أراء حرة: فيلم - بالألوان الطبيعية - 2009


مدهش..مدهش..ببساطة مدهش!

لاشك ان افلام "الثنائى الصادم" اسامة و هانى (جرجس فوزى إخوان!) دائما ما تكون خارج سياق الـ(سائد) و الـ(عادى) و الـ(تقليدى) و الـ(النمطى)..كما تتمتع افلامهما بقدر عال و متميز من التحرر من جنميع القيود..و خاصة الثلاث "تيبوهات" الدين و الجنس و السياسة.. يحسب لهذا الفيلم جرأته و صراحته فى تعرية اللجوء للدين فى اشياء لا تمت للدين و الروحانيات بصلة تقريبا..فهل رسم اجسادا عارية يضر بالانسان و يدخله جهنم – خبط لصق- كالزناه و القتلة و السارقين و المرتشون؟..او بمعنى اصح..هل يضر الفن بالدين و...اقرأ المزيد بالانسان؟..هل هناك فتاوى تشرع بعض من الفن و الآخر لا؟ الفن "المكسى" مثلا؟ الفيلم ناقش بحرية ما يسمى بالعرى فى اللوحات المرسومة (يعنى مش صور فوتوغرافية مثلا!) و ما هو الفرق الحقيقى بين العرى و الـ"بورنوجرافى" فى الرسم (راجع مشهد تامر حبيب). اصطبغ الفيلم بصبغة الافلام الدولية..ازاى يا ريس..الفيلم ده من الافلام التى من المكن ان تناقش مشاكل موجودة فى 30 او 40 دولة متأخرة من العالم زينا، بنفس الصورة (طبعا ما هى كلها عالم تالت!) مثلها كمثل فيلم الريس عمر حرب (بصراحة يصلح ان يصنع بمائة صورة شبيهة فى مائة دولة). و اصبح كريم قاسم هو النجم القادم و بعيدا عن احمد حاتم و عمرو عابد بطلى فيلمى (اوقات فراغ) و (الماجيك) الاساسيين. انما يسرا اللوزى غريبة بجد..فقد اصبحت متخصصة فى ادوار الفتاة المتحررة و هى تسير كمن لا يدرى الفرق بين (الحرة) و (المتحررة) و (المتمردة)!! يعنى دورها فى (قبلات مسروقة) كان اى كلام و السلام!..الفيلم نفسه هو اى عك فنى مضروب فى الخلاط! تتميز يسرا اللوزى بعيون بحق بريئة و جميلة و بوجه جميل طفولى الا انها تسئ إستخدامهما (و بمباركة الجميع! زوجها و والدها دز محمود اللوزى موجود بالفيلم!) رأيى المتواضع انه اذا كان الدور يستدعى "شئ" من التحرر الزائد فلا مانع..و لكن ان تقوم حياتها الفنية غالبا على اظهار "المفاتن" و قال يعنى ده "تنوير"..فنحن بنقول لها "نو"..السكة دى ستجعلها تدخل مدرسة (نادية الجندى) السينمائية من البوابة الذهبية (خلف علا غانم)!! و "سلم لى على البتنجان"!! يعنى ممكن تكون رسالة الفيلم نفسها بتطبق معاها..الادوار بتاعتها لا تحتاج كم (الحميمية) التى بتظهر بيه..بس هى لا تمانع! فى بعض الافلام لا تجد ان المشاهد الحميمية مقحمة على الاحداث او زائدة او خارجة عن السياق..بس مع يسرا اللوزى سيان..فية لزمة او لاء..مفيش مشكلة..هى لا تمانع..لا تمانع! الفيلم لها معانى مؤثرة بحق و جريئة و جديدة و مدهشة اذ يدخل فى حقل الغام..نظافة و اتساخ الفن! يا سلاااام!! يعنى الفن لو رسم بطريقة دينية ("قبب و مآذن" زى ما بيقول ابراهيم صلاح احد ابطال الفيلم) يبقى حلال و صح و فى نفس الوقت بقى بيلعب عل المضمون و الرائج! اما لو رسم اجساد عارية فقد انقلبت الليلة على عقبيها و جابت "اباحية"! شوف ازاى! اقول ثانيا و ثالثا مشهد تامر حبيب فى اول الفيلم ميز فيه (شوف التعبير.."ميز فيه"!) ما بين الاباحية فى الرسم و ما بين العرى..و الكلية لا تمتلئ بالموديلز الفاتنات المتجردات زى ما طلبة ثانوية نفسهم اتفتحت بعد دخول الفيلم و هايهجموا عليها هجم عند التنسيق!..