عثمان عبد الباسط وأزمة الجنيهات الثلاثة

كتب / حربي الخولي فيلم من تأليف وإنتاج وإخراج توجو مزراحي عام 1939 ، ويعد توجو مزراحي من مؤسسي السينما المصرية وواضعي أسسها وبعض فنياتها وتقاليدها ، ومؤصل للفن السينمائي بصورة تحوله من مجرد اسكتشات أو مشاهد ساذجة إلى فيلم له أصوله وقواعده . وقد ولد توجو في حي \"بولكلى\" بالإسكندرية في 3 يونيو 1901 من عائلة إيطالية غنية استوطنت الإسكندرية ، حيث درس توجو في مدارسها ، ثم سافر إلى فرنسا وإيطاليا للتعرف على قواعد الفن السينمائي الذي فتن به ، وعاد إلى مصر ليعمل في إحدى شركات تصدير الأقطان بالإسكندرية ، ومرة أخرى يذهب لفرنسا عام 1923 في إجازة من عملة لمدة أربعة أشهر زار خلالها بعض الاستوديوهات ومنها \"جومون\" الذي كان المخرج أبيل جانس يصور فيه فيلم \"نابليون الأول\" ، فاستقر عزمه على أن يصبح مخرجا ، لذلك اشترى كاميرا تصوير سينمائي مقاس 35 ملم ماركة \"كينامو\" وصور بها بعض الأفلام القصيرة عن معالم فرنسا وإيطاليا . وبعدها عاد للإسكندرية واستقال من شركة الأقطان ليتفرغ للسينما ، فاشترى إحدى دور العرض السينمائي وحولها إلى أستوديو بدائي لإنتاج الأفلام ، ثم أسس شركة للإنتاج السينمائي باسم شركة الأفلام المصرية بالإسكندرية وقام بإنتاج وإخراج معظم أفلام الشركة ، وكان فيلم \"الكوكايين\" أو \"الهاوية\" 1929 باكورة إنتاجه السينمائي ، حيث قام بالإنتاج والتأليف والإخراج بل والتمثيل أيضا عندما أدى فيه دور البطولة تحت أسم مستعار هو \" أحمد المشرقي\" ، وذلك خوفا من بطش والده الذي كان يعمل بالتجارة والمال ، فقد كان من عائلة محافظة تعتبر التمثيل من الأمور المخزية التي تسئ إلى العائلات . وقدم توجو مزراحي بعد ذلك الفيلم عدداً ضخما من الأفلام وأرسى قواعد الأنماط السينمائية الجماهيرية التي كان من أهمها الأفلام الكوميدية مع على الكسار وفوزي الجزايرلى . وقدم سلسلة من الأفلام الغنائية اكتشف فيها واحدة من أهم المطربات المصريات وهى \"ليلى مراد\" التي قدم لها سلسلة أفلامها الأولى . ويرجع أحمد رأفت بهجت في كتابه اليهود والسينما في مصر أسلوب عمل توجو مزراحي في السينما المصرية ليهوديته ، حيث يستطيع من خلال تلك الأفلام وخاصة الكوميدية أن يبث ما يشاء من أفكار يهودية داخل العمل الفني ، تعلى من شأن اليهود ، وتظهر العرب والمسلمين بصورة الهمج والرعاع ، كل ذلك بطريقة خفية دون أن يلحظ المشاهدين ذلك ، لكن هذه الأفكار تؤثر في لا وعى هؤلاء المشاهدين ويعطى رأفت مثالاً على ذلك بفيلم \"سلفني 3 جنيه\" قائلاً :\" إذا كان عثمان عبد الباسط النوبي البسيط الفراش في مدرسة الهلال لم ينجح في إتمام أي عمل يسند إليه فإن فشله قد يأتي نتيجة غبائه وتكاسله ، وربما نتيجة تحيز ناظر المدرسة التي يعمل بها أو نتيجة منازعاته مع حماته التي غالبا ما تضايقه وتمتهنه وتحتقره وتحط من شأنه بسبب عدم قدرته على إحضار ثلاثة جنيهات ، هي رهن نصف البيت الذي يسكنون فيه ، أسباب كثيرة ولكنها كلها تأتى كنتيجة الرموز الدينية التي تحاصره سواء في عمله في مدرسة تحمل الرمز الإسلامي \"الهلال\" ، أو في منزل حيث يدور صراعه مع حماته داخل كادرات تتصدرها لوحة قرآنية كبيرة \"ومن يتق الله يجعل له مخرجاً\" وسجادة صلاة تتصدرها المآذن . ويبدو أن مزراحي كان يريد أن يصل ببطله إلى نتيجة مؤداها أن \"من يتق الله يجعل له مخرجاً \" لكن بشروط أهمها قناعته بأن كل من يحمل أسم محمد لن يحقق له الخروج من أزمته ، بل سيغرقه في مشاكل لا حد لها ، فعندما يطرد عثمان من مدرسة الهلال يلتحق كممرض عند طبيب أسنان أسمه محمد ، لا يهتم بمؤهلات عثمان بل يتركه بمفرده في العيادة ، ولأن عثمان رأى الطبيب قبل أن ينصرف يعالج أسنان خطيبته ثم يقبلها فانه يتصور أن القبلة نوع من العلاج . ويبدأ في علاج المرضى حتى يموت أحدهم بين يديه ، وببساطة ينتقل للعمل في محل جواهرجي يكلفه بتنظيف قطع المجوهرات ، ولكن لأن الموظف القديم في المحل وأسمه أيضاً محمد يرفض مساعدته ، فتكون النتيجة أن يبتلع فص خاتم ثمين لا يخرج من أمعائه إلا بالذهاب إلى المستشفى ، حيث تزوره زوجته وحماته لتخبراه بأن المحضر مصمم على بيع البيت أن لم يحصل على الجنيهات الثلاثة . وبينما يقرر عثمان الانتحار تسوقه المصادفة من خلال البوابين أصدقائه إلى دخول نادي رياضي بجوار منزله تجرى فيه مسابقة ملاكمة ينال المشارك فيها جنيها واحداً ، أما الفائز فينال عشرين جنيها وهو المبلغ المطلوب بالضبط لفك رهن البيت بالكامل. ويدخل عثمان مسابقة الملاكمة هذه طمعا في النقود ولكنه يفاجأ بأن المشاركين يتساقطون كالذباب صرعى ملاكم حقيقي ضخم الجثة أسمه محمد فرج ، وكان عليه أن يواجه هذا المحمد الثالث ، والمفروض والوضع هكذا أن تحدث مأساة له ولكن في ظل إشعاع \"نجمة داوود\" التي تزين حلبة الملاكمة يتحقق لعثمان عبد الباسط ما تحقق من قبل لداوود ضد العملاق جوليات ، وبالحيلة والمكر ومساندة العناية الإلهية ينجح في هزيمة محمد فرج ، والفوز بالعشرين جنيها ويدفعها للمحضر قبل بيع البيت

نقد آخر لفيلم سلفني 3 جنيه

عنوان النقد اسم المستخدم هل النقد مفيد؟ تاريخ النشر
عثمان عبد الباسط وأزمة الجنيهات الثلاثة حربي الخولي حربي الخولي 0/0 31 مايو 2009