Man Of Steel: سوبرمان من جديد

  • مقال
  • 01:58 مساءً - 19 يونيو 2013
  • 1 صورة



سوبرمان من جديد

في أحد مشاهد Kill Bill Vol.2 يوصّف " كوينتين تارانتينو" التفصيلة الأهم في سوبرمان. الأبطال الخارقين هم أشخاص عاديين، لهم أسماء، وعائلات، ووظائف... والجانب الخارق منهم هو القناع الذي يتنكرون فيه، وهو التغير الطارئ عليهم. أمّا سوبرمان، فهو الخارق الذي يتنكر في صورة إنسان عادي يشبه أهل الأرض (كلارك كينت). جميعهم بشرٌ تحولوا إلى خارقين، وهو خارق تحوّل إلى بشريّ. ربما تكون هذه التفصيلة الأساسيّة للحكاية التي اشترك في كتابتها " كريس نولان"، و" دافيد جوير"، والتي كتب الثاني نصّها السينمائي.
لا يمكننا الحديث الآن عن الأبطال الخارقين بمعزل عن التأثير الذي أحدثته ثلاثية " الرجل الوطواط" لـ "نولان"، والتي كتب قصصها أيضًا مع "جوير". تهتم هذه الثلاثيّة باعطاء أبعاد جديدة لشخصيّة "باتمان"، وتعميق تجربة البطل الخارق وتفاعله مع المجتمع، بحيث لم تعد الحكاية في رجلٍ يطير ويطيح بالأشرار، وهذا هو ما حدث بدرجة ما مع سوبرمان في هذا الفيلم. فعندما بدأت رغبة شركة وانر برازرز في إنتاج هذا الفيلم، كان يجب أن يقدّم عرضًا جديدًا للشخصية التي تم تقديمها سابقًا في أربعة أفلام بين 1978 إلى 1987، وقُدمت لاحقًا في فيلم بعنوان عودة سوبرمان عام 2006. كان لابد أن يحمل هذا الفيلم الذي أخرجه زاك سنايدر ملامِحًا جديدة للشخصية، وهذا ما حاول صانعو الفيلم إنجازه.
يهتم فيلم Man Of Steel بالفترة الأولى من حياة "كلارك كينت"، حيث يكتشف اختلافه عمّن حوله، لكنه لا يفهم هذا الاختلاف.. يعرف أنه يفوقهم قوّة بشكل خارق، ويعرف أنّه ليس منهم، لكنه لا يعرف من هو. إلى أن يكتشف في النهاية حقيقة سوبرمان.تبدأ أحداث الفيلم -كما بدأت أحداث الجزء الأول 1978- بالأيام الأخيرة في عُمر كوكب كريبتون، الذي تَقدّم بصورة مذهلة، وكانت له الكثير من المستعمرات في المجرات المختلفة، لكنه استنفذ موارد الطاقة، وبات على وشك الانهيار. هنا يحاول الجنرال زود ( مايكل شانون) القيام بانقلاب عسكري، لكنه يفشل ويتم نفيه في منطقة الأشباح.. أمّا جور-إل والد سوبرمان ( راسل كرو) فيرى أن انهيار هذه الحضارة كان حتميًا، وأن احتمالات الحياة على هذا الكوكب قد انتهت. لقد قتلهم التطور المذهل الذي وصلوا إليه، بحيث لم تعد هناك عمليات إنجاب طبيعيّة، وتحوّل الأمر إلى عمليات تلقيح صناعيّة، لإنتاج أجيال جديدة ذات مواصفات معينة، بحيث يتم تحدد سلفًا المسار الذي سوف تأخذه حياة كل جنين دون اختيار منه. لكن أمل جور-إل لا ينقطع، وينجب طفله كال-إل بشكل طبيعي، ويسرق سجل المواليد المستقبليين للكوكب، ويزرعه في جسد طفله، الذي يرسله في سفينة فضائيّة إلى كوكب الأرض.
يصل الطفل إلى الأرض، ويجده زوجان أمريكيان ( كيفين كوستنرو ديان لاين)، ويقرران تربيته، ويبدأ الطفل كلارك كينت حياته، لكنّه يدرك أنه قواه تختلف عن الآخرين، وأنه لا ينتمي إليهم. لكن والده الأرضي جوناثان كينت، يطلب منه ألاّ يظهر قواه الحقيقيّة للناس، وأن يبقي الأمر سرًا، لأن الناس تخشى ما لا تعرفه. ويخبره كيف وجده ذات ليلة في مركبة غريبة، وكيف وجد معه قطعة معدنية لا تنتمي إلى معادن الأرض. يخبره أنه قادم من فضاء بعيد، وأنّه يؤمن بأن دوره سيأتي في يومٍ ما ليغيّر هذه الأرض، ولكن حتى ذلك اليوم، يجب أن يحتمل، وألاّ تظهر قواه واختلافه عمّن حوله تحت أي ظرف، وفي النهاية يموت الأب في أحد الأعاصير التي تهاجم الولاية، بعد أن انكسر كاحله، ولم يعد يقدر على الجري، ويشير إلى كلارك بأن لا يأتي إلى مساعدته لأن موعد ظهور قوته، لم يحن بعد.
