هوامش: ناهده الرماح - ﺗﻤﺜﻴﻞ

هوامش

 [4 نصوص]

أصيبت بتلف في شبكية العين أثناء أدائها دور (زنوبة) في مسرحية (القربان) ، إعداد ياسين النصير عن رواية لغائب طعمه فرمان ، إخراج الراحل فاروق فياض عام 1976 ، وفقدت بصرها تماما في المشهد الاخير من المسرحية حيث تذكر جملة "صرت فانوس لكل اللي يعرسون"، وأرسلت الى خارج العراق للعلاج فورا .


وخضعت لعدد من عمليات ترقيع الشبكية ، ثم عادت الى بغداد ، وعلى لسانها تقول : (أثناء وصولي إلى بغداد كان هناك استقبال جماهيري لايمكن وصفه، رميّت عليّ الحلوى والورود والموسيقى الشعبية، ونحرت الذبائح، لا أنسى ذلك الموقف أبداً لا أنا ولا جمهوري أيضاً) .


كان شقيقها ناشطا سياسيا


كانت ناهده الرماح في تلك الفترة قد انتهت توا من تمثيل بطولة فيلم ( من المسئول ) ، وكان تحت الانجاز والذي عرض فيما بعد في عام 1957 . فهي ولجت مجال السينما أولا ، كزميلتها زينب ، قبل أن تصعدا خشبة المسرح . ودخلتا كلتيهما هذا المجال عن طريق إعلانات كانت منشوره من قبل الشركتين السينمائيتين في الجرائد تطلبان فيها وجوه نسائيه جديدة للعمل في الفلمين .( من المسئول ) و( سعيد افندي ) على التوالي. تقترب من ازادوهي في الظروف الشخصية التي ساعدتها في دخول مجال المسرح ، توفر أناس متفهمون في عائلتها ساندوها وشجعوها لتحقيق حلمها ، أولهم زوجها شوكت الرماح المتفتح والمتنور الذي وقف بحزم إلى جانبها ووالدتها. وكما كان إخوة آزادوهي يرافقونها في تمارين الفرقة ، كان زوج ناهده الرماح يرافقها في التمارين ، وأحيانا والدتها المساندة الثانية لناهده في العائلة و التي كانت ترافقها اثناء تصوير ( من المسئول) وظهرت في الفيلم أيضا ببعض اللقطات كنوع من تضامن قوي معلن من أم تؤيد وتزكي خطوات ابنتها الشريفة في الحقل الفني ، وكحصانه لها درءا للقيل والقال . تختلف بدايات ناهده الرماح عن ازادوهي التي جاءوا بها إلى المسرح طفله بمعنى الكلمة، بينما بدأت ناهده وهي امرأة ناضجة تعرف ما تريد، وتقدر نتائج ما تفعل ، بالرغم من النقص في أهليتها أن تكون ممثلة مسرح متكاملة في البداية ، كما جاء على لسانها . فهي تذكر في إحدى لقاءاتها الصحفية (( ... لم أكن أفكر مطلقا أن أغدو ممثله ، ففي مطلع الخمسينات لم تكن هناك حركه فنيه ، والدخول إلى مضمار الفن كان يعتبر عارا وإساءة اجتماعيه بالغه ، لكني بدأت أتغير ونما عندي حب الفن تدريجيا من خلال مشاهداتي للأفلام السينمائية التي كانت تعرض في دور السينما آنذاك ، واختلاطي بالوسط الفني من خلال حضور متفاوت لتمارين فرقة المسرح الشعبي ، ومعهد الفنون الجميلة ، بمعية السيدة ليلى العبيدي ، سحرت بعالم الفن وأنشدت إليه بقوه غريبة . )).