#حصاد_2016 | إخفاقات سينمائية عديدة ومفاجآت معدودة في 2016

  • مقال
  • 10:19 مساءً - 3 يناير 2017
  • 1 صورة



إخفاقات سينمائية عديدة ومفاجآت معدودة في 2016

في ظل عامِنا غير الحافل سينمائيًا، والذي اتضحت معالمه منذ البداية بمعرفة أن أفلام "الكوميكس" والقصص المصوّرة سيكون لها نصيب الأسد منه، وستدير دَفَّته في أغلب محطاته السينمائية؛ لم يكن أمامنا كمشاهدين الكثير لننتظره، وأخذنا نُعدِّد على أصابعنا الأفلام القليلة التي قد ننتظرها وتُرضي ذائقتنا السينمائية بهذا العام. ورغم آمالنا الهزيلة التي بنيناها تجاه اختيارات قليلة من إنتاجات العام، إلا أننا فوجئنا بالإخفاقات تنهال علينا من كل صوب واتجاه، رافضة أن نقنع بالقليل أو أن نغتنم بعض المتعة من أفلام يُفترض بها أن تمدنا بقدر ضئيل من المتعة حتى، ويستطرد الإحباط جبروته ليطول أهم أفلام العام المُنتظرة ويضربها في مقتل دون هوادة أو رحمة، لنجد أنفسنا في نهاية العام نبحث هنا وهناك عما أثار إعجابنا أو باغتنا بجودته رغم أننا لم نضعه في حسباننا منذ البداية، فتتضح ضآلته أمام وَحش الإحباط الذي لم يترك فرصة طفيفة للرضا. وبينما نحصد مفاجآت العام فنجدها لا تتجاوز أصابع الكف الواحد، تُرهقنا إخفاقاته بعددها ومرارة تجارب مشاهدتها.. وسنحاول في السطور التالية سرد أبرز هذه الإخفاقات والمفاجآت خلال 2016.

Shut In

التقاء النجمة ناعومي واتس بالطفل جاكوب ترمبلي في بطولة الفيلم، كان وحده سببًا كافيًا لأن ننتظره ونعقد عليه بعض الآمال الطيبة؛ فهي النجمة المتألقة دومًا والتي أمتعتنا بأدوراها المتميزة العديدة، حتى أنها حملت أفلامًا على أكتافها من قبل، كتجربتها في فيلم The Impossible عام 2012. وهو الطفل الذي فاجئنا جميعًا بأدائه الاستثنائي في فيلم Room بالعام المنصرم، حد أننا استنكرنا عدم ترشحه لأوسكار أفضل ممثل مساعد عن أدائه المذهل. ها هما يتعاونان سويًا في بطولة فيلم درامي نفسي، وهي الأرض التي خاض ملاعبها النجم الصغير وأجاد كثيرًا، فكان من البديهي انتظارنا لأن يكون الفيلم على الأقل جيدًا، ثم يأتي الفيلم كارثة على كل الأصعدة والمستويات، سيناريو مهلهل يفيض بالثغرات، التفافات خائبة تُجهِض المنطق إجهاضًا، أداءات تمثيلية في منتهى السطحية، وبينما تُجاهد لبلوغ نهاية الفيلم وتجاوز أحداثه العبثية الرتيبة، يُحزنك أن تشاهد نجمة بثقل ناعومي واتس في مثل هذا الهُراء.

The Boss

وميليسا مكارثي التي سطع نجمها في سماء الكوميديا بالسنوات الأخيرة، حتى بات اسمها وحده كافيًا لينتظر الكثيرون فيلمها، تأتينا هذه المرة وهي تشارك زوجها بن فالكون في كتابة سيناريو الفيلم، كما يتولى هو مهمة الإخراج، ومَن أدرى مِنه بإمكانات زوجته وقدراتها الكوميدية. هذا فضلًا عن مشاركتها البطولة، الجميلة كريستين بيل وبيتر دينكليدج الذي صنع شرائحه العريضة من المُعجَبين بفضل أدائه في مسلسل لعبة العروش، والقديرة دومًا كاثي بيتس. ومع ذلك لم تنجح كل هذه العناصر في إنقاذ الفيلم من الإخفاق! بل جاء نَص الفيلم ثقيل الظل لا يظفر حتى ببعض الابتسامات، تغلبه فجاجة غير مُبررة في معظم شخوصه وأحداثه، بينما خبى بريق ماكارثي تمامًا في تجسيدها دور سيدة الأعمال "ميشيل دارنيل".