يخرج الفتى باحثًا عن أصله، يعمل في البحر مرة، وفي حانة محليّة مرة أخرى، يخفي اختلافه عن الناس، ويحاول أن يساعدهم عندما تسمح الظروف. وفي أحد المواقع الكشفيّة التي يعمل بها، يتم العثور على مركبة غريبة، وتظهر الصحفيّة لويس لاين ( إيمي آدامز) لكتابة موضوع حول هذا الجسم. وفي هذه السفينة الفضائيّة يكتشف كلارك كينت أصله، يكتشف أنه كائن فضائيّ، ويظهر له شبح والده يخبره عن كريبتون، ويخبره عن الأمل الذي يتمثل فيه، ويخبره عن الدور الذي أراده له أن يلعبه، في أن ينقذ حضارتهم الزائلة. وأنه أراد له أن يعيش بين أهل الأرض حتى يأتي الوقت الذي يحين فيه دوره.
بعد أيام يظهر في أحد المراصد الفلكيّة جسم غريب حيث يهاجم الأرض الجنرال زود ومجموعته، بعد أن تلقوا إشارة أطلقتها مركبة الفضاء القديمة عندما دخلها سوبرمان. ويظهر أنهم قد تحرروا من سجنهم عقب انفجار كريبتون، وهاجموا الأرض يبحثون عن ابن كال-إل ليحصلوا على سجل المواليد، ويعيدوا بناء حضارتهم بعد القضاء على سكان الأرض، وإعادة هندستها لتشبه كريبتون. ويطالبون أهل الأرض بتسليم سوبرمان الذي يشبههم، لكنه ليس منهم. ويجد البطل نفسه في خيار صعب بين أن يثق في الفضائيين اللذين وعدوا بعدم الهجوم في حال ظهور كال-إل، وبين أهل الأرض الذين يخافوا ما لا يعرفوه. يدرك كلارك كينت أن موعد ظهوره قد حان، ويكتشف إن والده قد أعده لهذا الموقف، وأنه حرص على أن يولد بشكل طبيعي حتى يمتلك القدرة على الاختيار، وأن يساعد أهل الأرض، ويكون حلقه الوصل بينهم وبين شعب كريبتون الذي يحمل سجل مواليدهم في خلاياه، ويكون نقطة تعايش بين الشعبين، ويواجه خطة زود في إحياء حضارة كوكبه على أنقاض الأرض، وهنا يبدأ الصراع بينهما.
الفيلم في كثير من مشاهدة كان إعادة صياغة لمشاهد الجزء الأول، بتفاصيل جديدة وأحداث جديدة، ومخالفة. مثل اللقاء الأول بين سوبرمان وأبيه الحقيقيّ. كما أعاد تفاصيل خلق العلاقة بين كلارك ولويس، حيث تعرف منذ البداية أن كلارك كينت هو ذاته سوبرمان، وهذا يختلف عن الحكاية القديمة حيث يعمل كلٌ منهما في ذات المجلة (دايلي بلانت) دون أن تعرف حقيقة شخصيته. مشاهد موت والد كلارك، وغيرهم.
يعيب الفيلم هُنا بعض التفاصيل غير المنطقيّة مثل عمل البطل في الموقع البحثي الذي توجد فيه سفينة الفضاء، والمشهد الذي تتبعه فيه الصحفيّة إلى داخلها. وقد اجتهد جوير في إعطاء بطله أبعادًا إنسانيّة ذات عمق، وتناول جديد لشخصيّة سوبرمان، لكن هذه التفاصيل تأثر وضوحها بعد ذلك في النصف الثاني من الفيلم بسبب تسارع الأحداث، ومشاهد القتال والانفجار. وهذا العيب الذي ظهر إلى درجة ما في فيلم نولان "فارس الظلام"، نجده في فيلم سنايدر بدرجة أعنف.
الفيلم يضم عددًا كبيرًا من الأسماء اللامعة، وهو ما يشكل قوة جذب جماهيري، ولكن حرص صانعوه على اختيار وجه غير مألوف للعب دور البطولة الذي أدّاه الشاب هنري كافيل، وقد نجح في أداء الدور الذي لعبه كريستوفر ريف على طول عقد من الزمن.
الفيلم تجربة تستحق المشاهدة لمحبي أفلام الأبطال الخارقين، وهو على درجة كبيرة من الإمتاع، ولكنها لن تشبع النوستالجيا التي يكنها البعض لشخصية سوبرمان بسبب الاختلافات الكثيرة عن الحكاية الأصليّة، ولكن ربما يعجب البعض بمحاولة التناول الجديد، والفيلم مصنوع بحيث يُتبع بأجزاء أخرى، لن تتوقف المقارنة بينها وبين السلسلة القديمة.



تعليقات