تقرير "Beyond the Hills": ذكريات الصديقات القدامى

  • مقال
  • 02:44 مساءً - 20 مايو 2012
  • 1 صورة



إلينا وفيوتشا في لقطة من فيلم "Beyond the Hills"

"أحاول القيام بسينما من نوع آخر ، أفلام مُختلفة عن السائد ، مثلاً .. لا أريد أن يكون المُخرج ظاهراً جداً في الفيلم" .. المُخرج الروماني كريستيان مونجيو

بنهاية العقد الأول من الألفية ، بدأ النقاد في اختيار أفضل الأفلام التي أُنتجت في السنواتِ العَشْر ، حِفنة من أعمال هوليوود العَظِيمة تَكَرر اسمها بشكلٍ مُستمر ، ولكن اللافت أكثر من أي شيء .. كان التواجد شبة الدائم للفيلمِ الرّوماني " 4 شهور ، 3 أسابيع ، ويومين" ، الحائز على السعفة الذهبية لمهرجان كان عام 2007 ، في قوائم أفضل 10 أفلام سينمائية لتلك الفترة ، وبالنّسبةِ لي .. كان على رأسها !

شاهَدتُ الفيلم لأولِ مرة ضمن مهرجان القاهرة السينمائي عام 2007 ، كانت النّسخة مَبْتُورة ، حُذِف منها اثنين من أهم مَشاهد الفيلم ، التّرجمة لَم تَكُن جيّدة ، والحُضور كان صاخِباً ، لذلك لَم يُعجبنِ العمل حينها درجة اعتباره أحد أفضل أفلام الألفية ، ولكن البَصْمَة الإخراجية لرجل يُدعى كريستيان مونجيو كانت واضحة ، هُناكَ تَجربة مُختلفة عن أي فيلم آخر .

بعد عدّة أشهر ، شاهدتُ الفيلم من جديد ، بنسخة كاملة ، وفي تِلك المرّة اعتبرته عملاً عظيماً ، و"عِشْت" رحلة أوتيليا وجابيتا لإجراء عملية إجهاض مُحرمة في رومانيا الديكتاتوريّة أثناء عَهد تشاوشيسكو نهاية الثمانينيات ، ومع كل إعادة للفيلم بين فترة وأخرى ، تتعاظم قيمته الفنية ، وتزداد المُعايشة ، لتصبح كاستعادة الذكريات المُقْبِضَة مع الصديقات القُدامى .

"لا أرغب في اللجوء لعناصر خارجية كالمونتاج أو الموسيقى ، لا أرغب في أن أقول للمشاهد متى يتأثر أو لا ، أُريده فقط أن يتوَرّط في التجربة ، تِلك هي السينما بالنسبةِ لي"

يعود مونجيو هذا العام بـ" Beyond the Hills" ، لينافس في نَفس المُسابقة التي مَنحته تكريماً مُستحقاً منذ خمس سنوات وبفيلمٍ يدور أيضاً عن العلاقة بين صديقتين .

إلينا وفيوتشا ، صديقتين نشأتا معاً في دار للأيتام ، قبل أن تُفرّق بينهم السُّبل ، ومع عودة إلينا من ألمانيا ، ورغبتها في إعادة التواصل مع صديقتها القديمة ، تجدها فيوتشا قد تغيَّرت بشكلٍ كامل ، بعد أن أصبحت راهبة ، لتُصبح كل أفكارهم عن الدين ، والمَحَبّة ، والله ، والصّداقة ، وكُل شيء على المَحَك .

الفيلم يحمل نقداً عنيفاً للمؤسسة الدينية في رومانيا ، ليعبر عن رؤية مونجيو اتجاه التعصُّب ، ورفضه أن يؤدي الدّين ، الذي يَقوم بالأساس على المَحَبّة ، بالفُرقةِ بين الناس ، ولكن الأهم من النّقد هو العلاقة الإنسانية نفسها بين الصديقتين ، الذكريات القديمة ، وإحياء ما لم يعد موجوداً .

"هذا الفيلم يتناول التعصب الديني والشعور بالذنب ، ولكنه يتعلق أكثر بالحب ، والخيارات ، وبالامبالاة باعتبارها خطيئة أكبر من عدم التسامح ، وبصعوبة التفريق بين الخَير والشّر في عالم مُعَقّد كالذي نعيشه" .. مونجيو / المؤتمر الصحفي للفيلم / كان 2012

كفيلمه الأول ، وترسيخاً للسينما المختلفة التي يحاول تقديمها ، لا يستخدم مونجيو أي موسيقى تصويرية ، كما أنه يعتمد على اللقطات الطويلة جداً في التصوير ، مما يجعله لا يلجأ للمونتاج إلا نادراً ، تحقيقاً للـ"معايشة" التي يُريد أن يصل إليها بين المُشاهد والفيلم .

ومع عرضه في كان ليلة أمس ، لاقى الفيلم استقبالاً نقدياً جيداً ، لا يوازي حَفاوة فيلمه السابق ، ولكن يُرسّخ لرؤية مُختلفة اتجاه السينما يحملها كريستيان مونجيو ، وتُثبت نجاحها وعُمقها للمرة الثانية .



تعليقات