Mother's Day

نخبة من النجمات الجميلات، بدءًا من جوليا روبرتس، مرورًا بـجينفر أنيستون، وانتهاءًَ بـكيت هدسون، تحت قيادة المخرج الكبير جاري مارشال، والذي قدَّم لنا فيلم Pretty Woman البديع عام 1990. ثم يأتي الفيلم خاويًا على عروشه، ورغم قضيته التي يناقشها عن الأم وحقوقها وما يخصها من تقدير، إلا أن النَص افتقر تمامًا للعمق وثراء الشخصيات، وامتلأ بالعنصرية في مواقفه. حتى نجمات الفيلم اللاتي تتمتعن بخفة الظل بطبيعة حالهن، ضلّلنَّ مرحهن وخفة ظلهن بسبب ضعف النص والإخراج؛ ليفوز الفيلم في النهاية بامتعاض الجمهور وتوبيخات النُقاد التي لا ترحم.

Independence Day: Resurgence

عودة يوم الاستقلال بجزء جديد بعد مرور عَقديَّن من الزمن على جزئِه الأول، كان هذا وحده كفيلًا بأن يُداعب ذكريات طفولتنا ونوستالجيا استكانت بدواخلنا منذ عهد شرائط الفيديو السحيق. لننتظر عودة يوم الاستقلال لذات مخرجه ومؤلفه الألماني رولاند ايمريش، متساءلين عن حال الفيلم وجودته بالمؤثرات والتقنيات السينمائية التي بلغناها حاليًا، تُرى كيف سيكون الجزء الجديد تحت إمرة صُناع الجزء الأول بهذه الإمكانات التكنولوجية المُبهرة الموجودة في عصرنا. فيأتي الفيلم دون أي جديد يُمكِن ذِكرُه سوى إحباط لا يُنسىَ لكل مُنتظريه! لا شيء في المؤثرات يستجلب اهتمامك ولا قصة أو أحداث يمكنك أن تتفاعل معها طيلة مدة العرض. الفيلم وكأنه يجتهد في ألا يخطو خارج الصندوق ولو لبضعة ملليمترات؛ فيتركك نادمًا على انتظارك وعلى وقتك الذي أهدرته معه، محاولًا أن تسترجع متعة الجزء الأول وذكرياته لتتغلب على حسرتك.

Inferno

وفيلم جديد في سلسلة روايات الكاتب العالمي دان براون، ورغم أنني من الذين لا تستهويهم هذه السلسلة، ولم ينل إعجابي الفيلمان السابقان بالمرة، إلا أنني انتظرت هذا الفيلم؛ فهناك الجميلة فيليستى جونز تُشارك توم هانكس البطولة هذه المرة، وأنا أراها موهوبة، كما وجدت بن فوستر وعمر سي وعرفان خان في فريق الفيلم أيضًا. لذا توسمت أن يكون الحال أفضل هذه المرة، وربما لا يُبليني رون هاورد - وهو مخرج أحبُه - بإحباط جديد في هذه السلسلة. لكن كعادتها تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، ذات الحبكة الضائعة في أفلام هذه السلسلة، وذات الثغرات التي تتناوبها ذهابًا وإيابًا، غير الالتفافة الرخيصة - التي باتت متوقعة تمامًا بالنسبة لي منذ بداية الأحداث - الخاصة بالشخصية الشريرة، والتي يُفترَض بأن تفاجئك في كل فيلم من أفلام السلسلة! فينتهي الفيلم ولا يعلق منه بذهنك سوى سطحيته وضعف حبكته أو كارتونية شخوصه، ليجمع الفيلم بجدارة سخط المشاهدين وتقييمات سلبية لا تتئِد من النُقاد.

