18 فيلماً ثورياً غيّروا العالم (1-3)

  • مقال
  • 04:25 مساءً - 8 فبراير 2012
  • 7 صور



صورة 1 / 7:
أنطونيو ريتشي وولده وبؤس روما بعد الحرب في "سارقو الدراجة"
صورة 2 / 7:
شابلن أظهر هتلر كمجنون في "الديكتاتور العظيم"
صورة 3 / 7:
مؤتمر الرايخ الثالث في "انتصار الإرادة"
صورة 4 / 7:
لقطة وصول البحارة المتمردين على "المُدَرَّعة بوتمكين"
صورة 5 / 7:
تجلّي العنصرية في أبشع صورها بفيلم "مولد أمّة"
صورة 6 / 7:
مارلون براندو يقود ثورة العمال في خاتمة "على واجهة المينا"
صورة 7 / 7:
مارلون براندو يقود ثورة العمال في خاتمة "على واجهة المينا"

ملحوظة: كان من المفترض أن يُنشر هذا الموضوع يوم الأربعاء ، 1 فبراير ، في ذكرى أول مليونية في ميدان التحرير ، استهدفت إسقاط النّظام ، وتم تأجيله لمدة أسبوع ، حداداً ، بعد الأحداث التي شهدها إستاد بورسعيد ، وسقوط 179 شهيداً ، تبعاً لآخر البيانات الواردة ، وما تبقى من هذا الأسبوع حتى الآن هو أن الثورة مُستمرة ، ولم يَسْقُط النظام بعد ، رحم الله الشُّهداء ، ونصر الأحياء منهم في الأرض .

مَرّ عام على الثورة ، وبدا أن الثمانية عشر يوماً الأولى فيها ، كانوا أسهل ما في الأمر ، وحين اجْتمع ، في مِثلِ هذا اليوم ، ما يزيد عن مليون مَصري ، للمرّةِ الأولى ، في مَيدان التحرير ، كانت المَطْلب واضحاً: "الشعب يُريد إسقاط النّظام" ، والإجماع موجود "يَسْقُط يَسْقُط حُسني مبارك" ، ثم بدأت الكثير من الأسئلة ، لم تكن بذاتِ البساطة .

مِن ضمن تلك الأسئلة الكثيرة ، كان سؤالاً عن الدور الذي يُمكن أن تلعبه السينما في نَهْضَةٍ مُنتظرة ومُبتغاه بعد ثورة يناير ، وفي شكلٍ آخر: هل للسينما فعلاً مِثل هذا التأثير ؟ هل يُمكن فعلاً أن تكون أداة ووسيلة لتغيير يَشْهَدُه مُجتمعاً كاملاً ؟

وبدا أن مائة عام من السينما ، استطاعت فيها العديد من الأفلام أن تغيُّر بالفعل في العالم: تغيير قوانين ، تحويل مسارات حروب ، مُحاسبة علنية للفساد ، تحسين الأوضاع المعيشية لفئات مقهورة ، بل وصل الأمر لإنقاذ حياة شخص من السّجن بفضلِ فيلم ، مما جَعل الإجابة هي "نعم" ، يُمكن للسينما أن تُغيّر وأن تُساهم في تَطَوّر مُجتمع ، مما يَدفع لسؤالٍ آخر: "كيف يُمكن أن تُحقّق الأفلام ذلك" ؟

هذا الموضوع ليس إجابة كاملة ، ولكنه مُحاولة لاستلهام الطريقة التي استطاعت بها السينما أن تُغيّر في العالم بشكل حقيقي وملموس ، عن طريقِ ثمانية عشر فيلماً كان لهم أثر بالغ في الواقع الذي أُنْتِجوا فيه ، سيتم ترتيبهم حسب سنوات إنتاجهم .

وإن كان من شيء واحد يجمع تلك الأفلام الثمانية عشر ، فهو أنها احتفظت ، إلى جانب أهمية موضوعاتها ، بقيمةٍ فنيّة بالغة ، مما جعلها تَمْتلك هذا الأثر الذي يُغيّر في العالم .

رُبما ليست تِلكَ هي السينما التي نستحقها ، ولكنها السينما التي نحتاجها .

