المصلحة وضعف البشر

منذ اعلان التقاء النجمين احمد السقا واحمد عز في عمل مشترك ساد حالة من التقرب للقاء السحاب وبرغم معرفة معظمنا بقصة الفيلم مضافا اليها الانتقادات الكثيرة التي وجهت للداخلية في غضون السنوات الماضية وخاصة وقت الثورة إلا اننا تمنينا رؤية فكرة جديدة وصورة سينمائية مختلفة .. فعناصر العمل كلها جاءت مبشرة بعمل مختلف ومعالجة غير مسبوقة فالمؤلف وائل عبد الله والذي تميز بالمعالجات الشيقة والمحبوكة في افلامه والمخرجة ساندرا نشأت والتي تتجه في افلامها لنظام الكادرات والاخراج الامريكي مع وجود الاكشن وشحنات تمثيلية عالية من نجمي الفيلم وباقي ابطال العمل الذي لا يقل دورهم في الارتقاء بجودة الفيلم وطاقته التمثيلية .. فالقصة تحكي عن الصراع بين الداخلية وتجار المخدرات والذي تحول في النهاية الي ثأر شخصي بين الجهتين بعيدا عن القانون والدولة ،في الواقع القصة لا تجمل اي من الطرفين بل بالعكس نماذج الشخصيات المقدمة جميعها تنبع وتؤكد علي الضعف الانساني فلا يوجد في الفيلم شخصية واحدة اتسمت بالمثالية او التوازن النفسي وهي المعالجة المختلفة في اظهار جانب الخير او جانب الشر في شكل ملائكي لا يخطأ فالضابط لم يجتهد في عمله الا بعد ان دخل في القضية بشكل شخصي فقد تسبب بمقتل احد زملائه لضعفه البشري ولكنه تحول للنقيض عندما ارتبط بالقضية شخصيا حتى اخيه وهو ضابط ايضا ظهر مستهترا ولا يعبأ بالعمل فلم اجد تجميل لصورة الداخلية وانما دخول المؤلف في تركيبات وتعقيدات نفسية للبشر بمختلف مواقعهم في الحياة .. ولكن ما يؤخذ علي المؤلف انه اعتمد في الكتابة علي وجود مفتاح يتم حله في الدراما اول بأول مما افقد التركيز علي الحكاية بمجملها .. أما الاخراج فقد كان كما اعتدنا في الاخراج المتميز لساندرا نشأت والذي يعتمد بالاساس علي الكادرات الامريكيه الذي ساعد بالتبعية في اخراج معارك الاكشن ومنها التركيز علي التفاصيل الصغيرة فقد تم استعمال الـsteady cam عند اظهار الخلاف بين الضابط وزوجته دون اللجوء للصوت العالي في الحوار فقد عبرت الصورة والاضاءة والديكور عن حياة ومشاعر الابطال .. فتفاصيل الصورة جاءت ملائمة لواقع الابطال لا يوجد بها العناصر الصارخة للتركيز علي الطاقة التمثيلية والقصة الاساسية .. لعبت الموسيقي التصويرية دورا متميزا في الاحداث فالملحن عمرو اسماعيل استطاع ان يختار الموسيقي المناسبة للاكشن حيث الاستمتاع بالصورة وملاحقة الاحداث بها دون الشعور بسرعة الاكشن للحفاظ علي التركيز في الحدث .. لم يكن التميز في العناصر السابقة فقط ولكن الطاقة التمثيلية التي تمتع بها فريق العمل جعلت المشاهد لا يشعر بالتمثيل فقد تمكنوا جميعا من اعطاء الشعور بمناسبة كل ممثل لدوره فلا تري غيره في الدور حتى اننى وقبل مشاهدة الفيلم كنت اشك في تغيير الادوار بين عز والسقا ولكن بعد المشاهدة تأكدت ان كل منهم في مكانه الصحيح .. ولكن ما لاحظته هو التطور في الطاقة التمثيلية لدي أحمد عز فعندما تقارن بين عز في آخر أفلامه وفيلم المصلحة تجده وبكل جدارة خرج من عبائه الرجل الجان الي الممثل ذو الخبرة الذي يمكن ان تراه قريبا في دور الرجل المختل او الدميم .. وبرغم اتجاه الشعب المصري حاليا للسياسة وانتخابات الرئاسة ولكن وجود الفن الجيد والعمل الذي يستحق المشاهدة سوف يفرض نفسه ..