سكورسيزى على القمة بصحبة دى كابريو فى الجزيرة المحطمة

  • مقال
  • 08:30 صباحًا - 18 مارس 2010
  • 1 صورة



يقدم فيلم Shutter Island الذي تم عرضه فى قاعات السينما في مارس 2010 متعة حقيقية رائعة , حيث يقوم مارتن سكورسيزى بالدخول في متاهات المرض النفسي و ابعاده الخادعة التي تتلاعب بالحقيقة وتصنع عالما موازيا فى الذهن بديلا للواقع الحقيقى.

يجمع المخرج الأمريكي المخضرم مارتن سكورسيزي بين عناصر التشويق والرعب الداخلي والفانتازيا، ليقدم في النهاية واحدا من أبرز أعماله على مدار السنوات الأخيرة، ممارسا هوايته في ابهار عشاق السينما داخل تجاوب ذهني وانفعالي بالغ التوتر مع مجريات سيناريو فذ تتخذ احداثه مستشفى للأمراض العقلية المصحوبة بجرائم قتل بجزيرة على سواحل بوسطن مسرحا لها.

الفيلم مقتبس عن رواية صدرت عام 2003 للكاتب دينيس ليهان، الذي سبق أن حظي بترجمة سينمائية لأعماله من خلال فيلم Mystic River، الذي أخرجه كلينت إيستوود. وتدور احداثه عام 1954 مع إيفاد المحققين "تيدي دانييلز" ( ليوناردو دي كابريو) و "شوك أول" ( مارك روفالو)، لفك لغز اختفاء مريضة من المستشفى رغم الحراسة الأمنية المشددة.

منذ البداية، سيفطن المارشال تيدي إلى أن التحقيق لن يكون رحلة استجمام، فالطاقم الطبي الذي يقوده د. كاولي ( بين كينجسلي) أبدى سلوكا مريبا كما أن الألغاز بدأت تتوالى انطلاقا من اكتشاف ورقة مهملة في غرفة المريضة الهاربة "ريتشيل سولاندو" متضمنة أرقاما وجملا مبهمة.

وفي رحلة بحثه عن الحقيقة يسقط تيدي ضحية كوابيس تحضر فيها زوجته القتيلة التي تحذره من وجود قاتلها أندرو ليديس بالمستشفى، فيصبح مهتما بالانتقام من السفاح. حتى يكتشف عودة المريضة فجأة بعد ردود افعال عجيبة من المرضى اثناء التحقيق معهم , ثم يتم الانقلاب الأكبر في وقائع الفيلم حين ندرك ان تيدي هو نفسه أندرو ليديس الذي أقدم على قتل زوجته بعد أن اكتشف قتلها لأبنائهما الثلاثة.

لقد اتضح أن الرحلة إلى المستشفى كانت محاولة اخيرة من الطبيب المعالج و الدكتور كاولى لعلاج اندرو ( دى كابريو) والا سيتم اعدامه ، اذا لم يتقبل حقيقة نفسه كأول خطوة للعلاج والتحرر من ثقل الماضي.

يرفع سكورسيزي سقف التحدي عاليا، مثبتا قدرته على اللعب فنيا في المساحات الداخلية للمرض النفسى ، بعد أن توطدت شهرته في صناعة أفلام العنف الأمريكي، مستبدلا الحركة المادية التي طبعت أعماله , بحيوية التوتر النفسي والعقلي التي تمثل الطبيعة الداخلية للإنسان.
اداء دى كابريو يصل الى مرحلة الكمال فى دور صعب وملىء بالتناقضات , مع سلاسة غير عادية فى الاداء والتعبير
مارك روفالو وبين كنجسلى اكملا رسم اللوحة الفنية الرائعة للفيلم باداء اكثر من رائع
ملحوظة اخيرة : اعادة مشاهدة الفيلم عقب انتهائه - وانت على علم باحداثه - ستجبرك على اكماله مرة اخرى لتنحنى لعبقرية سكورسيزى فى صنع تفاصيل ذات مدلولين وكلاهما حقيقى وواقعى تماما.



تعليقات