"حملة فريزر".. الهروب من تيمة "البارودي"

  • نقد
  • 11:43 مساءً - 23 سبتمبر 2016
  • 2 صورتين



حملة فريزر

يبدو أن الرهان هذه المرة قد بات أكثر صعوبة من أي وقت مضي، فمجرد تقديم "البارودي" أو المحاكاة الساخرة من صنف بعينه من اﻷفلام أو تيمة سينمائية دائمة التقديم والتكرار، لم يعد يسمن أو يغني من جوع، وحده، لذا لم يكن هناك أي مفر من البحث عن مدخل جديد وتجاوز فكرة المحاكاة الساخرة لمستوى أبعد، وهو الرهان الكبير الذي أقدم عليه بكل ثقة صناع فيلم "حملة فريزر " الذي صدر خلال موسم عيد اﻷضحى.

ولحسن الحظ أن صناع هذا الفيلم كانوا على قدر كبير من المرونة والذكاء الفني التي سمحت لهم باﻹفلات من الكتالوج الجاهز ﻷفلام البارودي، فقد يبدو للعيان من النظرة الأولى أنه مجرد فيلم جديد يسخر من أفلام الجاسوسية كسائر ما سبقه من أفلامٍ سخرت من نفس هذه النوعية من اﻷفلام، بل لا يجعل انطلاقة أحداث الفيلم برمتها تأتي من منظور فيلم جاسوسية تقليدي.

على خلاف العادة، تأتي انطلاقة الفيلم من مدخل ديستوبي (عكس اليوتوبيا) حيث يجتاح الصقيع مصر بأكملها ليتبدل حال الدولة بأكملها من الدفء إلى البرودة، ثم سرعان ما يتغير منطلق الفيلم إلى تيمة الجاسوسية التي لا يجعلها ركيزته اﻷساسية ليتحول الفيلم على نحو ما إلى فيلم عن السينما ذاتها مع مرحلة سفر أبطال الفيلم إلى إيطاليا، مما فرضه فيلمًا متعددًا في منطلقاته.

هذا التعدد في المنطلقات ساعد الفيلم على الدخول إلى مناطق كوميدية جديدة وطازجة وأصيلة للغاية دون الحاجة في الاستناد إلى ميراث كوميدي حاول من قبل تقديم تيمة الجاسوسية، ودون إعادة صياغة لمواقف كوميدية سبق تقديمها مئات المرات من قبل، مما رفع مستوى جودة الكوميديا في الفيلم ككل، على عكس ما رأيناه مثلًا من فيلم مثل "تيتانيك: النسخة العربية" الذي اعتمد على حصيلة متكررة من "اﻷلشات" المتكررة ودائمة المشاركة والتقديم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

كل هذا انعكس بالتالي على جميع شخوص الفيلم التي قد تبدو لمن يقابلها للمرة اﻷولى ضمن أحداث الفيلم أنه قد رآها من قبل، لكن مع هذا السياق الجديد والمختلف تكتسب كافة الشخصيات وجوه جديدة تمامًا بفضل توليفة المواقف الكوميدية الذكية التي تنجح في خدمة المزاج العام للفيلم.

إن عصبية "سراج الدين بعتذر"، وتلقائية وسذاجة "مديح البلبوصي"، واستفزازية "صبحي"، وحتى لمحات "تباهي الماجنة" كانت جميعها موفقة جدًا في التذكير بكل ما يرد في الذهن مباشرة عن هذه الشخصيات عند استرجاع أي موقف كوميدي قد تورطت فيه، بسهولة، ﻷنها زاوجت بنجاح في كل مرة بين الكوميديا اللفظية وكوميديا الموقف على نحو لا تنجح فيه الكثير من اﻷعمال التي تحاول إيجاد هذا التوازن المطلوب.

وبالرغم من تفضيل الكثيرين لمشاهدة فيلم "كلب بلدي" بحكم فكرته الجديدة، لكن العبرة في النهاية بجودة التقديم وليس بأصالة الفكرة، وهو ما يجعلني شخصيًا أنحاز لجانب "حملة فريزر" على حساب منافسه.

وصلات



تعليقات