الساحة السينمائية في مصر، ليقدم أفلامًا كوميدية تختلط حينًا برسالة سياسية مباشرة، أو بقضية اجتماعية، أو حتى ممزوجة بجرعة درامية تصبح ثقيلة الوطأة في خواتيم الفيلم، لكنه نادرًا ما لجأ لتقديم الكوميديا الخام التي لا تهدف لشيء سوى صنع فيلم ممتع وطريف في مجمله، ومع ذلك، كانت أفلامه الكوميدية الخام هى أفضل ما كان يقدمه هنيدي على الإطلاق.

ربما يكون السبب في قلة الأفلام الكوميدية الخالصة التي يقدمها هنيدي هى الخشية المتوقعة من التسفيه الدائم من قبل عدد ليس بالقليل من النقاد أو المثقفين لفكرة تقديم الكوميديا لذاتها، أو بمعنى آخر أن تكون الكوميديا غاية وليست وسيلة لمناقشة أمور سياسية واجتماعية، بالرغم أنه لا يوجد في الأساس عيب أن يكون فيلم ما لا يهدف سوى إمتاع جمهوره المستهدف، ولا يوجد لديه أية أغراض أخرى تتعلق بـ"هوس العمق" الذي تحدث عنه الأديب الألماني باتريك زوسكيند في إحدى قصصه القصيرة، وليس من المطلوب أصلًا من أي فنان أن يتحول إلى منظر سياسي أو اجتماعي بقدر ما هو مطلوب منه أن يقدم ما يجيد تقديمه على نحو جيد فنيًا أو ترفيهيًا أو كلاهما ما استطاع لذلك سبيلًا.

في آخر أفلام هنيدي ( يوم مالوش لازمة)، يبدو أنه قد تخلى تمامًا عن خشيته تلك، وقدم فيلمًا كوميديًا بالكامل من أول دقيقة لآخر دقيقة دون أن يقحم عليه أي نزعة درامية زائدة، أو ينجرف وراء حوارات مطولة قد تخرج الفيلم من حالته العامة التي تخيرها لنفسه، ويبدو أن الكاتب عمر طاهر الذي تعاون مع هنيدي من قبل في التليفزيون من خلال المسلسل الرسومي ( سوبر هنيدي) كان واعيًا بهذا الأمر في ذهنه وهو يعمل كتابة سيناريو الفيلم.

يلتقط عمر طاهر فكرة بالغة البساطة لنص فيلمه، إلا أنها واعدة للغاية بتقديم عدد كبير من المواقف الكوميدية بحرية شديدة وعلى نحو يمكن من المزج بينها أيضًا عند اللزوم، فالفيلم يتتبع يوم زفاف يحيى ومها ( محمد هنيدي و ريهام حجاج) منذ الصباح الباكر وحتى نهاية حفل الزفاف نفسه، لكنه يحول هذا اليوم الطويل إلى متتالية مستمرة من المفارقات الكوميدية على نحو يُذكر بالمثل القائل "المصائب لا تأتي فرادى"، ويجعلنا منتظرين ومترقبين معه حتى اللحظات الأخيرة لنرى ما إذا كان حفل الزفاف سينتهي بسلام أم أن مصيبة أخرى تنتظر العروسان.

كما ينجح عمر طاهر في المراوغة بنجاح لكي لا يحمل الفيلم مناقشات أكبر من خفته بكثير حول المنظومة الاجتماعية بالرغم من كون الفيلم بأكمله متمركز دراميًا حول حفل زفاف، وبدلًا من ذلك فهو يحول كل ما قد كان من الممكن أن يتحول إلى وعظ إجتماعي إلى إفيه ذكي أو سخرية مُبطنة.

لكن على الجانب الآخر كانت هناك مشكلة في الفيلم تحتاج إلى القليل من التوازن في عملية الكتابة، وهى صياغة ملامح أكثر وضوحًا لشخصيتي العروسين، لأنه بسبب اعتماد الفيلم في بنائه على متتالية مواقف كوميدية، فقد جعلها عمر طاهر في نفس الوقت هى المحرك الوحيد تقريبًا للشخصيتين الرئيسيتين، وهو الأمر الذي كان يحتاج للقليل من العون من قبل شخصيتي يحيى ومها لتفعيل الكوميديا أكثر في الفيلم، ولمضاعفة التأثير الذي يحمله كل موقف جديد.

وربما كانت شخصيتي الفتاة المهووسة بوسي ( روبي)، وقريب العريس سامح ( محمد ممدوح) قد نفدتا كتابيًا من هذا الفخ، وبل حتى صرنا نتنظر منهما طوال الوقت خطواتهما القادمة بناء على نعرفه عنهما، وليس فقط بسبب المواقف التي يوضعون في سياقها، وحتى إن كانت بعض التفاصيل المصاحبة تحمل شيء من التقليدية، مثل موسيقى Pscyho التي ترافق روبي في كل مرة تطل من خلالها على الشاشة.

(يوم مالوش لازمة) سيكون فيلمًا مناسبًا لقضاء عطلة نهاية الأسبوع معه، وفي نفس الوقت هو ضربة موفقة من هنيدي لتقديم جرعة كوميدية خالصة، كوميديا بدون أي إضافات زائدة.



تعليقات