تحية على هذا المجهود المهدر

أسرة سعيدة.... فتاة وشاب يرقصان في سعادة.... مجموعة من الأشخاص يقضون وقتا ممتعا؛ وفجأة يقع انفجار مروع تسيل معه الدماء على الأرض وتبدأ أحداث الفيلم، هكذا اختارت انجيلينا جولي تلك المشاهد لتكون عنوان لفيلمها (في أرض الدم والعسل) كأول تجربة إخراج وتأليف لها.

قصة الفيلم تدور أثناء فترة الحرب بين الصرب والبوسنة والتي غارت فيها قوات الصرب على مسلمي البوسنة والانتهاكات التي تعرض لها الشعب البوسني خلال تلك الحرب... وبالرغم من أن هناك العديد من الأعمال الفنية تناولت تلك الحرب وما خلفته ورائها من أثار سيئة عارضة مآسي الشعب البوسني بشكل أوسع وسلطت الضوء على اغتصاب النساء المسلمات إلا أن انجيلينا تناولتها من خلال قصة حب نشأت بين ضابط صربي وفتاة مسلمة من البوسنة وبدأت أول مشهد دون الإشارة إلى ديانة أو جنسية أحد منهما وكان لهذا مدلول قوي على أن العلاقة بين مسلمي البوسنة وشعب الصرب قبل الحرب لا تشوبها أي خلافات دينية أو عرقية.

ومع أن جولي عرضت من خلال السيناريو الذي وضعته بعض المواقف السياسية وقتذاك ودور المجتمع الدولي والأمم المتحدة وموقفهم السلبي والمتأخر حتى وقعت العديد من الانتهاكات لحقوق شعب مسلوب إرادته وقتل جماعي إلا أنني أرى أن ما صورته من أحداث ومشاهد عٌشر ما حدث بالفعل أثناء تلك الحرب وأن الشعب البوسني لاقى الجحيم بعينه وأنها اخفقت في عرض أهوال الحرب بشكل واقعي وكذلك لم تتناول من قريب أو بعيد ما لاقته النساء المسلمات وكيف حملن سفاحا من هؤلاء المجرمين ولم يستطعن التخلص من الأجنة فكان البعض منهن ينتحر أملا في التخلص من هذا العار.

كذلك حاولت انجلينا جولي أن تشير في بعض المشاهد أن السبب الرئيسي وراء هذه الحرب هم مسلمي البوسنة حيث اشعلوا فتيل الحرب عندما أبادوا قرية بأكملها من الصرب ومن يقرأ التاريخ ويتابع الأحداث الحقيقة التي وقعت عام 1994 تقريبا تشير إلى أن مجرمي الصرب غاروا على جيرانهم البوسنيون طمعا في الأرض ولإبادة المسلمين وليس كما ادعت انجلينا من خلال فيلمها.

وأخيرا وليس أخيرا أرى أن الفيلم يحكي قصة رومانسية جميلة ليس أكثر وأن نية انجلينا في تقديم عمل عن نساء البوسنة والتركيز عليهن وتناول الحرب التي وقعت وقتها خفقت فيه بشكل كبير ولكن تستحق التحية على هذا المجهود المهدر.