The Neon Demon

وهذا من أقسى إخفاقات العام إحباطًا بالنسبة لي، فبعد انتظارنا جديد المخرج الدنماركي نيكولاس ويندينج ريفن، والذي قدّم لنا فيلم Drive عام 2011 مُقتنصًا به إشادة النقاد والجماهير معًا، يعود لنا في فيلم من كتابته وإخراجه، وأمام عدسته نجوم مثل: إيلي فانينج وكيانو ريفز وكريستينا هندريكس وجينا مالون. ليأتي الفيلم في منتهى الضعف والعبثية، فتجلس طيلة الفيلم تبحث عن مغزى له أو غاية يمكنك أن تستخلصها من مًشاهدهِ، فلا تجد! ساعتان في قمة الملل، ومشاهد بالكامل لا معنى لها أو هدف يبررها، مجرد إضاءة تتراقص هنا وهناك، وشخوص لا تكترث لأيٍ منها، ونهاية قادرة على استفزازك أكثر من الفيلم بمجمله. وينتهي الفيلم تاركًا إياك مُحملقًا في الشاشة تحاول أن تفهم فيما قضيت الساعتيّن، وأي معنى قد يحتملهُ هذا الهُراء الذي شاهدته؛ لتتيقن في النهاية أن النًص مُهلهل لا يحمل أي قيمة منذ أولى لحظاته وحتى خاتمته.

The Girl on the Train

إحباط آخر قاس؛ رواية "The Girl on the Train" التي جلجلت أصداؤها في الوسط الأدبي، تتحول أخيرًا إلى شاشة السينما بتصرف المخرج تيت تايلور، الذي قدَّم لنا فيلمه الممتع The Help عام 2011 ونال به استحسان الجميع. تُعاونه في بطولة الفيلم نجمة بحجم إيميلي بلانت، والمتألقتان مؤخرًا هالي بينيت وريبيكا فيرجسون. لكن يأتي الفيلم أقل من المتوسط، وتصرخ معالم ضعفه على الشاشة دون حياء أو خجل، لنجد حبكته تدور وتحوم طيلة مدة العرض لأجل التفافة صادمة - على صعيد الفيلم والواقع معًا - لا تليق إلا بأفلام مخرجين تجاريين يحاولون صنع اسمًا بمثل هذه النهايات. ربما أداء بلانت هو شعاع الضوء الوحيد بالفيلم، لكن تسلسل الأحداث فقد الإيقاع منذ البداية، وأمست الأمور مملة، تزداد مللًا بمرور الوقت، لتتوالى المشاهد عليك مكررة دون جديد يثير فضولك، ثم النهاية التي من المفترض أن تفاجئك، فتشعر بها مبتذلة وتثير ضيقك قبل أي شيء آخر.

The Magnificent Seven

العظماء السبعة في ثوبهم الجديد، وإعادة إنتاج للقصة التي حفظناها عن ظهر قلب وأحببناها جميعًا. تأتينا هذه المرة مع نجميّن نألفهما وننتظر أعمالهما، سواء دينزل واشنطن أو إيثان هوك، ومعهما كريس برات الساطع نجمه مؤخرًا، وفينسنت دونوفريو وهالي بينيت. يدير أداءاتهم المخرج انتوان فوكوا الذي قدّم لنا فيلمه الرائع Training Day لنفس البطليّن - دينزل وإيثان - عام 2001. ربما لاقى الفيلم تقييمات إيجابية من بعض النقاد، كما قوبل بالإعجاب مِن قِبَل بعض المشاهدين، لكن الفيلم يظل مقبولًا بالكاد، وإن اعتبرته - شخصيًا - إحباط من إحباطات العام، فطوال مدة عرض الفيلم، أخذ سؤال بعينه يهاجمني دون راحة "فيما كانت إعادة إنتاج الفيلم؟!"، الفيلم يصوّر نفس القصة دون أي استثناءات تُذكَر أو أداءات تبقى بالذاكرة، فكان بالنسبة لي تقليدًا للقصة الأصلية بعد أن فارقتها الحياة! فلم أشعر بأي روح في الفيلم ولم أهتم لأي شخصية من الشخصيات، ولم يحزنني موت أحدهم للحظة، بل أرهقتني رتابة الأمور وحدوث ما انتظره وأحفظه، كما ضايقني للغاية أداء بيتر سارسجارد؛ فهو أسوأ مَن قدّم شخصية الشرير لهذه القصة دون منازع. وحتى انتهاء الفيلم لم أفهم سبب مقنع وحيد يبرر إعادة إنتاج القصة الأصلية، بل تظل الإنتاجات السابقة أعلى جودة بكثير من هذه النسخة.

