أراء حرة: فيلم - الفاجومي - 2011


الفاجومي، حالة لم تكتمل

الفاجومي هو حالة سينمائية جيدة لكنها غير متكاملة تعتمد بالأساس على سرد أحداث واقعية في إطار يشوبه المبالغة في أحداث غير هامة و الإختصار بأحداث بالغة الأهمية مما أضعف كثيراً من قوة الفيلم و تواصل المشاهد معه. من الوهلة الأولى تشعر أنك أمام فيلم يدعم قصة رجل عظيم لكنك لا تجد سبب العظمة في أحداث حياته و لا تعلم سببها طوال أحداث الفيلم، قد يكون عيباً في السيناريو و الحوار لكنه بالتأكيد ليس عيباً في التمثيل، فنحن أمام فيلم تألق جميع ممثليه و على رأسهم الثنائي الرائع خالد الصاوي و صلاح عبد الله الذي...اقرأ المزيد لن تشعر لوهلة انهم ليسوا بأحمد فؤاد نجم و الشيخ إمام لكن تظل إختيارات أحداث الفيلم محل جدال! عندما تنظر لما ستخرج به عن حياة أحمد فؤاد نجم سنجد أنه كان (عربيداً، فاسقاً، زانياً، جاهلاً، سارقاً، موهوباً و شجاعاً)! توصيفة قد لا ترقى لكثيرين بالحالة الثقافية المتردية في مصر حاليا التي تقيم الانسان فقط على اساس تدينه و ليس كفائته او موهبته او عمله و هذا سيجعل كثيرين لن يتفاعلوا مع الفيلم و لا بطله! الفيلم يجعلك تشعر أننا أمام رجلاً وُلد ليعترض حتى إذا لم يكن هناك شيئاً يدعو للإعتراض! أمام رجل مستعد للمعارضة في أي زمان و مكان في الماضي أو المستقبل و أنا شخصياً أعتبر الرئيس السابق حسني مبارك هو أذكى من تعامل مع هذا الرجل فقد همشه تماماً تماماً و تركه يتحدث و يشعر و يسب كما يريد و هذا هو السبب الحقيقي لعدم ذكر فترة حكم مبارك في احداث الفيلم لأن ببساطة لم يكن هناك معاناة للشاعر أحمد فؤاد نجم في تلك الفترة. الفيلم يستعرض لنا مدى ضعف قدرة جمال عبد الناصر و أنور السادات في مواجهة حرية الرأي و الفكر و يحملهم مسؤولية شبه كاملة على حالة التردي الثقافي و إنتشار المتطرفين في ربوع مصر فالأول قاوم كل من هو مثقف و شبه مثقف بالمعتقلات و الثاني إستخدم المتطرفين لمحاربة المثقفين بالشارع بجانب وجود المعتقلات لمحاربتهم داخلياً!! فيلم يستحق المشاهدة لكن لن يفوتك الكثير إذا لم تشاهده


'الفاجومي' للمراجعة النهائية والتوقعات المرئية!

