أراء حرة: فيلم - فرش وغطا - 2013


فرش وغطا: وأديني ماشي يا ولدي بقول يا حيط داريني

عن ذلك الهامش، عن ذلك اﻵخر الساكن خلفية المشهد دائماً، عن ذلك المستمع ابداً، عن هذا الذي لا يطمح في دور البطولة، ويقبل على الأغلب بدور السنيد، عن بائس على حافة الكون يرجو القبول... فجأة تصدر المشهد، وضعه المخرج أحمد عبدالله في المُقدمة، ليجد نفسه مرتبكاً لا يقوى على الكلام ولا يعرف أي اتجاه يسلك، شريد، هائم، مُطارد يلهث من الخوف والركض، يبحث عمن يربت على كتفه، وعمن يقرضه الفرش والغطا (الامان). ستظل طوال مدة الفيلم تحاول اﻹجابة عن اسئلة تومض فجأة في رأسك، وربما لن تجد اﻹجابة، لا يهم، الجيد في...اقرأ المزيد الأمر هو أن الفيلم قد أثار بداخلك هذه الاسئلة. يحاول فيلم فرش وغطا أن يبسط أمامك فئة المُهمشين، وهي الفئة المهدور حقها مؤخراً في أفلام العيد سيئة السمعة، لكن الاختلاف يبدو واضحاً بين تناول المخرج أحمد عبدالله لهذه الفئة وبين تناول مُخرجي أفلام العيد لها، ففى حين يعمل مُخرجي هذه اﻷفلام على سبك الخلطة التي تدر عليهم أموال جمهور سينمات العيد (مشاهد اﻷكشن، الراقصة، أغاني المهرجانات)، يبدو أن عبدالله لا يشغل باله كثيراً بهذه الخلطة، ولا حتى بالقضايا السياسية الدائرة في خلفية أحداث فيلمه، قدر ما يحاول إفساح المجال أمام المشاهد للتعرف على بطله... إنسانياً، المرتعد في ظلام دامس أول اﻷمر، ومحاولاً بجهد البقاء على قيد الحياة في نهاية اﻷمر (صوت أنفاس البطل في مشهد النهاية). وهو الفرق الواضح بين أن تستغل الواقع كمادة للسخرية والفرجة، أو أن تضع يدك على الموجع والمؤلم في هذا الواقع لتكشفه أو تحاول حله. وهو ما يفعله بوضوح أحمد عبد الله في فرش وغطا، حيث يكشف لنا الفيلم عالم مُحيط، نغمي أعيننا عنه في أغلب اﻷحيان، أو على اﻷقل لا يستهلك من تفكيرنا أكثر من لحظات قليلة، عالم نربطه في أذهاننا بالخطر، نتعامل معه بالشوكة والسكينة، نمصمص شفاهنا على أحواله، وهو ما يبدو أغلب الوقت تعاطف سطحي، لا نكلف أنفسنا حتى عناء إظهاره حقيقياً. تبدأ أحداث الفيلم مع هروب المساجين بعد فتحها، حيث يعلق البطل مع صديقه المصاب، ويحاول إيجاد مأوى يحميهما من وابل الرصاص والباحثين عنهما، ومن هنا تبدأ الحكاية، فبعد أن يسلمه صديقه رسالة وهاتفه المحمول الذي صور عليه أحداث فتح السجون والتي فيما يبدو أحداث خطيرة، تبدأ في التورط مع البطل في رحلته من بيت أهله، إلى المنطقة التي يقطن فيها صديقه الجديد، إلى بيت أهل صديق السجن. ربما تشعر في بعض الأحيان برغبة أكبر في التورط مع البطل، ترغب في معرفة خلفيته، أسباب دخوله السجن ربما، علاقة أكثر وضوحاً مع أمه بدلاً من عدة مشاهد قليلة تجمعهما، لا يتحدثان فيها ويكتفيان بحديث العيون، لكن ما يحدث على الشاشة أمامك يأخذك تماماً لتتغاضى عن هذا الشعور. الفيلم يكاد يكون خالي من الجُمل الحوارية وهو ما كان معروف مُسبقاً قبل عرض الفيلم من تصريحات المُخرج وأبطال عمله، وحقيقةً لم أشعر بحاجة للحوار في أغلب الوقت، كنت متأقلمة تماماً مع هذا، ربما كان يتوجب الاهتمام بإدخال حوار في بعض المشاهد، لكن عدم وجوده لم يكن مُفسداً لمتعة المشاهدة بشكل عام، خاصةً وأن الحدث اﻷبرز في هذه الفترة كان موجود دائماً في خلفية الأحداث من خلال أصوات النشرات الإخبارية والبرامج السياسية. كما أن الصمت _ولو أن ذلك يتناقض بعض الشيء مع طبيعة الشعب المصري_ كان في بعض اﻷحيان اﻷخرى خير مُعبر، وهو ما بدا جلياً في مشهد يجلس فيه البطل على ضفة النهر، وتتابعه الكاميرا من جانبه، قبل أن يأتي صديقه ويجلس بقربه وينطق بجملة قصيرة "ربنا يستر"، لا تعني شيء للمشاهد إلا بعد أن تتحرك الكاميرا لتكشف لنا عن دخان كثيف في طرفي الكادر، في إشارة إلى حريقان يلتهمان المدينة في مجال رؤية البطل. أسماء أبطال الفيلم كلها غير مُعرفة، ستخرج من دار العرض لتكتشف أنه يحكي عن غريب، تُشير إليه أنت بـ "هو"، لم أفهم المغزى من هذا اﻷمر، لكن ربما أراد المُخرج التأكيد على فكرة أن أبطاله ينتمون لفئة لا يهتم الكثيرين منا بها، فأنت قد تتعامل مع جامع القمامة وتشير له بوصف "الزبال" دون أن تهتم بمعرفة اسمه، أو حتى لو كنت قد علمته يوماً قد تنساه فيما بعد، وهو الجانب الذي ركز عليه عبدالله بوضوح في أثناء رحلة البطل، التي يلتقي فيها بأحد هؤلاء، ليحكي عن معاناته اليومية، والمعاملة التي يلقاها ممن يتعامل معهم بحكم مهنته، وهي المشاهد التي تحمل طابع وثائقي داخل الفيلم، يجسدها أشخاص حقيقيين يتحدثون عن معاناتهم، كساكن القبور وعامل المراجيح في الموالد. الفيلم جيد، قد لا يتشابه كثيراً مع السائد لكنه مليئ بالتفاصيل التي تحثك على مشاهدته ثانيةً، وهو من تلك الأفلام التي تترك أثر في نفسك لا يزول بسهولة.