Collateral Beauty

كتيبة من النجوم لن تملك أمامها سوى الانتظار بشغف؛ ويل سميث وكيت وينسلت وإدوارد نورتن وكيرا نايتلي وهيلين ميرين وناعومي هاريس، مع المخرج ديفيد فرانكل الذي أمتعنا بفيلمه The Devil Wears Prada عام 2006. نصف دزينة من النجوم في فيلم بالغ السوء، ونَص يعتقد كاتبهُ أن العمق يكمن في كتابة أي شيء قد يُوحي بالفلسفة، ليأتي الحوار ركيكًا لا معنى أو جدوى له، وتأتي الشخصيات سطحية عليلة، غير علاقات تتطور بشكل هزلي يدعو للسخرية، فلا تدري كيف يهتم هذا لتلك ولِما كان حل هذه العُقدة بتلك الطريقة اليسيرة وفي هذا الوقت تحديدًا، ثم ينتهي الفيلم بالتفافات سخيفة لا تحمل أي شيء سوى السماجة وإدعاء العمق. سيحزنك كثيرًا أن تشاهد ممثلين بهذا القدر في مثل هذا النَص السقيم، وسيضايقك أن تشهد وينسليت ونورتن في أداءات بهذه السطحية ربما لأول مرة في تاريخهما، وسينتهي الفيلم لتدرك أنك لم تلاحظ معه أي جمال جانبي أو حتى جَمال من أي نوع.

X-Men: Apocalypse

جزء آخر في السلسلة الجديدة التي لاقت نجاحًا كبيرًا، لنفس كاتبها ومخرجها براين سينجر، ونفس أبطالها ونجومها، مُضافًا إليهم، الجميلة صوفي ترنر والتي هام الجميع بعشقها في أدائها لشخصية "سانسا" بمسلسل "لعبة العروش"، معها أوليفيا مان وأوسكار إيزاك. ليأتي الفيلم أقل بكثير في مستواه من سابقيه، فالحبكة تُجاهد من أجل تخليق أي جديد، لكن الأمور تعجز عن إثارة فضول المُشاهدين، غير أخطاء عديدة تتزاحم في تفاصيل الفيلم، ثم تأتي النهاية سهلة يسيرة لا ترقى لمستوى الصراع الذي حاولوا إيجاده وتفخيمه، وهذا بغض الطرف عن أداء إيزاك السخيف المثير للاستفزاز؛ فيتلقى الفيلم في النهاية أسواط النقاد بلا رحمة.

Batman v Superman: Dawn of Justice

باتمان ضد سوبرمان، مواجهة جعلت من غير المهتمين بالسينما أنفسهم ينتظرون وقد تدلت أفواههم إثر تصورهم لما سيتمخض عنه هذا الصراع الجهنمي بين أيقونتي عالم الأبطال الخارقين. وأخذ الجميع يتخيل كيف سيكون القتال بين هذا وذاك، وأي قدرات قد يتم استخدامها في معركة تجمعهما، وتُرى أي قصة تلك التي ستجعلهما ينقلبان على بعضهما وأي سبب سيتنازعان من أجله، وتتواصل التخيلات وتُحلِّق التوقعات عاليًا، إلى ان تأتي شركة DC وتُلقّن الآملين بها خيرًا درسًا قاسيًا لا يمكن نسيانه؛ فنشاهد فيلمًا ليس من التميز بمكان، ونُبتَلىَ بحبكة ربما أكرمناها لو وصفناها بالطفولية، حتى أن عقدة الصراع بين بطليّنا الخارقيّن يكمن حلها في اسم والدتهما المشترك! لتتحول حبكة الفيلم إلى أضحوكة يتندر بها الجميع كلما سنحت الفرصة أو لم تسنح. وحتى المَشَاهد الحركيّة التي منَّى كثيرون بها أنفسهم، جاءت أقل من العادية ولم يكن بها أي شيء استثنائي قد يعلق بذاكرة مُتلقيه، ليتحول واحد من أكثر أفلام العام المُنتظرة - إن لم يكن أكثرها على الإطلاق - إلى فيلم محُبِط لسائر مُشاهديِه، ومادة تسهل السخرية منها في شتى مواقع التواصل الاجتماعي.

