Giraffada:انتصار طفولى على عبثية الاحتلال والجدار‎

  • مقال
  • 02:16 مساءً - 29 نوفمبر 2013
  • 1 صورة



أفيش فيلم جيرافادا

بالأمس تم عرض الفيلم الفلسطينى جيرافادا, ضمن فعاليات الدورة السادسة من بانوراما الفيلم الأوروبى. تبع الفيلم ندوة نقاشية لمخرجه رانى مصالحة و الممثل الفلسطينى المخضرم محمد بكرى.

جيرافادا (الذى يجمع اسمه بين جيراف اى زرافة و انتفاضة) يكشف الحياة فى الضفة الغربية التى لا نراها إلا من خلال الأنباء أثناء المشاحنات, القصف أو دورة جديدة من دورات المفاوضات. و لكن كيف هى الحياة فعلاً فى الضفة بالنسبة للبشر هناك؟ كيف هى الحياة فى أرض محتلة؟ كيف يعيش البشر فى بلد يحيطها جدار يفوق طوله عن ثلاثة عشرة أمتار؟ كيف هو البقاء على قيد الحياة فى ظروف كهذة؟

الفلسطينى رانى مصالحة يختار حادثة حقيقية ليبنى عليها فيلمه الروائى الأول. ففى عام 2002 يقصف الجيش الإسرائيلى الضفة الغربية رداً على العمليات الفدائية التى هزت إسرائيل فيما اسماه الجيش الإسرائيلى بعملية الدرع الواقى، أثناء القصف, ماتت زرافى بحديقة الحيوان الوحيدة بالضفة في قرية قلقيلية.

يبنى مصالحة فيلمه الجميل حول هذة الواقعة و يضيف إليها من خياله ما يجعلها ساحرة، ياسين هو الطيب البيطرى بحديقة حيوان قلقيلية ويعيش مع ابنه زياد الذى توفيت امه اثناء ولادته، زياد مرتبط بالطبيعة و الحيوانات فى الحديقة بشكل عام ولكن تربطه علاقة خاصة بالزرافتان براونى وريتا، فى إحدى غارات الدرع الواقى يموت براونى وترفض ريتا الأكل من بعد فقدان خليلها. فى محاولة لاستعطاف الله يُضرب زياد عن الطعام حتى تأكل ريتا (اسمها يذكرك بقصائد محمود درويش)، يعيش الأب معاناة ابنه ويقرر تحقيق المعجزة فى الاتيان بذكر زراف إلى ريتا من حديقة حيوان بتل أبيب.

احب رانى مصالحة قصة الزرافات من اللحظة التى عرف بها بالواقعة، فما انسب الزرافة التى ترى الناس من أعلى و تملك رؤية بانورامية لحياتنا نحن البشر الناظرين تحت أقدامنا, و ما أنسبها أيضاً بهذة الرقبة الطويلة الساحرة فى ابراز سور هذا الجدار العازل الذى لا تسطيع حتى الزرافة أن تعبره بنظرها. عن طريق هذة الزرافة وعلاقتها بالطفل صاحب العلاقة الخاصة مع الطبيعة وحيواناتها والله وعلاقة الأب و الابن ندرك بعدان فى حياة أهل الضفة الأول هو ماهية الجدار و الثانى هو عبقرية البشر فى تجاوز المأساة فى مقابل الحياة.

امضى رانى مصالحة أكثر من سنة يعيد كتابة السيناريو الذى كتبه صديقه الفرنسى نيمو. استطاع بكاميرته أن ينقل جمال الضفة الغربية واسرها بالجدار القبيح، صور رانى فيلمه بالضفة ليضيف إلى الأفلام الفلسطينية القليلة المصورة بفلسطين فعلاً. استطاع هذا المخرج الاتيان بمشاهد نقط التفتيش من الواقع عن طريق اقناع الجنود أن هذا فيلم وثائقى عن الجيش الإسرائيلى.

عن طريق طفل وحىوان, تحدى قوى لأى مخرج, استطاع رانى بمساعدة الممثل صالح بكرى ووالده محمد بكرى فى أن يقترب من جمال السيناريو الرائع على الورق بل وتعداه فى بعض من المشاهد ليصل إلى مشاهد بها من التأثر ما اقترب من ابكائى, اذكر منهم إثنان. مشهد عودة زياد بعد هروبه الذى أدرك به أن الله لا يصنع المعجزات, يدخل محمد بكرى بالطفل إلى أباه المتأرق فيرى صالح بكري ابنه الذى لايزال غاضباً من موت زرافته ونرى رد فعل الأب السعيد بعودة ابنه و لكنه بائس من تعاسته التى لا يمل تغييرها. تعبيرات صالح يكرى التى تقترب من البكاء و لكنها اقرب الى عصرة القلب الذى يشعر بها أب لا يستطيع تحقيق السعادة لابنه.

المشهد الثانى هو عندما يعترف الطفل زياد إلى ريتا فى ظل استماع الأب انه قد خرق وعد اضرابه عن الطعام بالأكل مع ابيه و صديقته الصحفية، اعتراف الطفل للزرافة بأنه اخل باتفاق عدم الأكل إلى ان أكلت هى يدل على سيناريو كتبه فنان ذو مشاعر و مخيلة تستحق التقدير.

يقول محمد بكرى فى الندوة التى تبعت الفيلم أن السيناريو يحمل من الإنسانية ما مسه شخصياًٍ فقبل تأدية الدور الصغير، ويضيف أن جمال السيناريو اصب طاقم العمل بـ"عدوى روحانية" أثناء تصوير الفيلم عدوى تصيب المشاهد أيضاً.



تعليقات