وصممت أن تكون ممثله . وتتحدث عن بداياتها في مكان آخر ، إنها كانت خجولة ، ومتهيبة تماما ، وغير مشجعه ، أو أن يكون هناك أمل في أن تكون شيئا ، بحيث تذكر دائما حكم بدري حسون فريد عليها آنذاك بأنها (( لن تصبح ممثله طوال حياتها)) لكنها بدأت تعزز من ثقتها بنفسها ومن ثقافتها العامة و الفنية بقراءة نهمه لما كان متاحا آنذاك من مجلات وصحف ، وتعلمت فنون المسرح على أصوله ( كما تقول ) على يد أساتذتها الأوائل في الفرقة ، ابراهيم جلال وسامي عبد الحميد ويوسف العاني . ومع إرساء أصول هذا الفن تعلمت قيمه ومثله الراقية ، وفي الفرقة بدأت تدرس وتتعلم قواعد اللغة العربية وسلامة النطق بمساعدة زميلتها ( زينب ) التي كانت مدرسه للغة العربية ، والزملاء الآخرين المجيدين في اللغة العربية. كانت الفرقة بمثابة أستوديو ومدرسه حقيقية في تثقيف موهبتها الفنية . نشأت ناهده الرماح في بيت ، كان فيها أخيها ناشطا سياسيا تعرضت ناهده الرماح للاعتقال من قبل الحرس القومي بعد انقلاب 1963 ، وفصلت من وظيفتها التي كانت تشغلها في احد البنوك ، لكنها ظلت متعلقة بالمسرح ، الذي سرعان ما عادت إليه بعد إعادة تشكيل ( فرقة المسرح الفني الحديث) ، وأعيد تعيينها بعد عام 1968 كموظفه في مصلحة السينما والمسرح بعد ان شملها أيضا قرار إعادة المفصولين السياسيين إلى وظائفهم الذي صدر من الدولة آنذاك. أهم أعمالها في فرقة المسرح الحديث والتي يتذكرها فيه جمهورها ( آني أمك ي اشاكر ) و( الخال فانيا ) و(مسألة شرف ) و( النخلة والجيران ) و( الخرابه) و(المفتاح ) و(القربان) و(الصوت الإنساني )وأعمال عديدة أخرى . أشهر الأفلام التي اشتغلت فيها ( من المسئول) و( الظامئون) و(يوم اخر) ، وحصلت خلال مسيرتها الفنية في المسرح على عدد من الجوائز لنشاطها الإبداعي في المسرح ، وجوائز تقديريه . أصيبت بتلف في شبكية العين أثناء أدائها دور زنوبه في مسرحية القربان ،إعداد ياسين النصير عن رواية لغائب طعمه فرمان ، إخراج فاروق فياض عام 1976 ، وأرسلت للعلاج فورا ، وخضعت لعدد من عمليات ترقيع الشبكية ، إلا انه لم يجدي نفعا ، واضطرت إلى اللجوء في بريطانيا بمعية كافة أفراد أسرتها بعد تأزم الوضع السياسي في العراق في نهاية السبعينات ، بعد تنقل وتشتت بين لبنان وسوريا ودول اشتراكيه سابقه وأوربا . بقيت تحن للمسرح العالم الذي نذرت نفسها إليه وأرغمت على أن تبعد عنه وهي في عز عطاءها الناضج ، ولم تنقطع في غربتها عن اجترار ذكرياتها عنه ، وحاولت أن تعوض عن هذا البعاد بالقيام بفعاليات مسرحيه عديدة للجالية العراقية ومحبيها في الخارج أشبه بالمونودراما تعيد تقديم مشاهد من أشهر ما أدته على المسرح طوال نصف قرن تقريبا هو عمرها الفني .، تجولت بفعالياتها هذه في معظم دول أوربا واسكندنافية والولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول الخليج . وبالتدريج اخذ ينطفئ عندها البصر ، وتعيش اليوم ناهده الرماح بالظلمة في لندن ترعاها ابنتها هند ، إلا إنها مازالت متوهجه بحبها القديم الجارف للمسرح ، الذي ضحت من اجله الكثير ، ولم تحصد منه غير نسيان أصدقائها والوسط الفني لها بسبب الانقطاع الطويل عنهم ، الذي فرض عليها، وانبعث جيل كامل من الجمهور لم يسمع او يرى او يعرف شيئا عن ناهده الرماح او عن زينب على المسرح .