Game of Thrones (حلقة 9): رقصة التنين

  • مقال
  • 04:10 مساءً - 11 يونيو 2015
  • 1 صورة



الكاليسي مع تيريون لانيستر وجورا وميساندي وداريو نهاريس

(تحذير: هذا المقال قد يكشف بعض أحداث الحلقة)

للحلقة رقم تسعة في كل مواسم المسلسل التليفزيوني Game Of Thrones منذ بدايته موروث كبير بين كل متابعي ومريدي المسلسل، وأهمية فائقة تفوق أهمية الحلقة الأخيرة، ففي كل حلقة تاسعة يقع حادث محوري يعيد تشكيل الخارطة الكبرى للصراعات في ويستروس، ففي الموسم الأول يقوم الملك "جوفري" بإعدام ساعد الملك "نيد ستارك" في خطوة حمقاء أججت نيران الحرب، وفي الموسم الثاني كانت معركة (بلاك ووتر) التي مثلت مفترقًا مركزيًا في تاريخ "آل لانيستر" وكينجز لاندينج، أما في الموسم الثالث فتقع مذبحة "آل ستارك" الشهيرة التي يروح ضحيتها كل من "روب ستارك" وزوجته الحامل "تاليسا" والأم "كاتلين ستارك"، وصولًا إلى الموسم الرابع الذي يقدم معركة ضخمة ومنتظرة بين حراس السور وبين قوات الغجر، وهى المعركة التي تشهد موت "إيجريت" حبيبة "جون سنو".

وفي هذه المرة، تستحضر الحلقة التي حملت عنوان The Dance of Dragons حادثًا جللًا للغاية في خواتيمه، وتم تقديمه على الشاشة بما يتناسب مع ضخامته وجسامته، لكن هذا الحدث ليس هو مشكلة الحلقة على الإطلاق، بل بالعكس كان نقطة قوتها المركزية، وإنما المشكلة كانت في كافة الخطوط الأخرى التي حملتها الحلقة، وعلى رأسها خط ستانيس براثيون الذي أثار غضب الكثيرين من متابعي المسلسل، خاصة بعد حلقة ساخنة وممتلئة مهدت لبداية الشتاء أخيرًا بعد أربع سنوات من ترقب الشتاء.

السور:

بعد المعركة الضخمة والمشوقة التي خاضها "جون سنو" و"تورموند" وأتباعهما مع السائرين البيض بعد التمهيد الذي استمر طيلة المواسم الأربعة الماضية، وهى المعركة التي استغرقت في الحلقة الماضية قرابة الثلاثون دقيقة، كان من الغريب أن يكون مشهد عودتهم بكل هذا الفتور، حتى أنك قد تشعر بأنه مشهد تقريري يقوم فقط بتسجيل عودتهم إلى السور سالمين، ولم يقع شيء يستحق الذكر سوى لعبة الإيهام وكسر الإيهام المتعلقة بتردد السير "أليسار ثورن" للحظات معدودة في فتح البوابة أمام خصمه اللدود "جون سنو".

الشمال:

دعونا نعود للوراء قليلًا، هل تتذكرون حينما تحدث "ستانيس براثيون" عن مرض ابنته اﻷميرة "شيريين" من جراء التقاطها عدوى من إحدى الدمى التي اشتراها لها خصيصًا، ثم جال في جميع اﻷرجاء باحثًا عن طبيب بارع يمكنه أن ينقذها من الموت، وقد نجت بالفعل من الموت مع بقاء أثر المرض على وجهها دائمًا، هل تتذكرون كل ذلك، حسنًا، ما رأيكم فيمن يقرر فجأة أن يلقى بكل الجهد وكل هذا الحب أدراج الرياح؟

إن قيام "ستانيس براثيون" بالخلاص من ابنته "شيريين" حرقًا لكي تكون قربانًا بشريًا هو بلا شك واحد من اسوأ القرارات الدرامية التي اتخذها فريق عمل المسلسل ومعهم المؤلف جورج أر أر مارتن إن لم يكن هو اﻷسوأ فعليًا في تاريخ المسلسل، ناهيك عن كونه حدث يخرج أصلًا من دائرة الأحداث في الكتب التي نشرت حتى الآن من سلسلة (أغنية الثلج والنار)، وأنه سيقع في الكتاب السادس الذي لم يصدر حتى اﻵن بناء على ما قاله مارتن نفسه.

في البداية كنت أحاول أن أعزو ما ارتكبه "ستانيس براثيون" إلى الهوس الديني، لكن حتى هذا الدافع غير كافي لتبرير ما أقدم عليه إذا أخذناه على حدة، خاصة لكون زوجته هى من ينطبق عليها صفة المهووسة دينيًا على نحو أقرب إلى نموذج "أندريا ياتس" (*) من ناحية نمط التفكير، تذكر مثلًا ردود أفعالها نحو الابنة طيلة الوقت أو إيمانها اﻷعمى بما تقوله "مليساندري" أو حتى تبريرها لخيانة زوجها إياها مع "مليساندري".

ومع كل الغضب الكبير من المشاهدين من موت اﻷميرة "شيريين" على هذا النحو البشع، كان اﻷمر الغريب إلى أبعد حد هو رد فعل كل من "ستانيس براثيون" وزوجته بما يتنافر ويتناقض كليًا مع شخصياتهما، فبينما لم يحرك "ستانيس" ساكنًا بالرغم من حبه العارم لها، تحرك قلب زوجته ورق لها فجأة وكأن كل مشاعرها السلبية التي كانت تشعر بها نحو ابنتها لم تكن.

