الموز الاخضر بالحبة!

الموز الاخضر بالحبة!

جرفتني تلك السحابة التي أمطرت بغزارة في فيلم دكان شحاتة .. متناولة العديد من المواقف والحوادث العالمية والعربية والمصرية بالتحديد.. تقصف بذاكرتك وتعود بك للوراء وتتقدم بك سريعا لا مجال لأن تلتقط كل شيئ بدقة، بل خذ المجمل، تجد نفسك مررت في رحلة قطارية مدمية تتصور بعدها احداث للظلم والطغيان والعداء وانحلال القيم، تشعر في اثناء دق الحديد شيئا فشيئا بوقعات تألم القلب فقط هو شعور المنتمى للوحدة والولاء العربي، تذهب ثم تعود مجددا وتقف عند قذفك في المستقبل الذي لا تعلم ان كنت ستكون فيه ام لا.. مستقبلاً يبيع الموز الأخضر بالحبة! سبحان الله.

دخلت قاعة السينما في صباح متأخر، لم اجد إلا القلة! وهذا غريب حقاً. فالسينما ايام الاجازات الاسبوعية تكون عامرة بمختلف اطياف الخليج العربي وهذا مما لم تخلوا منه القاعة.. ناهيك عن عناصر الجذب في الفيلم.. فلا اعلم هل هو عيب الوقت؟ ام ان الشباب منشغل بالامتحانات؟ .. ام ان جمهور مرتادي السينما لم يجدوا ان الثلاثة دنانير جديرة لاختياره وقضاء رحلة اسبوعية، ولكن بعض لحظات الصمت القوية للاستماع والابصار التي لاحظتها جيداً داخل قاعة السينما، كانت تشير عكس ذلك. وفقت باقة من الممثلين المتميزين حقيقة في الاداء والتصوير، اخص بالذكر تلك الشخصية التي ادت دور \"سالم\" وهو احدى الاخوة الثلاث من الام الاولى، تخيل لي حينها شخصية حقيقة شبيه لشخصية عربية سياسية، ادت الدور نفسه بل الأسوء في واقعنا.

شخصية \"سالم\" مثلت اسوء بداية للعداء مع الاخ الصعيدي \"شحاتة\" ابن الام السودة، وانهته تحت وقع طبول الفرح والزغاريد والغناء وصراخ محبوبته المكره على اخيه \"بيسه\"!. وكانت \"نجاح\" وهي الاخت الثالثة كانت الأنجح علاقة مع \"شحاته\"، وبدى الاخ الرابع اقل حده في العداء مع \"شحاته\". ولا انسى في هذا الموقف دور \"كرم- غباوة\" اخو \"بيسه\" الذي لم يكرم احداً غير معشوقته وعلى طريقته الخاصة!، فبدى اكثر الادوار تألقاً من خلال نقل القيمة المرجوة من الفيلم بشخصية كاركتيرية اتسمت بالخفة لاداء المعطيات الحالية. بيد اني وجدت تحفضات على أداء البعض.. بل اداء احداهن لا تعليق.. غير أن الظهور المعتاد أمام كاميرات التصوير اصبح شيئا معتاداً فلم تكن هناك صعوبات كبيرة في تقديم اداء جيد ومقبول نسبياً ولكن اشير الى موقعها من الفيلم كان ممتازاً كاختيار.. والبعض يعول على المردود.

ان لكتابة السيناريو دور في وضوح الرؤية الاخراجية التي لا تزال تخطو واثقة بتصاعد عتابات الابداع تباعاً، ولكن بعض المواقف تجدها لم تصاغ بشكل اروع مما لو كانت عليه، ان نظرت إليها قليلا، فتجد ان الموقف يحتاج لانتقاء حوار يخدم القوى الفنية و الاخراجية، ولا يعني ذلك ان السيناريو خلى من تلك الحوارات والنصوص المنمقة و الملفوفة في دهاليس سياسية، وكانت جديرة بالاعجاب والتمعن في انتقائها وطرحها السياسي والجرئ الى حد فاق توقعي.

اشير نهاية الى وجود اخطبوط يقودك في ترف فني لصورة كاملة من البداية الى النهاية .. يفعل مالا يجرؤ البعض على تناوله في قوالب ديمقراطية وواقعية بصورة تكتيكية وذكية، وان بدى للبعض انه لا يجوز. فأجده جائزاً جدا وان استمر فالقادم سيكون ادهى من ذلك وأروع.. ولكن السؤال الم يحن الوقت لان تبدأ من حيث نحن الان؟، فلسنا بعيدين عن الموز الاخضر بالحبة.