عندما تتقن الأدوار يذكر تجار الموت

لم يكن فيلم تجار الموت الفيلم الوحيد الذي دارت أحداثه حول وثائق التأمين وما تخلفه من عواقب جسيمة ، بل أن السينما العالمية بصفة عامة والسينما المصرية على اﻷخص ناقشت تلك القضية في أكثر من عمل فني ، ولكن المخرج كمال الشيخ أو هيتشكوك السينما المصرية كما يطلق عليه قدم تلك القضية من خلال قصة سوداء تبلورت في فيلم (تجار الموت) بطريقة تشويقة مثيرة حيث دفعت الظروف القاسية بمراد (فريد شوقي) ليشترك مع عصابة يتزعمها طبيب تجرد من المشاعر الإنسانية يدعى عباس (محمود المليجي) عندما أقنعه بالزواج من الفتاة ليلى (إيمان) وتحرير وثيقة تأمين على حياتها ثم قتلها وإقتسام مبلغ التأمين بينهما...تتوالى الأحداث ويتعلق مراد بزوجته ليلى فيحاول المخرج كمال الشيخ هنا بعبقرية أن يقدم مجموعة من المشاهد العاطفية التي تجمع بين مراد وزوجته ومحاولة توصيل فكرة الحبكة الدرامية التي قدمها الكاتب علي الزرقاني والتي قامت على وقوع مراد في غرام ليلى بعد ان عزم الأمر على قتلها، كما قدم كمال الشيخ عدد من التفاصيل والتدقيق في تحقيقات الشرطة وكأنها بالفعل تحقيات واقعية بشكل بسيط وغير معقد وتمكن من استخدام أدواته الهيتشكوكية في الدفع بممثل مثل (رشدي أباظة) ليخرج ما لديه من عبقرية ويتقن دوره بدرجة عالية ليقدم قاتل بارد الأعصاب لا تحركه أي أحاسيس تجاه من يقوم بقتلهم ، آلة تحرك من خلال المجرم عباس ...كذلك نجد أن على الزرقاني نجح في تقديم مجموعة من المهارات والمكائد التي وضعها من خلال السيناريو الذي قدمه وأكثر ما يلفت النظر فيها نهاية شخصية الشرير عباس (محمود المليجي) والقاتل السفاح (رشدي أباظة) فنجد أن شخصية عباس خالصة الشر لا يخالطها أي مبرر يدفعها إلى القيام بتلك الجرائم حتى لا يتعاطف معها المشاهد أو يكون هناك سبب ظاهر وراء ما يفعله يجعلنا نصفح عنه وعن أفعاله المشينة...عمل فني جدير بتقديم الاحترام والتقدير لصناعه.