ذلك هو الجزء الأول من ثلاثة أجزاء عن ثمانية عشر فيلماً غيَّروا العالم:

1- The Birth of Nation(مولد أمّة) - 1915

يُعتبر هذا الفيلم هو المولد الحقيقي للسينما ، حيث أرسى مُخرجه " ديفيد وورك جريفيث" الدعائم الأساسية لفنٍ كامل ، وأخرج أول فيلماً روائياً طويلاً ، بتقنيَّات جعلته "المُعلّم الأول" بلا مُنافس ، بل أن الأثر السينمائي وصل إلى جانب آخر ، وهو النجاح الكبير الذي حققه عند عرضه ، فبدأ المفهوم التجاري للسينما ، وبداية الصناعة الهوليوودية التي نعرفها اليوم .

ولكن بعيداً عن ذلك ، كان "الأثر" الكبير الذي حققه الفيلم على أرض الواقع ، والذي بدأ سلبياً ، وانتهى بعد ذلك لكي يُصبح داعماً للعمل ضد التعصُّب .

يتناول العمل ، في ثلاث ساعات ، الحرب الأهلية الأمريكية بين الجنوب والشمال ، من خلال أسرتين مُتحابتين ، هُما ستونمان من الشمال ، وكاميرون من الجنوب ، تأثّر عليهما الحرب لدرجة العداء ، خصوصاً مع انضمام الابن الأكبر لعائلة كاميرون لعُصبة كوكلوكس المُناهضة لتحرير السود ، والتي تصفّيهم في الشوارع تحت رايات عرقية .

اعْتُبِرَ الفيلم ، رغم أهميته السينمائية التي لا تُضاهى ، نموذجاً لقدرة السينما على تصدير الكراهية ، وبث روح العنصرية والتعصب ، خصوصاً في أكثر مشاهده شهرة ، والذي يقوم فيه رجل أمريكي أبيض ، بتخليص فتاة من يد زنجي يُريد اغتصابها ، مما نتج عنه ، بعد عرضه مباشرةً ، قيام رجل أبيض بقتل مُراهق أسود بعد مُشاهدته للفيلم ، بل أن عُصبة كوكلوكس قد بدأت في تجميع نفسها من جديد ، واعتمد مؤسسوها على الفيلم لتجنيد الشباب البيض من أجل الانضمام إليها ، مما كان يِنْذر بحربٍ عرقية جديدة .

ورغم ذلك ، فإن إنتاج الفيلم ، في جانبه الإيجابي ، قد أدى لوجود موجة واضحة في الولايات المُتحدة تدعو إلى المُساواة ونبذ العنصرية ، وأدى الهجوم والوَصْم بمخرجه "جريفيث" إلى تقديم فيلمه "التعصُّب" بعدها بعامٍ ، والذي يقدم فيه رؤية مغايرة تنبذ العنف والعنصرية ، قبل أن يقدم عام 1919 فيلم "براعم مكسورة" ، والذي يتناول فيه علاقة حُب تجمع شخصين من عرقين مُختلفين .

رجل أبيض يُنقذ فتاة بيضاء من يد زنجي في فيلم "مولد أمة":
[http://www.youtube.com/watch?v=UYCaob7MDA8&feature=related]

2- Battleship Potmkin (المُدرَّعة بوتمكين) - 1925

إذا كان هُناك فيلماً مُعبراً عن الروح الحقيقي للثورة ، فهو تُحفة سيرجي آيزنشتاين هذه !

العمل الذي أُخْرِج إيماناً وإخلاصاً لمبادئ ومُنطلقات الثورة البلشفية في روسيا عام 1917 ، يتناول حركة تمرُّد لبحارة في المُدرّعة بوتمكين عام 1905 ، احتجاجاً على سوء أوضاعهم ، والتي اعتُبرت أول حركة ثورية حقيقية في أسطول روسيا القيصرية .

مُنِع الفيلم من العرض في العديد من الدول ، خوفاً من المبادئ الثورية التي يُصدّرها ، وكان يُنقل بين المثقفين في أوروبا كمادة ممنوعة ، أدت لانضمام الكثيرين إلى الفكر الشيوعي ، إيماناً بالمبادئ التي يُصدّرها الفيلم ، قبل أن يُصَرّح به بالعرض في فرنسا خلال الستينات ، ويَعتبره البعض أحد الأسباب التي بعثت روح الثورة بداخل الشباب الفرنسي للقيام بثورة مايو 1968 .

