نجاح الموجي... البلياتشو الباكي

تراه يومياً في الصباح وأنت في طريقك إلى عملك، يشبه بائع الجرائد الذي تصافح عنده جريدتك الصباحية، عامل المقهى الذي تهتف بعد أن تستنشق رائحة قهوته "المجد للكافيين"، صاحب عربية الفول الذي تسكت به صراخ عصافير بطنك الصباحية، ذلك الموظف الذي تتعامل معه في مصلحة حكومية، ابن عمك، أخاك الأكبر، أو خالك، يشبه ملايين المصريين، قلباً وقالباً، لذلك كان فناناً شعبياً، احبه المصريون فقط دون أي مقدمات.
******
- تفهم في السياسة يا واد يا مزيكا؟
- أنا الشعب.
ربما لو لم يمثل الفنان نجاح الموجي سوى هذا المشهد المسرحي في حياته لكفاه، وهو يعطي فيه درساً للنخبة السياسية التي تدير عملية مشوهه الآن للوصل بمصر إلى بر الآمان، حريصين كل الحرص على الإنفصال عن الشعب المصري وإحتياجاته.
الفنان نجاح الموجي حالة فنية خاصة، لم تنل التقدير الكافي حتى الأن كما اعتادت مصر على أن تبخس أبنائها الحقيقيين حقوقهم، فهذا البلياتشو الباكي، القادر على أن يضك المشاهد ويبكيه في مشهد واحد ولحظة واحدة، قدم العديد من الأعمال الخالدة مثل شوارع من نار، المساطيل، التحويلة، أيام الغضب، أضحك وابكي وغنى ورقص، صال وجال على المسرح وعلى شاشة السينما وعلى شاشة التليفزيون، لم يقدم دور بطولة واحد في تاريخه لكنه كان بطلاً في كل أدواره.

******
إتفضل من غير مطرود
و اياك تتجنن و تعود
دا الداخل عندنا مفقود
و الخارج من هنا مولود
سلملنا بقى ع التروماي
لو لم يغني نجاح الموجي غير هذا "الكوبليه" لكفاه، حيث يصف الحال في مصر الآن بحكمة بالغة.
قدرة نجاح الموجي على الغناء مدهشة لكل متابعيه، حيث غنى المنولوج وغنى العديد من الأغاني التي تحمل رسائل إجتماعية عميقة، ولكن تبقى أغنيته في فيلم شوارع من نار، كمثال حي للأغنية الكوميدية قوية التأثير، التي يندر تكرارها في الوسط الغنائي الفني في مصر.
والتي تقول كلماتها "حكورة حكالنا حكاية حتقلب حالنا حوشونا حرام، خدوجه خليفة خطبها خليل ابن اخت خفاجه امام ،والمهر بحتة نتفة ستة سبعه تمانية تمام ،وبنسأل صالح فالح قال بصراحه انا معرفهمش، ودا سي شولح شم شبانة شبنر شد شنب شعبان شوالي شمر شمروخ شريف شعيلة شريد شنوان شافهم شمعون شرفنطح ابن شفيقة شندي شومان، بنسأل صالح فالح قال بصراحه انا معرفهمش و الست سكينة الساكنة في السكانيني سرقها سليم، وجليلة جارتنا جابوها جماعه جبابرة حالتها جيم، وشافونا ساعتها ساعتها ساعتها ساقونا سليم وبنسأل صالح فالح قال بصراحه انا معرفهمش "

[http://www.youtube.com/watch?v=KfztVyeZsoY]
******
نجاح الموجي الذي حصل على جائزته الوحيدة من مهرجان دمشق الدولي عن دوره في فيلم ايام الغضب، رحل بأزمة قلبية، ولكنه بقى بموهبة أصيلة تركت اثارها العميقة في ثقافتنا كمصريين، لدرجة أننا نردد الكثير من اقواله حتى الآن دون أن يعلم معظمنا أنها له.