عمل رائع رغم فخ الملل

تبدأ أحداث الفيلم فى يوم من اسود الايام التى شهدتها مصر يوم 28 يناير 2011 الذى كُسرت فيه ابواب السجون فى العديد من محافظات مصر كما أن الكثير من أقسام الشرطة تم إقتحامها من قبل اهالى المساجين ووبتدبير منظم من الجهات المستفيدة من الفوضى والانفلات الامنى. يهرب السجين - آسر يس - (لم يذكر إسما للشخصية فى الفيلم) محاولا النجاة بحياته من ضرب الرصاص العشوائى والفوضى العارمة على الطرق الصحراوية المجاورة لاغلب السجون بحكم بٌعدها عن الحضر ونرى مواطن آخر بجوار السجين مصاب إصابة بالغة وبين الحياة والموت...اقرأ المزيد يكلف آسر يس بإيصال ظرف معنون به رسالة وأموال بسيطة إلى اهله تبدأ رحلة العذاب والمخاطر فى وصول السجين أولا الى بيته فى الحى العشوائى ثم محاولة الوصول إلى بيت أهل صاحب الرسالة وخلال هذة الرحلة العادية جدا نشاهد الكثير من الحقائق والمواقف المؤلمة التى عشناها كمصريين فى هذة الايام الصعبة التى أعقبت يوم 28 يناير من حوادث سرقة بالاكراه ولجان شعبية وشغب من المتظاهرين ..إلخ يحسب للمخرج أحمد عبدالله انه لم يعتمد على الحوار إطلاقا فالفيلم شبه صامت وكل عدة مشاهد نسمع صوت أحد المذيعين على احدى شاشات التلفاز يقرأ خبرا مهم يذكر المشاهد بحدث هام أو مثلا نرى مواطن يتحدث بعفوية عن ماجرى فى هذة الايام سواء كان مايقوله إشاعة تهويلية او خبر حقيقى وهذا تحدى من المخرج يحترم عليه فهو يعتمد على لغته السينمائية فى توصيل رؤيته ولم يستسهل فى ان يثقل الفيلم بوجهة نظر احادية فى حوار مباشر على لسان الممثلين واعتقد ان ذلك اضاف لموضعية وحيادية الفيلم فى عرض ماحدث تاريخيا فى هذة الايام العصيبة التى مرت بها مصر ولكن المخرج وقع فى فخ الملل فقد أحسست برتابة الاحداث بعض الشىء على الرغم من قصر مدة الفيلم التى لاتتجازو الساعة والعشرين دقيقة. التكوين البصرى وترتيب العناصر داخل كل لقطة كان جيدا ولكنى كنت اتمنى ان يكون الاهتمام بالشكل الجمالى العام لكل اللقطات ان يكون أكثر مما شاهدناه فى الفيلم. اللمحة السينمائية التسجيلية فى الفيلم كانت جيدة جدا ووصلت المشاهد بصدق لأن رويت على السنة اشخاص حقيقيين يعانوا من مشاكل عديدة فى المجتمع. والتصوير فى حى الزبالين الذى يقطنه أقباط فى منطقة جبل المقطم من أهم مايميزالفيلم بشكل عام ويحسب لكل فريق العمل هذة الخطوة الهامة والجريئة. لا يجب ان نغفل دور مديرالاضاءة فى إضافة شكل جمالى مميز للفيلم فى كل المشاهد وبالاخص فى المشاهد الليلية.