كم من الرائع أن تقضي ساعتين في رحاب الشيخ امام وعم نجم، وما أمتع تلك "النوستالجيا: الرائعة التي تمدك به أشعار أبو النجوم، وألحان المبصر بالأحاسيس الشيخ امام، كلمات وألحان تعلمك دون أن تدري كيف تعشق تراب مصر. ولكن مع هذا الكم الرائع من الفن يضعك فيلم "الفاجومي" لكاتبه ومخرجه عصام الشماع في خانة "اليك"، محاصراً بين طرفي نقيض، تاريخ وفن عظيم، وفيلم وفن رديء، تشاهد الفيلم لتتابع سيرة الفاجومي، أحمد فؤاد نجم الشاعر الكبير، فتشاهد مقتطفات من سيرته الذاتية" وكأن صناع الفيلم قد صنعوا "برومو" لفيلم أخر...اقرأ المزيد آت، أو حتى مسلسل رمضاني منتظر. وتطبيقاً لمبدأ تعلمناه في الصغر بأن "سلق البيض" هو أهون ما في الطبيخ، حتى صارت الكلمة - سلق بيض - تطلق على كل رخيص، لم يتم بذل الجهد فيه، ويتسم أيضاً بالتسرع، استخدم صناع فيلم القاجومي "سلق البيض" لانهاء فيلمهم، لدرجة أن النقلات الدرامية في الفيلم ينقصها أي روابط، بل كان السيناريو يشبه ذلك السباق الشهير بين الارنب والسلحفاة، بين ارنب المدة الزمنية للفيلم، وسلحفاة التاريخ الطويل للشاعر الكبير، ولكن في هذه المرة ينتصر الأرنب. أما عن الأداء فحدث ولا حرج، خالد الصاوي اجتهد، ولكنه بعيد كل البعد عن الشخصية الحقيقية، التي والحمدلله حية تسعى بيننا، ويعرف كل من يشاهد نجم على شاشات الفضائيات، أن "نسر" الذي قدمه الصاوي قد طار بعيداً عن النجم الحقيقي، نفس مسافة الارتفاع بين نسر ونجم في السماء. صلاح عبدالله الغائب الحاضر، اكتفى بالاعتماد على أداء دور كفيف تقليدي، ولم يدرك أنه يرى أكثر من المبصرين، أما الأدوار النسائية الثلاث، فكانت أشبه بعرائس تظهر جميلة في صندوق الدنيا وترحل دون أثر. وبغض النظر عن بعض المغالطات التاريخية في الفيلم على المستوى التاريخي انتماء لتيار دون تيار، وعلى المستوى الشخصي انتماء لنجم على اساس أن الشيخ امام قد رحل، الا أن الفيلم فشل تماماً في الاستفادة من نوستالجيا الأحداث، وكاريزما الشخصيات، واكتفوا بتقديم المراجعة النهائية الموجزة في ليلة الامتحان لتاريخ الفاجومي. وكأن صناعه أصروا دون أن يدروا أن يثبتوا أن شاعر في قامة نجم لا يتكرر ولا يجوز تقليده حتى ولو سينمائياً.


الفاجومى .. حينما تود ان تخلق لحنا عذبا فينشز منك فى اوقات معينة .

