رحيل عمر أميرالاي شيخ مخرجي سوريا

  • خبر
  • 01:52 مساءً - 7 فبراير 2011
  • 1 صورة



عمر اميرالاي

توفي المخرج السينمائي السوري المخضرم عمر أميرالاي ظهر السبت عن عمر يناهز 67 عامًا إثر إصابته بأزمة قلبية. ويعد من أهم المخرجين الذين أثاروا جدلاً في ساحة السينما العربية والعالمية من خلال ما قدمه من أفلام تسجيلية كان أبرزها "الحياة اليومية في قرية سورية" عام 1974 الذي بيَّن خلاله تأثير السد على حياة الأشخاص العاديين في قرية سورية.
واستطاع "أميرلاي" الذي امتدت تجربته السينمائية أكثر من 45 عامًا أن ينجز عشرين فيلمًا تسجيليًّا مراهنًا على هذا النوع السينمائي في معالجة مشاكل مجتمعه بعيدًا عن السينما الروائية، إذ امتهن أسلوبًا يختلف عن أغلب المخرجين السوريين الذين درسوا في الاتحاد السوفيتي، حيث أبرزت أفلامه نزعة انتقاد سياسية.
ويصنف أميرلاي ضمن القامات الكبيرة في الأوساط الثقافية التي رسخت ثقافة الموقف الفكري والسياسي، وهو من مواليد دمشق 1944، وقد بدأ مسيرته الفنية عام 1965 مغنيًا أوبراليًّا في كونسرفتوار برلين، لينتقل بعدها لدراسة المسرح بين عامي 1966-1967 في الجامعة الدولية للمسرح في باريس "مسرح سارة برنار"، لينضم بعدها إلى معهد الدراسات السينمائية العليا عام 1968 في جامعة نانتير ويكمل دراسته الأكاديمية في سينماتيك باريس حيث تعلَّم على يد المخرج الفرنسي العالمي جان بيير ميلفيل ثم عاد إلى دمشق عام 1970.
قدم "أميرلاي" في حياته سلسلة من الأفلام الوثائقية بدأها مع ثلاثية حول سد الفرات في فيلمه الأول "محاولة عن سد الفرات" 1972، الذي أنتجه التلفزيون السوري، وكان تحية منه لأحد أكبر مشاريع التطوير السورية، لكن في فيلميه الثاني والثالث كان له موقف نقدي وبخاصة مع "الحياة اليومية في قرية سورية".
كما قدّم الراحل أميرلاي بالتعاون مع الكاتب المسرحي الراحل سعد الله ونّوس فيلم "مصائب قوم" عن الحرب اللبنانية، و"الدجاج" وكذلك أنجز أفلاما عدة عن شخصيات معروفة أبرزها بينظير بوتو، والفنان التشكيلي السوري الراحل فاتح المدرس، والمسرحي الراحل سعد الله ونّوس.
غير أن البارز بين هذه الأفلام شريطه المعروف عن رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري تحت عنوان "الرجل ذو النعل الذهبي" 1999، الذي يعد وثيقة شخصية نادرة وقريبة من تفاصيل حياة الحريري، وغيَّر على نحو إيجابي نظرة كثيرين إلى الملياردير اللبناني الشهير، وكان قبل رحيله يستعد لإخراج فيلم عنوانه "إغراء" أراد أن يجسد من خلاله حياة الممثلة السورية إغراء.
كما ساهم المخرج الراحل في تأسيس اتحاد نوادي السينما في سورية عام 1982 من أجل نشر الثقافة السينمائية ليس على مستوى دمشق وحدها ولكن إلى جميع المحافظات السورية.
ويرى مخرجون وإعلاميون سوريون أن رحيل أميرلاي يشكل فاجعة في سورية، حيث يقول المخرج السوري هيثم حقي الذي رافق أميرلاي أكثر من 38 عامًا: "إن الراحل استطاع استقطاب أجيال عديدة من محبي السينما في سورية؛ إذ عمل على تطوير الذائقة السينمائية لدى الشباب السوري ليس في دمشق وحسب، بل في جميع المدن السورية؛ وذلك باعتماده الشخصي على تثقيف جيل الشباب عبر الثقافة البصرية السينمائية".
بينما قال الناقد "سامر محمد إسماعيل": "لا أدري كيف أصدق رحيله وهو الذي اتصل بي مساء أمس (الجمعة) حيث كنت أنا والراحل أميرلاي قد أنجزنا في الأسبوعين الماضييْن حوارًا خاصًّا عن تجربته السينمائية حيث أطلعني على تشاؤم خالص لما وصلت إليه حال السينما السورية، وكعادته لم يتحدث صاحب فيلم "الدجاج" عن السينما فقط، بل تحدث عن حال الثقافة والمثقفين السوريين، كان حزينًا لكنه كان في ذروة إشعاعه لا أصدق حقيقة نبأ رحيله وبخاصة أنني كنت قد واعدته يوم الاثنين المقبل في مقهى المتحف الوطني.. هذا الرجل الذي يمشي صباحًا في شوارع دمشق بعينيْن طافحتيْن بالأسى، مازال يلتقط عبر كاميرا العيون شحوب الأمكنة، وكعادته يسجل لنا أميرلاي ماضي الأيام الآتية، لأن تجربته السينمائية التي جسد من خلالها عشقه لسورية لن تتكرر، فهذه التجربة كانت من أهم التجارب السينمائية النقدية لواقع الحال السوري، ومن فيلمه "محاولة عن سد الفرات" إلى فيلمه "مصائب قوم" لم يتوقف هذا السوري الجميل عن مناكفة خصومه وما أكثرهم، هو الذي قال أريد أن أسجل صورة حقيقية عن العائلة السورية الحزينة، أقول له: "سأنتظرك في مقهى متحف دمشق الوطني تمامًا كما تواعدنا!".

وصلات



تعليقات