Suicide Squad

الإحباط الأعظم لهذا العام، وكأن DC تُصّر على تكرار الدرس لمن لَم يستوعبه جيدًا في أعمالها السابقة، فتتوج لنا كل إخفاقاتها بهذه المأساة المَدعوّة Suicide Squad. الفيلم الذي انتظره عديدون وعديدون منذ سريان أخبار بدء تصويره وصدور إعلاناته؛ فسال لُعاب البعض على فريق شخصيات الفيلم الذي يبدو واعدًا، واتسعت أعين البعض انتظارًا لـجاريد ليتو في تجسيده دور الجوكر الأثير على القلوب منذ أن أبدع به الراحل هيث ليدجر، بينما ترقّب آخرون الساحرة مارجوت روبي في شخصية "هارلي كوين"، ليتوحد الجميع أخيرًا في انتظارهم الفيلم على أحر من الجمر. ثم نتفاجئ بكارثة سينمائية تتحرك على الشاشة دون أدنى مبالغة، فقصة الفيلم مهترئة وتفاصيلها تنضح بالثغرات، الشخوص سطحية لدرجة أنك قد تعجز عن تذكر بعضها، الشخصية الشريرة باعثة على الضحك في كل ظهور لها على الشاشة، والجوكر في أسخف حُلة يمكن أن يظهر بها على الإطلاق، غير المؤثرات الهزيلة والمونتاج الكارثي، وبناء النَص المثير للشفقة. فيلم سيء لا يحافظ على ماء وجهه سوى كاريزما مارجوت الفريدة ونجاحها بتجسيد "هارلي كوين"، وأداء جيد في غير مكانه لـويل سميث، بينما تتصارع بقية عناصر الفيلم في تَحَلّيها بالضعف والسوء. سيذهلك الفيلم في كيفية خروجه بهذا الملل وقدرته على إصابتك بالضجر وعدم الاكتراث، فأنت لا ترتبط بأي حدث يدور على الشاشة، ولا تهتم أو تنفعل مع أي تفصيلة، وتصبح أعظم أمنياتك هي أن تبلغ نهاية الفيلم بصحة جيدة. ويبقى الأمر الأكثر إذهالًا بالنسبة لي، أن ديفيد آير مخرج وكاتب الفيلم هو ذاته نفس كاتب سيناريو فيلم Training Day.

هذا ما أمكنني حصره من إخفاقات عامنا السينمائي المتواضع، وهناك بعض الإخفاقات التي قرأت عنها ولكن لم يمنحني سوء حظي فرصة مشاهدتها بعد، منهم: Now You See Me 2 وWarcraft وThe Huntsman: Winter's War على سبيل المثال. وفي ظل فيضان الإحباطات الذي انهال عليّ من خلال أفلام أنتظرتها على مدار العام، كان لي حظًا مع فيلميّن لم أضعهما في حسباني، وجاءآ ليفاجئاني بمدى جودتهما وتفوق عناصرهما..

