علي ونازلي.. وداعًا لثنائيات الأناضول!

  • مقال
  • 01:11 صباحًا - 7 يوليو 2016
  • 1 صورة



جراند أوتيل

ليس بخفي علينا أن الدراما التركية قد غزت الساحة العربية وقلوب المشاهدين العرب منذ فترة ليست بقصيرة، وتهافت عليها الملايين من الناس، لنجد بعد ذلك أنه لا صوت يعلو فوق صوت الدراما التركية!

إذا حاولت أن تسأل أحد متابعيها "ما الذي يجذبك إليها؟" سيجيب ببساطة شديدة وإجابة منسقة ومختصرة؛ أنها تحتوي على أفضل الأزياء، وأجمل المناظر الطبيعية، وأروع قصص الحب والتضحية، دون أن تركز إجابته على مدى براعة الحبكة الدرامية أو تسلسل الأحداث وتناسقها.

فالمتابع الجيد للدراما التركية، من المؤكد يدرك أنها تحتوي على أخطاء فادحة وسقطات لا تُغتفر، ومط كثير أو اختصار شديد يؤدي إلى "دربكة" درامية، التي تؤدي إلى أحداث مفتعلة وغير واقعية، لكنه يتناسى كل ذلك في سبيل الأزياء والديكورات وقصص الحب!

فإذا نظرت نظرة فاحصة لمواطن القوى في المسلسلات التركية -وفقًا لمتابعيها- ستجد أنها نفس اﻷشياء التي تفتقدها الدراما المصرية.

فعلى الجانب الأخر من المتوسط، لا شك أن صناع الدراما التليفزيونية في مصر هم الأقوى في مجالهم، يدعم ذلك الخبرة الطويلة التي اكتسبها هؤلاء على مدار السنوات التي قدمت فيها مصر دراما تليفزيونية قوية لم تجد منافسًا، ومسلسلات قوية وعظيمة على مر العقود تناقش قضايا مختلفة في مجالات شتى، كما أن خامة الممثل المصري يمكن تطويعها لتأدية الأدوار المختلفة، ولكن الجمهور يعزف عنها بسبب افتقادها للحبكة الدرامية الجيدة في آحيان عدة، إلى جانب وجود سقطات درامية!

هنا نحن نواجه "عقدة الخواجة"؛ فأمامنا حالة من الانفصام الشديد ما بين المنتج التركي المفتعل الذي يحتوي على عدة عيوب -كما ذكرت- ، والمنتج المصري الذي يتنوع بين الجيد والسيء ويحمل سقطات أيضًا، الأول يفضله معظم الجمهور والثاني لا يمر أبدًا دون انتقاد لأدق تفاصيله وأحداثه!

ليأتي بعدها "جراند أوتيل"، المسلسل الذي عُرض على شاشات رمضان 2016، ليلجم الجميع، ويرضي أذواق الكثيرين؛ بعدما استغل صناعه كل الطرق التي يستطيعون من خلالها الوصول إلى قلب المشاهد، والموازنة بين ذلك وبين الرقي في ذات الوقت.

فنجد أن المسلسل ينطوي على موضوع رئيسي يتفرع منه عدة قضايا، يبدأ من فكرة بسيطة للغاية حول شاب يبحث عن شقيقته، التي تعمل في "أسوان" ليصل بعد ذلك لذروة الأحداث والعقدة، التي تتفكك وتحل بعد ذلك، حبكة درامية مدهشة؛ نفتقدها في المسلسلات التركية، التي يجهل الكثيرون أنها لا تُكتب كاملة قبل عرضها، الأمر الذي يؤدي إلى تغيير في مجرى الأحداث على حسب نسب المشاهدة، ويؤدي إلى أخطاء غير منطقية بتاتًا، فبصفة أساسية أصبحت الدراما التركية لعبة تجارة تعتمد على "الريتنج" الذي يتحكم في الكاتب ويجبره على مط الأحداث أو تقصيرها بما لا يعود بفائدة على القصة والغرض الأساسي منها.

لذلك أن تشاهد مسلسلًا متناسقًا مرتب الأفكار يعتمد على قلب الموضوع دون أن يغفله الكاتب، أفضل من مشاهدة مسلسل قد ينسى الكاتب الغرض الأساسي من كتابته، ولعلها مبالغة ولكني أظنها مبالغة لا تنفي الواقع.

أما عن المناظر الخلابة فلا نجد أجمل من "أسوان" بمناظرها المدهشة التي تنافس بلاد الأناضول بلا شك.

وإذا اعترفنا أن الموسيقى التصويرية التركية لها وقع خاص، ولحن قريب من القلب، فيجب أن نعترف بأمرين أخرين، الأول أنها تكاد تتشابه لأنها معتمدة على عدد محدود من الملحنين، لنجد المشاهد يخلط بين موسيقى مسلسل بمسلسل أخر؛ أما الثاني فأن الموسيقى التصويرية المصرية مقبولة إلى حد كبير وتشعرك بروحك إذا كانت مقدمة من ملحن متمكن ومحب للموسيقى، لذا فيجب شكر "أمين أبوحافة" الذي قدم لنا موسيقى "جراند أوتيل"، لأنها مميزة عن غيرها ولأنه تفوق بها على الموسيقى المشابهة في المسلسلات التركية، وعبر من خلالها عن حقبة العمل ومشاعر أبطاله في كل مشهد.

لنصل أخيرًا إلى "علي" و"نازلي" قصة الحب التي وُلدت في قلب أحداث صعبة وقاسية على كليهما، قصة حب رقيقة وخاطفة، تفوق فيها "عمرو يوسف" و"أمينة خليل" على أنفسهما، فأنت كمشاهد تنتظر اللقاء بينهما، وتخشى أن يراهمها أحد، تتمنى لو يلتقيا خارج الفندق ليرتاح صدرك من خوف رؤية مراد لهما! حوارات عاشقة ولكنها ليست مبالغ فيها، فلقاءهما لا يعتمد على التغزل في بعضهما ولكن لمناقشة ما يواجههما، يعتمدا على بعضهما البعض للوصول للحق، والحقيقة، فقدما ما لم يستطع أي من ثنائيات الأناضول تقديمه.

في النهاية أنا لا أنفي مشاهدتي لكل أنواع الدراما حول العالم، ولا أحاول مهاجمة الدراما التركية، أو تبجيل الدراما المصرية، ولكني أحاول مواجهة الانفصام الشديد الذي يعاني منه الكثيرون.



تعليقات