أراء حرة: فيلم - The Killing of a Sacred Deer - 2017


أشياء لاحظتها فـ المُشاهدة التانية للفيلم . .

المُشاهدة الأولى كنت مركز على فلسفة الفيلم والغموض القصصي اللي فيه، والتفسيرات والتأويلات والحاجات دي كلها.. فـ (السيناريو) هوا اللي كان عامل عملته فيا ~ المُشاهدة التانية كانت مهمة جداً بالنسبالي لأني عشقت الفيلم تماماً فـ الأولى، واكتشفت قد ايه هيا مهمة لما لاحظت حاجات مخدتش بالي منها سابقاً، من ناحية انتا مش بتُصاب بحالة الذهول والصدمة النفسية دي -زي اللي قاعد جنبك فـ السينما!-، بس بتتذوق الفيلم بصورة أكبر وأمتع الحقيقة.. محصليش فـ الفرجة التانية أي حاجة من الوَقع المأسوي النفسي العظيم...اقرأ المزيد ده، لأن القصة كلها كانت معروفة وفكرت قبل كده فـ تفاصيلها كتير.. يمكن (الموسيقى) ليها نفس الوَقع الصادم آه.. لكن في العموم المُشاهدة التانية بتعرف قد ايه الفيلم ده عظيم، لأن فيه (سينما) بجد.. وفيه تفاصيل كتير ممكن ميكونش المُشاهد انتبه ليها.. مش مجرد قصة تراجيدية/سايكوباتية مذهلة... دولت أربع نقاط من الحاجات اللي فاتتني أو اللي انتبهت ليها أكتر أثناء مُشاهدتي التانية للفيلم من كام يوم، تحذير بالحرق هنا : أول حاجة.. أداء (نيكول كيدمان) هو أقوى ما في الفيلم، تعبير عينيها عظيم جداً ومش عارف ازاي ملاحظتوش بالشكل ده فـ مشاهدتي الأولى.. الصدمة والرعب كله فـ الفيلم مُنعكس عيلها هيا، واللي ساعات النقطة دي بتتسمى بـ(عقل الجمهور) كأننا احنا اللي المقصود نكون بنعمل كده.. مشهد المطعم، لما كانت بتتطلب من صديق جوزها فـ المستشفى انه يلاقيلها معلومات عن العملية.. فيه أداء مذهل بعينين نيكول فقط، وهيا بتقوله (بليز..)، كلوز أب على عينيها الزرقا اللي مليانة تفاصيل ورتوش بتوصفلك حالتها من غير حتى ما تعرف القصة اللي فيها: حالة ترجي وتوسل وضعف منها ان فيه شئ عايزه تتحرى عنه عشان تنقذ أبنائها يمكن.. مشهد تاني لما راحت لـ"مارتن" فـ بيته بعد ما أكل الإسباجيتي.. تعبير وشها بعد ما خلص كلامه وقام فيه كل الحس السايكوباتي فـ الفيلم، تأثير عظيم لما بتبتدي تفكر فـ فلسفة الولد ودوافعه. تاني حاجة.. (التنقلات السردية): فيه كتير فـ الفيلم من الفويس أوفر لحدث ماضي أو مستقبلي أثناء وجودنا فـ حدث راهن.. يعني المونتاج كان بشكل كبير ليه دور فـ سرد القصة.. وأنا مش قصدي انه يكون (سرد غير خطي).. لانثيموس حب يخلي فيه نوع من التماهي مع الحكاية.. بحيث انها متكونش مُباشرة وان كل اللي بيحصل بيحصل ع الشاشة، لأ فيه صوت فـ الخلفية