التميز !!

فيلم فرش وغطا ..فيلم مستقل مصري وهو ثالث أفلام أحمد عبدالله بعد هليوبوليس وميكروفون .من إنتاج شركه كلينك بالتعاون مع مشروع تم تصويره في حى الزبالين ومقابر الإمام الليثي مما أضفى على الفيلم مزيد من الواقعية والموضوعية .. الفيلم شارك في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي ومهرجان لندن وفاز بالجائزه الكبرى (الانتيجون الذهبي) في مهرجان مونبليه لدورته 35 !! مصر تائهة في أدغال الجهل والفوضى والفقر والامية والفساد ومزيد من التعفن وهروب المساجين بعد ثورة 25 يناير فكرة بسيطة ولكن تم تنفيذها بإسلوب حرفر ظهر...اقرأ المزيد به تعقيد بعض الشيء مما صعب من وضوح الفكرة لكل شرائح الجمهور المشاهدة للفيلم ..مع الاعتبار ان الفيلم تقريبا صامت والحوار به قليل جدا فهو يعتمد على الفكر والتأمل لذلك كان هناك مشاهد بحاجه الى توضيح الاحداث من خلال الحوار .. ولكن اسلوب طرح الفيلم جديد ومتميز على السينما المصرية ... الاداء الفنى للفيلم كان في افضل حالاته !! اسر ياسين ممثل متميز من الطراز الاول يختار ادواره بعناية شديدة فابدع في هذا الفيلم رغم انه لم يتحدث طوال الفيلم ...وان كان هناك مبالغة في هذا الجانب..فقد ادى دوره كما يجب ان يكون ... عمرو عابد ممثل متميز وجاءت عناصر الفيلم اكتر تميز لقد كان التصوير اروع مما يكون واظهر مناطق مهمشة بشكل حرفى شديد التميز وما بها من تفاصيل دقيقه حيه من الممكن الا يكون المشاهد رأى هذه المناطق طوال حياته ...وان جاء التركيز على مشاهد القمامة بصورة مبالغ فيها ليس لها ضرورة دراميه الموسيقى التصويرية لم اشعر بوجودها كثيرا في سياق الاحداث التواشيح والابتهالات كانت قمه في الابداع والروعة وتشعرك بروحانية لم تشعر بها من ذى قبل.. الاخراج لاحمد عبدالله ابدع ووصل به الى قمه نضجه الفنى واقدم له كل التحيه والتقدير على مجهوده الفنى رغم ما شاب الفيلم من اخطاء ولكن يمكن تداركها واتمنى ان يظل على هذا النهج والمسار للافلام الجادة الهادفة


ما معني فرش و غطا ؟

ما علاقة اسم الفيلم بقصته وأحداثه ؟ . ــ محاولاً الاجابة علي هذا السؤال من لحظة بداية الفيلم السريعة التي تنتهي بانتهاء المشهد الأول ، ليستكمل الفيلم مشاهده وتصويره البطئ ، وأول ما نراه من ابداع هو تصوير " طارق حفني " الذي جعلنا نترك مقاعدنا أمام الشاشة لكي نكون داخل الأحداث مع بطل الفيلم " آسر ياسين " لكي نري تميزه وقدرته التمثيليه والتي تبين أنها متنوعة وليست ذو نمط سائد ، وأنه يضيف الي كل شخصية يقوم بتجسيدها ويجعلها مختلفة و ليست لها صلة بمن سبقها . والسبب في ذلك هو المؤلف " أحمد عبدالله "...اقرأ المزيد الذي جعل المخرج " أحمد عبدالله " و الجميع يتألق ويُظهر ابداعه من خلال المشاهد الصامته والابتعاد عن السرد ....لكي تصل لنا صورة وحالة سينمائية نعيشها داخل حواري مصر القديمة وأبناءها والذي تميز بتجسيد أحد هؤلاء الفنان " عمرو عابد " و جعلنا أيضا نسترجع أيام ولحظات حرجة عرفها الجميع ، وأخري لم يعرف عنها أحد أي شئ الي هذه اللحظة . وبسبب بعض المشاهد التي أخطأ فيها المخرج بعدم التوظيف الصحيح لنطق البطل وأخري كان يجب أن يتحدث فيها ولم نجده ، أو لم ينطق من الأساس طيلة الفيلم ...... لرأينا فيلماً سينمائياً بعيداً عن الأخطاء . ــ ومع نهاية الفيلم العميقة وما تطرحه ، وقد أدركت ما يعنيه اسم الفيلم وهو الدفئ الذاتي والتصالح مع النفس الذي تشعر به في مشاهد كثيرة .