حسب ما سمعت من زملائى (خريجين الكلية) ان هولاء (الموديلز اللى بيترسم منهن)، بيبقوا (غالبا) عاملات نظافة او جمع القمامة..و بيبقوا فى اواخر الاربعينيات..و احيانا بعيوب خلقية فى الوجه! يعنى مفيش جو سامية جمال و مادونا فى الموديلز اللى ظاهر فى الفيلم.. و لا مشهد يوم الفالانتاين اللى يحسسك ان الكلية دى نادى إجتماعى راق كبير جدااااا فى لبنان مثلا فى يوم احتفال عالمى و يوم كرنفالاتى صاخب و مرح طحن ممكن يحصل فيه كل ما تشتهى الانفس!! انا متأكد..ان الفيلم ساهم دون ان يقصد فى تمجيد فى الكلية..بل بالأصح بالتشهر بيها..جعلها مركزا للى عاوز "ينبسط" بالسنين!! ايه ده يا معلم؟ انا مش بحب جو القضايا و جرجرة المخرج و المنتج و المؤلف من قفاهم فى المحاكم..لانها فى الآخر حرية رأى (و الحرية دى ما دخلتش فى الدين مثلا و لا اهانت القوات المسلحة!) بس انا بأتكلم عن مصداقية المخرج..تخيل مثلا انه عامل كلية فنون جميلة دى..نادى الشباب الكووول! و ابسط عزيزى الطالب ابسط..و شهيص نفسك! (زى ما خالد الحجر خلى كلية تجارة عين شمس و رحلاتها المعفنة، فى قبلات مسروقة، تقريبا بقت عاملة زى النادى اليونانى!) صباح الفل تانى..صباح الاوفر و المبالغة يعنى! و كل الولاد يا ما ستايل و روشين و جامدين و البنات رفيعين و صواريخ ياما بذقون طويلة جداااا و منقبات (لكن مفيش محجبات! طيب اشمعنى؟) يعنى يا تن تن يا تن تن..خلااااااااص مفيش وسطية؟ يحسب للفيلم رسالته التنويرية المدهشة التى يدهشك بها و يباغتك برأيه فى مسألة النظافة و الاتساخ فى الفن من منظور الدين. فهل الدين مثلا ممكن اللجوء اليه تصميم سيارة؟ او قبل عزف لحن؟ او قبل كتابة قصيدة؟ اعتقد ان النقطة التى تهم الملتزمين دينيا هى الا يكون اى شئ فى الفن مثير للشهوات و الغرائز..لان هناك ناسا (خصوصا هنا..هنا..ايوة هنا فى مصر) يسهل طحن استثاراتهم! بس المسألة الفنية مفيهاش حلال و حرام بشكل غالب و قاطع (ده رأيى) ممكن اللى شايف ان الفن فيه حاجات كتير (تحض على الفجور) مايروحش ناحيتها! فهل من المعقول مثلا..شاب او شابة عاوزين يبوظوا اخلاقهم، هايروحوا جاليرى! او هايروحوا ساقية الصاوى يسمعوا الحانا راقصة؟!! ما تفوقوا بقى! يسرا اللوزى تمثل باداءا واحدا لا تغيره طوال الوقت..وجها جميلا و عينان حالمتان بريئان بثبات خشبى..يعنى تسقط فى كل اختبارات التمثيل..بصراحة يعنى..هى لم تمثل فعلا منذ عصر يوسف شاهين.. كريم قاسم..ممثلا واعدا..و لكنه يقضى وقتا طويلا فى دور الشاب التائه..امامه الكثير ليتعلمه.. فرح يوسف..امامها مستقبلا واعدا و تستطيع تقديم اكثر و اجمل.. انتصار..مش بطالة..نفس السكة..اكل عيش.. رمزى لينر..تحفة..اكتشاف..ممثل واعد و مشروع نجم كبير جدا فى المستقبل..بجد جااامد جدا.. السيناريو هو فكرة جميلة و جريئة بحق و مدهشة..و خصوصا فكرة ان ترى الشخصيات التى فى ذاكرتك رؤية العين امام عيناك فى كذا موقف.. الاخراج..جميل جدا..و ان عابه انه بالغ فى تصوير الكلية فتنة المكبوتين و المحرومين!..احنا فى مصر يا عم الحاج!..الحاجات دى ممكن تبقى فى الجامعات الاجنبية اكتر! الديكورات ظريفة و واقعية.. التصوير..عادى جدا.. الموسيقى..مقبولة.. النتيجة الاجمالية: 7 من 10