عن حدث موازي أو ماضي (لاحظ مثلاً مشهد الـhandjob والمزج بين الكوميديا فـ اللي بيتقال فـ الخلفية ان "الجراح دايماً مسؤول عن الخطأ اللي بيحصل فـ العملية!" كرد على فعل قبله قاله ستيفن العكس، وبين الكاميرا اللي بتقرب من العربية عشان ندرك ان ده حدث لاحق -أو ممكن سابق- عن المشهد الراهن).. فيه كتير من الموضوع ده فـ الفيلم، فنيات وألاعيب سرد كتيرة.. مشهد تاني كان تأثيره قوي ومُبتَكر وهوا مشهد الإبنة اللي هربت من الشقة زحفاً لحد ما رُكَبها بقت مليانة دماء نتيجة احتكاكها مع الأرض.. المشهد بييجي بآخر نقطة فيه والأب بيحاول يُشفي رجل بنته.. ورويداً بنعرف السبب ويتجاب الهروب فعلاً وقبليه توسلها لمارتن انهم يهربوا مع بعض، قبل ما نرجع تاني نكمل حديثنا.. فيه (سينما) حقيقة فـ الفيلم، وتأثير الموسيقى فعال جداً جداً بسبب الألاعيب السردية دي بزات، كمان فيه رمزيات عديدة ورا الأسلوب التصويري. تالت حاجة.. قصة الفتاة، دي لوحدها من الأمور العظيمة فـ السيناريو.. فكرة ان (مافيش حد من أفراد العيلة بيفكر زي التاني، وكل واحد واخد منظور مختلف للموضوع اللي اتورطوا فيه كلهم).. يعني يُهيأ ليك ان الجميع هيقوم برد فعل (تعاوني) لما بتشوف فـ بداية الفيلم مشهد الأكل على السفرة اللي بيعكس صورة أولية عن الكمال فـ حياة العيلة دي.. ان كل اللي بيحصل ده والفتاة (تفضل) بتحب مارتن ده شئ رهيب ونُخاع السايكوباتية كلها فيه.. "أنا عارفة اني بوظت الإم بي ثري بتاعك قبلاً، وكده أبقى بوظت 2 فـ ظرف اسبوع واحد.. بس ممكن لما تموت أستخدم الجهاز بتاعك؟.. أرجوك، أرجوك، أرجوك!!" رابع حاجة.. الكوميديا الكبيرة، لأ فيه كوميديا مختلفة عن المُشاهدة الأولى اللي كانت مليانة (جدية) فـ الموود العام مني.. المُشاهدة التانية لاحظت ان فيه كوميديا كتير جداً بشكل مُبالَغ يعني، تقريباً الحس الساخر ده بيعشقه لانثيموس.. كأن المخرج اليوناني حتى هنا فـ الفيلم التراجيدي الخالص، مش عايز يَعدِل عن اللي كان بيحصل فـ اليونان القديمة: مزج دائم بين كوميديا الحياة ومأساة القدر.. حاجة من تَبعات الحس اليوناني اللي أصلاً فيه فلسفة كاملة موجودة فـ الفيلم من مسرحية يونانية تعرف بـ(أجاممنون)، اتقال فـ الفيلم احدى شخصياتها على لسان مدير المدرسة (إيفيجينيا) ان البنت جابت (آي بلس) فـ مقالة كتبتها عنها!.. فكرة الإنتقام والتضحية بالذات والتيمات التانية، فلسفة الفيلم حرفياً شاربة من التقاليد اليونانية والمسرح القديم، وبينهم كتير مُشتركات.


"الآن تستطيع المضي في سبيلك!"

