بعلم الوصول.. نور بعد الظلمة

  • نقد
  • 04:07 مساءً - 15 مارس 2020
  • 1 صورة



معظم الحالات التي ترتبط بالأفكار أو الميول الانتحارية ترجع إلى مشكلة كامنة في الصحة العقلية والفكر الانتحاري يختلف من حالة لأخرى ما بين أفكار عابرة تتطرق إلى الذهن أحيانًا وهو ما يطلق عليه الانتحار الظاهري والمصابة به بسمة بطلة فيلم بعلم الوصول مثلما شاهدناه في بداية الفيلم أو أفكار شاملة تؤدي إلى تخطيط مفصل وحقيقي، ولكن بشكل عام لا بد وأن يكون مرتبط بالاكتئاب أو بصدمات شخصية يمر بها الأشخاص، وفيلم بعلم الوصول الذي يعتمد بناءه الدرامي على الشخصية الرئيسية للعمل، وهى بسمة التي تلعب دور هالة والتي تعاني من اكتئاب ما بعد الولادة وهو نوع من الاكتئاب تصاب به معظم النساء بعد الولادة نتيجة بعض اضطرابات الهرمونات ولا يدل على خلل نفسي للشخصية ولكن بالنسبة لهالة، كان اكتئابها له جذور قديمة وجاء بعد فقدانها لوالدها في سن الثامنة عشر ومن ثم أصبح لديها هلع من فكرة الفراق أو فقدان شخص عزيز، وكان ذلك واضحًا في مشهد متابعتها لابنتها أثناء نومها للتأكد أنها لا تزال على قيد الحياة حتى تعثر على خطاب أمام باب منزلها ومن هنا جاء اسم بعلم الوصول. والخطاب المسجل بعلم الوصول هو الذي يستوجب الاستلام الشخصي له مع التأكد أن الشخص المطلوب قد استلم خطابه وفي حالة عدم وجود الشخص المطلوب، يجب على موزع البريد أن يتأكد من توقيع الشخص الذي أمامه ويكون ذلك غالبًا للخطابات الحكومية أو القضايا العاجلة، وفي فيلم بعلم الوصول كان الخطاب المرسل أمام منزل بطلة العمل بسمة والذي كان نقطة التحول الرئيسية في مشوارها والذي غير من منظورها للحياة وجعلها تعيد ترتيب أوراقها. ينتمي فيلم بعلم الوصول إلى السيكودراما أو الدراما النفسية وهى النوعية التي تحلق خارج نطاق الخط التجاري الاستهلاكي نظرًا لأنها خالية من الأكشن أو الكوميدي أو الخيال فهى تلعب على ذهن المشاهد، خاصة أن الفيلم ينتمي إلى السينما المستقلة أو الأعمال منخفضة التكاليف، وهذه الأعمال على الرغم من أنها تتضمن فكر إبداعي، وتعبر بشكل أو بأخر عن رؤية معينة لصناع العمل مثل المخرج هشام صقر في أولى تجاربه للأفلام الروائية الطويلة، إلا أنها لا تزال بحاجة إلى بعض التطور كي تستطيع موازاة الأعمال التجارية، فبالنسبة لفيلم بعلم الوصول، فيتمتع بقيمة فنية عالية وسيناريو محكم بالإضافة إلى التصوير والديكور المميز والإضاءة الخافتة المطلوبة لهذه النوعية من الأعمال إلا أنه كان بحاجة إلى بعض التوابل لكي يكون جاذبًا ولو شكل بسيط للجمهور، فايقاعه جاء بطيئًا خاصة في النصف الأول من الأحداث وهى التيمة المعروفة للسينما المستقلة، والتي لا تعتمد على موسيقى تصويرية أو نبرة صوت مرتفعة وتتصاعد تدريجيًا مع الوقت بالإضافة إلى أن العمل كان بحاجة إلى بعض مشاهد الفلاش باك عن حياة البطلة ومراحل الأزمات التي مرت بها في الماضي فضلًا عن أن أداء الفنانة بسمة والذي جاء على وتيرة واحدة بدون أي انفعالات أو تعبيرات وجهية أو تقلبات لمراحل الشخصية، بل اكتفت بالشكل الخارجي للحالة من خلال الظهور بدون مكياج وبشعر غير مصفف، بل تصاعد أداءها في الجزء الأخير من الفيلم، وتحديدًا في مشهد النهاية ومع مراجعاتها لنفسها والتي لخصت معنى الفيلم أن الظلام لا بد وأن يصاحبه شعلة نور وأن الأمل من الممكن أن يحيينا أو يقتلنا في نفس الوقت، والنهاية لم تقطع بشكل نهائي عن الشخصية التي ترسل الخطابات أم أن بسمة هى التي تتحاور مع نفسها عبر الأوراق بل أنه في نهاية الأمر لا بد أن نقف ونستعيد توازننا مرة أخرى بمفردنا مهما قست علينا الحياة، وعلى الجانب الأخر أجادت الفنانة بسنت شوقي دورها وأثبتت موهبتها للمرة الأولى في مشوارها الفني.




تعليقات