إلى جيسي وسيلين... كونا بخير

  • مقال
  • 03:11 مساءً - 13 يونيو 2013
  • 3 صور



صورة 1 / 3:
ليلة في فيينا
صورة 2 / 3:
في فرنسا
صورة 3 / 3:
جيسي وسيلين

قد تشعر أحياناً برغبة في إعادة مشاهدة فيلم أو مسلسل ما، هو حنين ربما لمشاهد تُذكرك بموقف أو حادثة مُعينة عايشتها أثناء مُشاهدتك لهذا الفيلم أو ذاك، أو معايشة استمتاع اختبرته من قبل.

ويرتبط الحنين في أذهاننا على اﻷغلب بالوجع، إلا أن حنينك لمُشاهدة فيلم أو مشهد ما يغلُب عليه في كثير من اﻷحيان شعور بالبهجة، أنا مثلاً أُحب الاستماع إلى صديقي وهو يتحدث عن فيلم Once Upon a Time in America، وعن تلك المعايشة التي يشعر بها مع كل مرة يُشاهد فيها الفيلم، فأحداث الفيلم تصل لأربع ساعات تقريباً، تحكي عن 50 عاماً من حياة أبطاله، 50 عاماً يمكن وصفها بالتعبير الدارج "عُمر".

فكرة المعايشة هذه مُعقدة بعض الشيء، قد تدرك مدى تعقيدها عندما تعلم أن أكثر تقنيات السينما حداثة هذه الأيام، موجودة بالأساس لتجعل المُشاهد يُعايش الفيلم وأحداثه، ويشعر وهو على كرسيه أمام شاشة العرض أنه في قلب الحدث ومتورط فيه بشكل كبير، ولاشك أن هذه التقنيات قد تصلك بشعور المعايشة، لكن الشيء اﻷكثر أهمية منها في الواقع هو طريقة الحكي.

الحكي هو الأساس، هو الأصل في الأشياء، فعندما يكون الحكي صادقاً ستجد نفسك متورط بشكل لا إرادي مع ما تُشاهد أو تسمع، ويأتي بجانب الحكي البراعة في رسم الشخصيات على الورق ومن بعده على الشاشة، وهنا اتذكر صديقي وهو يقول أنه مع اقتراب الفيلم من نهايته يبدأ في الشعور بأنه أصبح جزءً مما يراه وأنه قد يتوقع بسهولة ردود أفعال الشخصيات أمامه، وربما تجلس معه ليُحدثك بالساعات عن "نودلز" ورفاقه دون أن تشعر بالملل، أنت، الذي ربما لم تحظ بفرصة مشاهدة الفيلم بعد.

لا أدرك تحديداً لما بدأت بهذه المُقدمة، ربما كي أصل معك في النهاية أن هُناك نوعية من اﻷفلام، تشعر من فرط تورطك فيها ومعايشتك لها وﻷبطالها أنك أصبحت قريباً جداً من شخوص الحكاية، وأنك قد تعتبرهم أصدقائك، خاصةً عندما يتعلق اﻷمر بـ 18 عام من عمرك، صحيح أن المثل الدارج يقول "تعرف فُلان.. أعرفه.." لكني اعتقد أن 18 عاماً تعطيني الحق الكامل في أن أصف جيسي وسيلين بصديقيي.

تبدأ الحكاية عندما تعرفت على اﻷثنين مُنذ زمن بعيد على متن قطار يتجه إلى فيينا " Before Sunrise"، سائح وطالبة غريبان تماماً عن بعضهما البعض، وما قد لا يعرفه البعض أنه وأن كانت اﻷجساد والوجوه لم تلتق من قبل، إلا أن اﻷمر مختلف تماماً على مستوى الروح، فكما غنت ألمظ لعبده الحامولي "روحي وروحك حبايب من قبل دا العالم والله"، قد تجد نفسك فجأة يا عزيزي واقعاً تحت تأثير شخص تقابله للمرة اﻷولى في حياتك، لكنك تشعر في داخلك أنك تعرفه مُنذ سنين بعيدة، لا تفزع ولا تتفاجأ فربما تكون أرواحكم قد التقت في أزمان مضت، أو عوالم أخرى. نعود مرة أخرى لسيلين وجيسي اللذين شعرا بانجذاب غريب إلي بعضهما البعض، تحدثا وضحكا، اختلفا واقتربا، وأمضيا الليلة سوياً، وقبل أن يطلع الصباح تواعدا على اللقاء مُجدداً، لكنهما لم يُحافظا على الوعد، ليس بالشئ المُهم على أية حال، فالقدر يحكم اللعبة دائماً... التقيتهما مرة ثانية، هذه المرة في فرنسا " Before Sunset"، بعد تسعة أعوام تقريباً، أصبحا اﻵن أكثر نُضجاً، لكن اﻷمر لم يتعد أيضاً بضع أحاديث وضحكات وحنين، حنين لرؤي مر عليها 9 سنوات.

كنت أخاف ألا أقابلهما ثانيةً، إلا أن شعور بالوحشة والافتقاد بدأ يتنامي مع إعلان صُناع الفيلم عن نيتهم لإنتاج الجزء الثالث " Before Midnight"، هــه أخيراً... وبعدما شاهدت تريلر الفيلم وأفيشه زاد الشعور بالوحشة، أردت أن أعرف أخبارهما، وما الجديد في حياتهما، أردت أن القي عليهما التحية، تحية تليق بصديقين غائبين مُنذ 9 سنوات.

لا أدري حقيقةً إذا ما كان أحداً أخر يشعر أن جيسي وسيلين صديقيه مثلما أشعر، إلا أنني أكيدة من أن كثيرون يشعرون بنفس حماسي لرؤية الفيلم الجديد، أو دعنا نقول الفصل الجديد من حياتهما، معرفة ما سيحدث معهما هذه المرة، وهل سيلتقيان يتحدثان ويتنقاشان ويصطحبانا معهما في رحلة من الحوارات والمناقشات عن الفلسفة، الحب، العُمر، الحياة والنفس البشرية مرة جديدة، أم أن جديد سيتناوله هذا الفيلم، هل سيتزوجان! هل سيقرران أن"فليذهب العالم إلى الجحيم" هذه المرة ويُقررا البقاء سوياً رغم كل شئ! أما أنهما سيستسلمان للقدر والظروف واﻷشياء الكثيرة التي تحكم وتتحكم في حياتنا دائماً وابداً.

ربما يجد البعض أنني أُبالغ بعض الشئ في كتابتي إلى جيسي وسيلين، وليكن، لا يهم في الحقيقة، أردت فقط أن أقول أنني أُريد لهما الخير، أُريدهما أن يكونا معاً فبعد 18 عام من لقائهما اﻷول أرغب حقاً في أن يكونا بخير، وألا يجرى سياق هذا الفصل من حياتهما كما الفصلين السابقين، وإن كنت لا أنكر استمتاعي بذلك فيما مضى، لكني ومع ذلك أرغب في أن يصل كلاً منهما إلى مرساته الأخيرة، أيقن أنهما إذا لم يفعلا ذلك هذه المرة، فأنهما لن يفعلاها ثانية أبداً! اخشى حقاً أن يُضيعا على أنفسهما الفرصة هذه المرة أيضاً، أُريد أن أطمئن عليكما يا صديقيي، فرجاءً كونا بخير.



تعليقات