- تبدو الأسرة مثالية مهذبة ومتحابة ، ويبدو كل شيء في المنزل الأنيق فاخرا ومترفا، لكن الأمور ليست علي ما تبدو دوما، وهدف ذلك هو ليس تقديم دراسة للطبقة البورجوازية وقيمها بقدر ما هو تعرية للنفس البشرية حين تواجه خطرآ يتهددها فتتجرد من تلك الأقنعة الإنسانية ، لتعود إلى النزعة البدائية المتمثلة في حب البقاء ، بغض النظر عن المظهر الخارجي. -علاقة غريبة من نوعها تجمع ذاك الطبيب بذلك الشاب الذي لايتعدي الستة عشر عاما ، ونتسأل في حيرة بينة ، هل بالفعل تجمعهم علاقة جنسية؟! ، أم يحاول الطبيب خطب ود...اقرأ المزيد الصبي للتأثير عليه جنسيآ ، وإذ لا ، فلماذا ذلك الود الذي يحيط بينهم؟! ، أم هناك أمر يتخلل وجدان الإثنين معآ؟! ، رويدا رويدآ يتضح الأمر ، ونعرف سر سطوة الصبي على الطبيب الشهير. -يزداد الأمر تعقيدآ مشهدآ تلو الأخر ، ولكن بالأحري مايمر به الآن من سوء عمل إقترفه ذلك الطبيب وعائلته الصغيرة المكونة من زوجة وإبن يقارب العاشرة وبنت تكبره بمراحل عمرية ليست بالكثيرة ، أسوء بسنين ضوئية من أي شخص آخر. -لدي تتابع العمل وإنفكاك العقدة خطوة تلو الخطوة ، يتسرب بداخلنا شعورآ غريبآ من نوعه عند الإنصات لما يقوله ذلك الشاب غريب الأطوار ، أحقآ قد إقترف "ستيفن مرفي" إثمآ نحو والده؟! ، أم أن ماحدث كان مجرد خطأ طبي قد إندثر إفك إهماله؟!. - أصبح الفيلم الآن أشبه بأسطورة إغريقية معاصرة ، أسطورة يتجلى فيها العقاب والقصاص في أقصى وأقسى صورهما ، ثمة خوف وقلق يخيمان على أجواء الفيلم الذي يحفل بالأجواء العبثية والدعابة السريالية ، العمل أشبه الآن بتراجيديا إغريقية ليوربيديس، والتي تعاقب فيها الإلهة أغاميمنون بإصدار حكم بأن يقتل كبرى بناته. نحن إذن بصدد ذلك العمل السريالي الخالي من المشاعر. -وها هو ذاك يطلب "مارتن" : القصاص من داخل عائلة ذلك الطبيب إثر ما إرتكبه من قتل في حق والده.ذلك سيتيح الخلاص للأسرة الصغيرة من إفك تلك اللعنة التي ستصيب عائلته إذ لم يتخذ القرار الصائب تنفيذه. -يتطلب الأمر في تلك الآونة من الزمن جرأة غير بشرية خالية من الإنسانية للتخلص من ذلك الحلم المرير تواجده فيما بينهم علي أرض الواقع ، ولكن بمن سينتهي ذلك الأمر؟!. -تستمر الأمور علي تلك الوتيرة الخانقة ، ولكن هيهات إن لم يتخذ "ستيفن مرفي" قرار قتل أحد أبنائه أسوة في النجاة بأفراد الأسرة من تلك اللعنة الصائبة أجسادهم إثر ذنب لم يقترفن حوافه. -تستبقي الأحداث تعقيدآ كالبداية وتلتصق بالمشاهد إلتصاق تلك اللعنة بأجساد أفراد عائلته ، وإن إقتضي الأمر علي مشارف النهاية إثر المرور من المرحلة الأولي التي أصابت أطفاله بالشلل إلي المرحلة الثانية في إمتناع أطفاله عن الطعام والإقتراب من المرحلة الثالثة من اللعنة الملتصقة ، إلا أنه يجاذف في تنفيذ مايتيح للعائلة الخلاص النهائي. -إذ كان يستبقي علي أمر عائلته في البداية ، إلا أن تلك المرحلة من الأمر تحسم كل البدائل الغير متوفرة وتأخذ معها أحد أفراد عائلته الصغيرة. -لكن كيف ستكون الطريقة التي يتبعها من أجل إتيان الشعور الذي يعقب العناء؟! ، بل من تكون الضحية التي حان أجل التخلص منها؟!. -أسئلة مستمدة من تفكير كثيف تنتظر إجابة سريعة المنال ، وها هو ذا يجيب علينا من خلال أعيرة نارية طائشة إصابتها تلك الأهداف الثلاثة ، ومن خلال تلك الملحمة السريالية ، يستقر العيار الناري الثالث تصويبه بعد محاولتين مغلفتين بحب البقاء بداخل ذلك الصبي الذي لم يتخطي الذنب مشارف صغره. -"تستطيعون الآن المضي في سبيلكم" -كذلك كانت نظرة حال طالب القصاص نيله تجاه أفراد العائلة الصغري وسط موسيقي كلاسيكية تقبع في الخلفية ، إستبقي المخرج أن تحمل نهاية الإنتهاء تلك المقطوعة.