وعلى الرغم من اعتبار البعض له عملاً دعائياً للشيوعية ، إلا أن إيمان آيزنشتاين جعل الأمر يتجاوز ذلك ، ويصبح عملاً عن الثورة ، لازال مؤثراً حتى الآن ، رغم مرور ما يقارب الثمانية عقود على إنتاجه .

مشهد "سلالم الأوديسَّا" الثوري من فيلم "المُدرَّعة بوتمكين":
[http://www.youtube.com/watch?v=Ps-v-kZzfec]

3- Triumph of the Will (انتصار الإرادة) - 1934

على عَكس فيلم آيزنشتاين ، ورُبما لاختلاف المبدأ ، يُعتبر هذا الفيلم هو النموذج الأبرز للدعايا التي يُمكن أن تُحققها السينما لأفكارٍ شريرة ، لتُصبح ، وبحسبِ تعبير أحد رموز السينما ، أخطر من السلاح .

يتناول الفيلم التسجيلي ، الذي أخرجته الألمانية " ليني ريفنستال" ، وتدور أحداثه في قرابة الساعتين ، أحداث المؤتمر الشعبي السادس للحزب النازي في مدينة نورنبرج ، ويبدأ مع وصول أدولف هتلر إلى المدينة ، والاحتفالات التي تصاحب ذلك ، مروراً بلقطات توحيد الجهود في ألمانيا حول الرايخ الثالث ، ووصولاً إلى خُطب هِتلر الحماسية ، والطموح النازي الذي يجعله الفيلم أشبة بالحلم قريب المنال .

صنعت ليني ريفنستال ، والتي اعتبرت فيما بعد واحدة من أهم المخرجات في القرن العشرين ، فيلمها بفنية عالية ، واستخدام بارع للمونتاج والموسيقى ، وركزت على بَث روح الحَمَاسة في كلماتِ هتلر ، من خلال زوايا التصوير والقطعات على آلاف من مُستمعيه .

وكان الأثر واضحاً: زاد الفيلم من شعبية هتلر بصورةٍ بالغة ، وخلق صورة أسطورية لبطل ألمانيا الذي لا يُقهر ، وأدى لإجماع حول سياساته بشكلٍ غير مسبوق ، مما جعل المخرج الكبير فرانك كابرا يُعلق على الفيلم في وقتٍ لاحق باعتباره "كان أخطر من إطلاق الرصاص أو إلقاء القنابل ، كان سلاحاً نفسياً عنيفاً ينال من إرادة المُقاومة ، مما جعله فيلماً قاتلاً بحق" .

خُطبة هِتلر في فيلم "انتصار الإرادة":
[http://www.youtube.com/watch?v=nH0Et56Hxt4&feature=related]

4- The Great Dictator (الديكتاتور العظيم) - 1940

على العكس تماماً من الفيلم السابق ، استطاع شارلي شابلن هُنا أن يَنال ، بالسخرية ، من كُل مهابة مُحتملة للزعيم النازي أدولف هتلر !

رُبما لم يَقْصُد شابلن ، يساري التوجُّه ، أن يكون لفيلمه ، الذي صُنِعَ أثناء الحرب العالمية الثانية ، كُل هذا الأثر ، ولكن ما حدث أن كل ما سببه فيلم "انتصار الإرادة" ، من دعايا وصورة أسطورية لهتلر ، قد تم مَحْوه من خلال كوميديا شابلن وسخريته المُفرطة .

قصة الفيلم تدور حول تبادل يحدث بين حلاق يهودي شارك في الحرب العالمية الثانية ، وبين الزعيم النازي هينكل ، ويقوم بكلا الدورين شابلن نفسه ، وفي مشاهده الأكثر كلاسيكية ، يظهر "هينكل" - هتلري الشكل والأسلوب - وهو يقوم بحركاتٍ بهلوانية ، تجعله بالنسبة للمشاهد أقرب لمجنون .

جاء الفيلم مُعبراً عما عاناه اليهود في ألمانيا خلال هذا الوقت ، بالإضافة إلى تعكيره لحالة السلام المزيفة بين الولايات المتحدة وألمانيا ، أما الأثر الأكبر فكان في كسر الصورة الأسطورية لهتلر ، واعتبره قادة عسكريين ، في مرحلة لاحقة ، مؤثراً بشكل مُباشر في معنويات الجنود أثناء الحرب .