Hell or High Water

رغم أن الفيلم من بطولة جيف بريدجيز وبن فوستر، إلا أنني لم أعوّل عليه كثيرًا ولم أنتبه إليه، وربما ترشيحات الجولدن جلوب هي ما لفتت نظري لمشاهدته، فأجدني أمام فيلم مختلف وجيد بحق؛ الفيلم بسيط، ولكن نَصه يعرض القضية وشخوصها بتمهل، ومن خلال حوار متميز يعطي للعلاقات بين شخصيات الفيلم طابعها الخاص، فتشعر بتفاصيل العلاقة بين الشرطي "ماركوس" وصديقه "ألبرتو" من خلال حواراتهما الممتعة، وتدرك خلفيات ما تشاطراه في حياتهما المهنية من خلال نِكاتهما التي يتبادلانها سويًا، كما تدرك طبائع الأخوين - توبي وتانر - المتناقضة من خلال الأحاديث التي تدور بينهما وردود الأفعال الصادرة عنهما في مختلف المواقف. الفيلم جيد جدًا ومختلف، نصه مُحكم وشخصياته مرسومة بعناية، وأحداثه تستجلب انتباهك وتَطَلُّعَك لما ستنتهي إليه. غير الأداءات التمثيلية التي جاءت متميزة، خاصًة من فوستر وبريدجز وجيل برمنجهام؛ فينتهي الفيلم ويتركك راضيًا بقدر كبير من المتعة التي لم تكن تنتظرها.

The Edge of Seventeen

المفاجأة الأسعد وأحد أحب الأفلام إلى قلبي هذا العام.. بالطبع لم أنتظره ولم أتصوّر أن يكون في هذا الفيلم ما يظفر بإعجابي، وتخيلته مجرد فيلم جديد من أفلام المراهقين التي تحاول إيجاد مكانًا لها في دور العرض، فبطلته هالي ستينفيلد، لم أرَها منذ True Grit عام 2010، ولم أحبها كثيرًا حينها، بينما مخرجته ومؤلفته لم أسمع عنها من قبل. فإذا بالفيلم يفاجئني على كافة المستويات، بدءًا من نصه الممتاز والمكتوب بمنتهى الحميمية والحب، وانتهاءًا بأداء ستينفيلد الأكثر من ممتاز؛ الفتاة رائعة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، خفيفة الظل وتلقائية لأبعد الحدود، فتقتنع تمامًا بها وتراها الشخصية التي تجسدها دون أي مجهود، وكم أتمنى لو نالت ترشيحًا أوسكاريًا عن دورها بهذا الفيلم. أما الجميل وودى هاريلسون، رغم صِغَر دوره، إلا أنه يترك بصمته التي لن تنساها خلال أحداث الفيلم. سيناريو الفيلم رائع، يتطور بتؤدة ومنطقية، ويوّرطك مع شخصياته وعلاقاته بمنتهى السلاسة والنعومة، كيلي فريمون، كاتبة الفيلم ومخرجته - في أولى تجاربها الإخراجية - فاجئتني تمامًا بمدى سيطرتها على الأحداث وإحكامها مجريات الأمور دون أن يفلت منها عنصر، فلا أتذكر أنني رأيت فيلم مراهقين بتلك الجودة منذ The Spectacular Now، بل وفيلمنا هذا يتفوق عندي بدرجات. الفيلم ممتع للغاية، مصنوع بإخلاص وحُب، فيتركك مُحمَّلًا بكل المعاني الطيبة التي يستعرضها في مضمونه، ويُغادِرَك في حالة إشباع تام.

أتذكر في مثل هذه الأيام من عام 2015، حين بدأت الترشيحات المهمة في الظهور، أخذت أنظر إليها وأنا أتحسر على مدى تواضع العام سينمائيًا. ولكن الآن، وبعقد مقارنة صغيرة مع ترشيحات عام 2016 المُحتملة، أشعر وكأن 2015 كان زاخرًا بالروائع نسبيًا! وأن 2016 قد فاقه تواضعًا بدرجات؛ ويبدو أن هذا قد أمسى دَيدن كل عام إذا ما قورن بسابقه في سنواتنا الأخيرة.. أظن أن سلسلة إحباطات عامنا الجاري لم تتوقف بعد، وأعتقد أن أقربها سيكون في فيلم Assassin's Creed، لكن ما زال بإمكاننا عقد بعض الآمال على عدة أفلام مُنتظرة لم نشاهدها حتى الآن، ربما تنقذ عامنا من السقوط، وأبرزها: La La Land وManchester by the Sea وNocturnal Animal وSilence وMoonlight وLoving.. لكن دعونا نأمل منذ لحظتنا الآنية، أنه عندما تحين مثل هذه الأيام في عامنا الجديد، دعونا نأمل ألا ننظر لأفلام عام 2016 فنشعر بضآلة جودة أفلام عامنا حينها!



تعليقات