إنه ذلك الرجل الجدع إبن البلد الذى لا يخشى فى الحق قيد السجان .. الأيقونة الثورية الشعبية التى زرعت فى الكثير منا معنى أن تكون معارضاً مخلصاً و بجد و بحق و حقيقى ضد الظلم و القهر و الديكتاتورية دون أن تنتظر شيئاً وراء ما تفعل إلا صالح الوطن ؛ أن تكتب ما يفكر فيه الناس و ما تقتنع به ليشدو كلماتك صوت أصيل مبدع مثل الشيخ إمام دون أن تبغيان وراء تلك العلاقة نجاح مادى أو حفلة فى التليفزيون أو الراديو فقط ما يحرككما هو حب الوطن و لا شيء دون ذلك حتى و إن كان ثمن قناعاتكما هذه السجن و الفقر و الحرمان...اقرأ المزيد .. إنه أحمد فؤاد نجم الفاجومى و لا أحد سواه .. لكن هل يعنى كل هذا توافر القدرة على تحويل تلك الحياة الى فيلم سينمائى يجذب المشاهد حقاً الى مشاهدته ؟ .. فى أفلام السير الذاتية يكون هناك دائماً خيطاً رفيعاً بين الفيلم التسجيلى و الفيلم الروائى و لذلك يكون على المخرج أن يدرك أن ما قرر الخوض فيه أقرب لحقل الغام يستدعى اليقظة التامة و الحيطة و الحذر ؛ لعبة التوازن هنا أن تدرك كيف تحول ما هو تسجيلى " حياة الشخص بصورة تقريرية " الى عمل روائى يأخذ من تقريرية تلك الحياة و أحداثها و ملابساتها ليحولها الى عمل درامى تنبض شخوصه بالحياة دون الأسلوب التقريرى الذى يصيب المشاهد بالملل .. فى هذا الفيلم استطاع المخرج أن يدرك كل هذا فى بعض مشاهده و أن ينساه فى بعض أخر . استطاع المخرج عصام الشماع فى أحيان عدة أن يدخلنا عالم الفاجومى الحقيقى عبر صورة سينمائية راقية و أداء تمثيلى عالى من أغلب ممثلى الفيلم و على رأسهم المبدع خالد الصاوى بعدما أدرك _ آى المخرج _ هذا الخيط الرفيع الذى تحدثت عنه ؛ المشكلة الحقيقية أنه فى أحيان أخرى نسى هذا الخيط تماماً فتحولت بعض المشاهد الى الأسلوب التقريرى الذى يعرض تاريخاً ما بصورة باهته تشتت ذهن المشاهد تماماً و تنسيه كل ما لاقاه من إبداع فى مشاهد أخرى .. مثل مشاهد هزيمة 67 و تنحى عبد الناصر و افتتاح قناة السويس و زيادة حظوة الجماعة الاسلامية فى المجتمع .. كل تلك المشاهد جاءت بصورة تقريرية فجة أخرجت المشاهد حقاً من جو الفيلم الدرامى و ذكرته بأجواء الجزيرة الوثائقية ..كذلك مشاهد إلقاء الصاوى للقصائد و الذى لم يوازن فيها بين الإلقاء التقليدى إياه للقصائد و البحث عن طرق مختلفة لذلك الإلقاء .. اندهشت لذلك حقا و أنا ادرك أن الصاوى شاعراً بالأساس و لا أعرف كيف فات عليه أمر مثل هذا .. كذلك مشهد النهاية الذى جاء فيه الصاوى بمكياج الفاجومى الذى وصل للثمانين من عمره و هو يغنى " بهية " كان أسلوبه غريباً منفرا ًكارثيته أنه كان ما أنهى به المشاهد الفيلم ؛ و لك أن تتخيل ما مدى تاثير ذلك على نظرة المشاهد للفيلم كله . دعك من كارثية إقحام مشاهد ثورة يناير على الأحداث و التى أوحت لى بالإبتذال فى اختيار مشاهد قد تؤدى _ فى غمار الحالة الثورية التى نحياها _ أن تبيع أكثر للفيلم بغض النظر عن جمالية هذا الفيلم و ترابط أحداثه . أداء خالد الصاوى بخلاف الملاحظات السابقة كان قوياً بحق و بصورة تدفعك للتساؤل " كيف غاب هذا الممثل عن نجومية الشباك كل تلك الفترة " .. صلاح عبد الله فى دور الشيخ إمام كان جيداً فى مجمله مع بعض ملاحظات حول أداء الدور الرتيب أحياناً و الخط الدرامى له و هذا عيب يذكر فى السيناريو الذى اهتم أكثر بشخصية الفاجومى على حساب باقى الشخصيات الأخرى .. دور جيهان فاضل كان مختلفاً خصوصاً بتجسيدها التحولات التى طرأت على المجتمع ككل ؛ المشكلة فقط أنها وقعت فى فخ الإستسهال فى مشاهد عدة .. كندة علوش ظهرت سريعاً و غابت سريعاً لكنها تركت بصمة ما بوجهها الرقيق .. أعجبتنى فرح يوسف فى دور " منة " الذى جاء ثورياً فى بعضه صادماً فى أوقات رقيقاً فى مجمله .. أما دور الشاب الذى قام بدور محمد على الركن الثالث فى مجموعة الفاجومى و إمام فقد وقع فى فخ الإستسهال رغم أن معلوماتى عن تلك الشخصية أنه لم يكن كما جاء بالفيلم أبداً ! . فى المجمل الفيلم جيد و يستحق المشاهدة .. الأغانى بالفيلم وظفت بصورة جيدة جداً فأعطته مذاقاً خاصاً قليلاً ما نجده فى السينما لدينا و لا أنسى صوت أحمد سعد الذى أحييه حقاً على ما يملك من موهبة .. دعك من أن الإقدام على انتاج فيلماً مثل هذا يعد خطوة جريئة جداً و تحسب لصناعه و أعتقد أنه _ آى الفيلم _ سيأخذ مكاناً له وسط أفلام السير الذاتية لدينا و التى أتمنى أن يزيد الإهتمام بها مع الوقت . مصطفى جمال هاشم