عن الإساءة والرد

  • مقال
  • 08:59 مساءً - 15 سبتمبر 2012
  • 1 صورة



المخرج الإيراني مجيد مجيدي

بالطول بالعرض هنجيب أمريكا الأرض، إلا رسول الله، دعوات لمسيرات حاشدة أمام السفارة الأمريكية، أقباط يستنكرون الفيلم المسيء للرسول، قتل السفير الأمريكي في لبيبا وثلاثة من معاونيه على يد مسلمون ثائرون بسبب الفيلم المسيء!!

هبوا لنصرة الإسلام، قاطعوا المنتجات الأمريكية، صفحات مصورة لشرح كيفية حذف الفيديو المسيئ من على موقع اليوتيوب! كابول وأفغانستان تحجبان موقع يوتيوب لمنع مشاهدة الفيلم المسيء، يا فرحتي!

كم من مرة استعملنا هذه الخدع من قبل، كم من مرة قاطعنا؟ وكم من مرة نجحت مقاطعتنا في فعل تأثير ما؟ ولماذا تنتابنا هذه الهوجة الغريبة كلما قام أحدهم بفعل مماثل، وما الضرر في أن نفكر ولو لمرة واحدة في التحرك بشكل مختلف، جميعها اسئلة مشروعة ترافق ردود أفعالنا في كل مرة يظهر فيها فيلم مماثل.

لكن يبقي الشيء الوحيد المؤكد في الأمر هو أن الكره عندما يقابل بالكره لن يزيد الأمر إلا سوءً، لذا كان من الأولي بنا التفكير في حلول أكثر فعالية، وأن لم نفعل، فعلينا ترك أمر الرسول فله رَبٌّ يحميه "وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ".

لما لا نفكر مرة مثلاً في تصدير الصورة الحسنة عن الإسلام والمسلمين من خلال فيلم كأفلامهم هذه، يتبني وجهة نظرنا نحن في الرسول والإسلام، ولما ننتظر دائماً الفعل حتي نأخذ رد الفعل، والذي عادةً ما يكون غير صائب.

أوجه سؤالي تحديداً لمن انتقد تجسيد عمربن الخطاب في مسلسل تليفزيوني لأن مخرجه حاتم علي حاول نقل حقبة مهمة من تاريخ الإسلام بوجهة نظر عربية إسلامية خالصة. واحب فقط أن أطمئنهم إلي أن أفلام أكثر سيتم صناعتها، منها المسئ ومنها غير المسيء، فعلي سبيل المثال لا الحصر يتم حالياً في هوليوود التحضير لثلاث أعمال فنية تتناول رسل وأنبياء، فيلم منهم يتم تصويره حالياً ويتناول سيرة نبي الله نوح للمخرج دارين أرنوفسكي، بينما يتناول الفيلمين الأخرين حياة سيدنا موسي عليه السلام، أحدهما للمخرج الكبير ستيفن سبيلبرج والأخر للمخرج ريدلي سكوت.

هذا بجانب أنه في الفترة القليلة المُقبلة تنتظر السينمات الفيلم الإيراني "مُحمد" والذي يُعد أول عمل فني يتم فيه تجسيد رسولنا الكريم بشكل مباشر على الشاشة، ويتناول المخرج الكبير مجيد مجيدي في الفيلم الفترة التي سبقت ظهور الرسول، والأسباب والظروف التي دفعت بنزول الوحي على الرسول الكريم، ورغم تصريحات المخرج الكبير الذي حصد من الجوائز العالمية الكثير، بأنه سيحاول نقل صورة سيدنا مُحمد بالفيلم باعتباره رمزاً للأخلاق والقيم الروحية الحميدة، إلا أن هجوم ضاري شُن على مجيد مجيدي منذ إعلانه عن نيته إخراج الفيلم، وهو نفس الهجوم تقريباً الذي يحصده أغلب من يفكرون في تجسيد شخصيات ذات قُدسية معينة في التاريخ الإسلامي، وهو ما يجعلنا نتساءل هنا لم لا نترك مرة الطريق مفتوح أمام المبدعين ليردوا بالرد المناسب على مثل هذه النوعية من الأفلام، والتي لا ترتقي في حقيقة الأمر لان يُطلق عليها اسم فيلم أو عمل فني.

هل لأن الشخصية ستنطبع في ذهن المشاهد بملامح الممثل الذي قام بتجسيدها، أو لأن الممثل الذي جسد الشخصية قد يلعب أدوار أخري تسيء للشخصية ذات القدسية، أو لأن تجسيد الرسول أو الصحابي الجليل في عمل فني قد يعرضه لموضع نقد أو تجريح، هكذا يقول من يرفضون، لا أراها في الحقيقة أسباب مُقنعة، اتفهم أن نرفض عمل مسيء، لكن عمل فني يتناول تاريخنا وتراثنا الإسلامي بشكل فني جيد لا أفهمه، لكن في النهاية إذا أردتم إقناع نفسكم بأسبابكم هذه فليكن، لكن عليكم في المُقابل الكف عن الندب والشجب والإساءة للإسلام لمجرد أن عمل فني حمل وجهة نظر مخالفة أو على غير ما تحبون.



تعليقات