برافوس:

إلى أين يتجه خط "آريا ستارك" بالضبط؟ ذلك هو السؤال الملح الذي راودنا منذ الانتهاء من مشاهدة الحلقة، هل نتوقع من "آريا" أن تتخلص من السير تيرنت الذي ظهر على حين غرة في برافوس، والذي تسبب في قتل معلمها في الموسم اﻷول، وكيف سيكون اﻷمر؟ هل ستستغل هوسه بالفتيات غير الناضجات؟ وهل ستنفذ المهمة اﻷخرى بالتوازي مع نيتها في التخلص من اسم آخر في قائمتها؟ وهل سنعرف اﻹجابة في الحلقة المقبلة؟

دورن:

منذ اللحظة اﻷولى التي بزغ فيها عالم دورن، لم أحب هذا الخط مطلقًا، شعرت بأن كتاب المسلسل قد وضعوه ضمن الخطوط الدرامية بمنطق "تعبئة الشريط" لكي يمكلوا مدة عرض الحلقات، كل ما يحدث فيه حرفيًا لا يشغلنا ولو لطرفة عين، وليس له أي علاقة مباشرة بالصراع الدائر في المسلسل، ولن تعرف ما هو موقع هذا الخط من اﻹعراب إذا حاولت وضعه في جملة الصراع في ويستروس.

اﻷدهى من ذلك أن هذا الخط قد خصم شطرًا ليس بالقليل من اهتمامنا بشخصية "جايمي لانيستر" بعد أن ازداد اهتمام المشاهدين به في المواسم الفائتة بسبب التغير الدرامي الذي اجتاحه وانكشف به جانب آخر كان يخفيه عمدًا وراء قسوته الظاهرية وسلاطة لسانه، وهو ما انكشف مع تطور علاقته بالفارسة "بيرين أوف تارث"، بينما في هذا الموسم بالذات قد شحب حضوره الدرامي تمامًا بسبب طبيعة الخط نفسه.

ولا يتوقف اﻷمر عند هذا الحد، بل أن الطريقة التي تم بها حل اﻷزمة وتصفية اﻷجواء بين "إيلاريا ساند" و"آل لانيستر" قد جاءت بمنطق "قعدة العرب" و"ما انكسر ينصلح"، إذن إذا كان يمكن حل المشكلة بهذه الطريقة من البداية، فلماذا أصلًا حدث كل ما حدث؟

ميرين:

اﻹثارة والمتعة كلها هنا، وهنا فقط، ينجح هذا الخط دومًا في الحفاظ على اهتمام المشاهدين طوال حلقات الموسم مهما كان مستوى الحلقة، خاصة مع غياب خط كينجز لاندينج عن اﻷفق في هذه الحلقة.

تم التمهيد لخط ميرين دراميًا على نحو منضبط ومشوق، وتم تأسيسه كوحدة متكاملة تتصاعد تدريجيًا، وهو تصاعد طبيعي مبني على تصاعد اﻷحداث داخل ميرين منذ تولي "دينيريس تاريجيريان" لزمام السلطة، طوال الحلقات السابقة كانت هناك الكثير من التجليات لخروج اﻷمور عن سيطرة "دينيريس"، لكن محاولة الاغتيال التي تتعرض لها "دينيريس" خلال تواجدها في العروض القتالية وما يتلوه من محاولة للنجاة هو أمر أشبه بوصول مقطوعة سيمفونية نحو الذروة.

كما لا يغفل المرء ما قام به مخرج الحلقة من تغذية ذكية لكل اﻷحاسيس التي تتحرك في ذهن المشاهد، هناك نزعة من التوتر تغلف أجواء المبارزات، "دينيريس" غير مستريحة لما تراه، وكذلك "تيريون لانيستر" الذي يعبر عن عدم ارتياحه بسخرية معتادة منه، "جورا" يحاول بلا كلل أن يستعيد ثقة مليكته به، "لوراك" يراقب المبارزات الدائرة بحماس شديد، كل هذا يتم إذكاءه بدقة قبل أن يكشف "جورا" المؤامرة المحاكة ضد الكاليسي من قبل أبناء هاربي، والتي تعد تتويجًا لكل المناوشات والتوترات الدائرة داخل جدران المدينة، ومعه تندلع واحدة من أفضل المعارك على مستوى الموسم الخامس في تصميمها وتصويرها، يكفى اﻹصابة بالتوتر عندما نرى أبطالنا في وسط بحر هادر ممن يحاولون قتلهم، وذلك قبل أن يحل التنين في نهاية اﻷمر لكي تطير معه "دينيريس" بعيدًا عن كل هذا القتل وكل هذه الدماء.

عن هذه الحلقة:

هذه ليست المرة الأولى التي يقوم فيها خط درامي واحد بحمل ثقل الحلقة على كتفيه في هذا الموسم مع ضعف تأثير بقية الخطوط، صحيح أن خط "دينيريس تاريجريان" ينقذ الموقف ويحقق لنا ما يفوق توقعاتنا بأكثر مما نحلم، لكن إذا قارننا هذه الحلقة ببقية الحلقات التي حملت الرقم تسعة في المسلسل، فإن هذه هى أقل "حلقة تاسعة".

(*) أندريا ياتس: سيدة أمريكية قامت بقتل أبنائها الخمسة عن طريق إغراقهم في حوض الاستحمام في منزلها في العشرين من يونيه 2001، كان أكبرهم يبلغ من العمر 7 أعوام، وأصغرهم 7 أشهر فقط، وكانت تعاني من مشاكل نفسية عديدة من بينها (اكتئاب ما بعد الولادة)، باﻹضافة إلى شعورها الدائم بالذنب من فرط تدينها الشديد الذي تحول إلى هوس مرضي، وهو ما أدى لاعتقادها بأن أولادها كانوا سائرون لا محالة إلى الجحيم، وقد أثارت هذه الجريمة المفزعة صخبًا هائلًا لدى الرأي العام اﻷمريكي.



تعليقات