سامحكم الله

سامحكم الله الفيلم لا يعبر إطلاقاً عما يحدث فى كليات الفنون الجميلة بمصر ... فالفنون فى كليات الفنون الجميلة ... جميلة و ليست قبيحة كما صورها الفيلم ... بل وصل الأمر إلى التقبيح من شأن الأساتذة فيها ، و الذين هم فى حقيقة الأمر يحملون شعلة الفنون التى لم تخبأ فى مصر منذ آلاف السنوات

مرة أخرى ... سامحكم الله


جزء اخر من

فيلم "بالالوان الطبيعية" من اخراج اسامة فوزي وتأليف هاني فوزي هو خطوة اخرى على الدرب الذى مشيا فيه بداية من فيلم "بحب السيما"، من انتقاد كل التحريمات التي تمارس على الفن , مما يؤدى في تدمير الشخصية والابداع الانساني لدى الفرد والمجتمع. كذلك ينتقد الوسط الفني بكل قيمه التجارية وابتعاده عن الجمهور تاركا اياه فريسة بايدي المتطرفين الذين اثروا بشدة على الواقع الاجتماعي ودفعوا به نحو تغييب العقل والابداع. وتدور احداث الفيلم داخل كلية الفنون الجميلة التى شهدت غالبية الفنانين التشكيليين المصريين...اقرأ المزيد والعرب الذين تعلموا بين جدرانها وابدعوا وتألقوا حتى وصل بعضهم الى العالمية. وكان فيلم "بحب السيما" الذي عرض قبل خمس سنوات تقريبا تناول عقلية التزمت الديني وما ينتج عنها من نزعة لتحريم السينما والفن. وهنا يقدم فيلم "بالالوان الطبيعية" فكرةالتحريم لدى المتطرفين تجاه الفن التشكيلي وتصوير الجسد العاري كاساس لهذا الفن. وتظهر فكرة التحريم من خلال شخصية بطل الفيلم كريم قاسم الذي يهوى الرسم ويمتلك موهبة متميزة تفوق الكثير من اساتذته. فيلتحق بكلية الفنون الجميلة رغم رغبة والدته فى أن يدرس الطب. ثم يصطدم بنظم الكلية و يهرب للمرة الاولى عندما يجد نفسه مضطرا الى رسم جسد عاري فيخاطب الله متسائلا عن الحلال والحرام . ثم يعود الى الكلية ويفرض موهبته على من حوله وصولا الى تقديمه مشروع تخرجه معتمدا على تصوير فكرته عن العقاب والثواب والجنة والنار باعتبارها جزءا من العالم الداخلي للانسان اكثر منها مكانا يقع فيه العقاب والثواب فعلا، كما ذكر كريم قاسم في الحوار الاخير في الفيلم مع لجنة تحكيم مشاريع التخرج للطلبة. الا ان هذا الاستنتاج الذي وصل اليه بطل الفيلم اختلف تماما عن عالم بطلة الفيلم يسرا اللوزي التي ارتبطت بعلاقة عاطفية مع كريم وصلت الى العلاقة الجنسية. الا ان احساسها بالذنب بسبب هذه العلاقة يدفعها الى الحجاب ثم النقاب ثم الى تغيير دراستها بعد ذلك الى هندسة ديكور بدل الفنون الجميلة , كتغيير كامل فى الفكر بالتخللى عن الارادة الحرة يركز الفيلم ايضا على فساد التعليم فيظهر من خلال قيام الاساتذة باستغلال الطلبة بدءا من عميد الكلية ,ويقدم بقية الاساتذة على شكل شخصيات هامشية تأكيدا على ضعف دورهم في العملية التعليمية باستثناء استاذ واحد يبذل جهدا حقيقيا في التدريس ويقف الى جانب طلبته. يبقى فقط تلك الاطالات فى الحوار التى تصيب المشاهد بالملل احيانا , وكذلك بعض المباشرة بتقديم مواعظ دينية للمشاهد , كذلك تكرار بعض المشاهد الجنسية دون هدف واضح وتبقى ايضا الاشادة بكل ابطال العمل ومنفذيه فى تقديم فيلم مختلف عن ما نشاهده تلك الايام - حتى وان كان المستوى اقل من "بحب السيما" , ويبقى أيضا الفيلم مثيرا للجدل لما يفتحه من افاق للنقاش لدى المشاهدين .