شاهد إحدى خُطَب الزعيم النازي هينكل في "الديكتاتور العظيم":
[http://www.youtube.com/watch?v=Z4UhJpviVYg]

5- Bicycle Thieves (سارقو الدراجة) - 1948

بعد انتهاء الحرب العالمية ، وفي ظل بُعد السينما الإيطالية عن حقيقة ما يحدث في روما ، جاء هذا الفيلم ، كأهم الأعمال التي أسست للواقعية الجديدة ، وأدّت لكشف الصورة المُزيَّفة لإيطاليا خلال هذا الوقت .

يتناول المخرج الكبير " فيتوريو دي سيكا" من خلال فيلمه الأعظم ، قصة "أنطونيو ريتشي" ، المواطن الإيطالي المُعدم ، الذي يبحث عن عمل بعد الخراب الذي خلفته الحرب العالمية الثانية ، ويجد أخيراً فرصة للعمل كأجير في إحدى الشركات ، ولكنها تشترط أن يمتلك دراجة ، مما يجعله يرهن أثاث منزله وكل ما يملك لفك رهن دراجته ، ثم ، وفي أول يوم عمل تُسرق الدراجة ، فيذهب في رحلة عبر شوارع روما للبحث عنها .

عكس الفيلم صورة كابوسية لمدينة روما بعد الحرب ، والتناقضات الأخلاقية التي ظهرت في الشعب الإيطالي ، وزاد من هذا الأثر .. إصرار "دي سيكا" على إعطاء الفيلم كُل السمات الواقعية ، حيث تم تصوير مشاهده بالكامل في الشوارع ، وبشخصيات حقيقية وليس ممثلين مُحترفين ، وصار العمل مُلْهِماً للعديد من السينمائيين حول العالم ولعقودٍ طويلة .

وعلى أرض الواقع ، أدّى الفيلم بالحكومة الإيطالية خلال هذا الوقت إلى مناقشة الأزمات التي تناولها الفيلم بشكل مُوسع ، والسعي نحو إيجاد فُرص عمل أكبر لجيوشٍ من العاطلين بعد الحرب ، وتفعيل دور النقابات في حل مشاكل الطبقة العاملة في الشركات الكُبرى .

تتابع النهاية في شوارع روما بفيلم "سارقو الدّراجة":
[http://www.youtube.com/watch?v=C\_lJbSJoIuw&feature=related]

6- On the Waterfront(على رصيف المينا) - 1954

هذا هو أعظم أفلام هوليوود خلال الخمسينات!
هو الفيلم الذي يُعتبر ذورة حقيقية من ذروات السينما الواقعية في أمريكا ، وهو الفيلم الذي حاول مخرجه إليا كازان الدفاع به عن نفسه من تهمة الوشاية بزملائه الشيوعيين خلال الحقبة المكارثية ، وهو الفيلم الذي أكمل أسطورة مارلون براندوومرحلة الأسلوبية الأدائية في التمثيل ، ولكنه ، في هذا الموضوع ، وقبل كل شيء: الفيلم الذي تناول أوضاع الميناء البحرية ، من خلال قصة إضراب حقيقية لعمَّال التفريغ والتحميل ضد رؤساء اتحادهم الفاسدين ، وانتهى بأحد أكثر المشاهد "الثورية" المُلهمة في تاريخ السينما .

تدور أحداث الفيلم حول سيطرة رجال فاسدين على الميناء البحرية في أمريكا ، إلى أن يُقتل أحد العمال بسبب رفضه الانصياع لأحد الاتفاقات ، مما يقود الأمر ، في النهاية ، إلى ثورة حقيقية ، تبدأ بذاتٍ تَعِسَة تنتصر لروحها ، وتنتهي بجميع العُمَّال يرفضون ما انصاعوا إليه .

وعلى الرغم من الحادثة الحقيقية التي استند عليها الفيلم ، فإن تأريخه للإضراب كان مُلْهِمَاً لبقية النقابات العمّالية لأن تُطالب بالتحرر من سيطرة وسطوة رجال الأعمال ، خلال تلك المرحلة المُضطربة في أمريكا ، وتم ، بعدها بعام ، التغيير في القوانين الخاصة بالإنتخابات العُمَّالية ، وتحسين المستوى المعيشي للمُنتمين لها .

شاهد "عصيان" العُمال وانتصار "الثورة" في نهاية فيلم "على رصيف المينا":
[http://www.youtube.com/watch?v=S6VBdu\_ur48]



تعليقات