ميمي شكيب.. حياة صاخبة ونهاية مأساوية

  • مقال
  • 12:34 مساءً - 20 مايو 2014
  • 11 صورة



صورة 1 / 11:
كانت نهايتها مأساوية
صورة 2 / 11:
دويتو في الحياة والسينما
صورة 3 / 11:
مع ماري منيب
صورة 4 / 11:
مع ليلى مراد
صورة 5 / 11:
مع يوسف وهبي
صورة 6 / 11:
مع أحمد مظهر في طريق الأمل
صورة 7 / 11:
مع فاتن حمامة
صورة 8 / 11:
تألقت في أدوار الشر
صورة 9 / 11:
من فيلم رجل في المصيدة
صورة 10 / 11:
في شبابها
صورة 11 / 11:
ميمي شكيب.. حياة صاخبة ونهاية مأساوية

ضحكتها العالية الرنانة ذات الصوت المميز سواء في أفلامها السينمائية أو على المسرح، كانت خير معبر عن حياة صاخبة عاشتها الفنانة ميمي شكيب، ولأن النهاية تكون -أحيانا- نتاجًا طبيعيًا للطريقة التي عاش بها الإنسان حياته، جاءت نهاية ميمي شكيب صارخة ومدوية أيضا.
محطات كثيرة عاشتها ميمى شكيب شكلت مشوار حياة طويل، من القصور والسرايات التي قضت طفولتها بها، حتى شرفة منزلها فى وسط البلد التى اُلقيت منها، وفى ذكرى وفاتها نسترجع الملامح الأبرز لهذا المشوار.

تربية سرايات
ولدت أمينة شكيب لعائلة كبيرة وثرية، تعود لأصول شركسية، فكان والدها مأمورًا لقسم بوليس حلوان، وجدها ضابطًا بالجيش في عهد الخديوي إسماعيل، أما والدتها فكانت سيدة آرستقراطية تتقن العديد من اللغات منها التركية، الإيطالية، اليونانية والألمانية، وكانت لها شقيقة واحدة تكبرها بأربع سنوات هي زينب أو الفنانة زوزو شكيب.

عاشت أمينة في القصور والسرايات، وتلقت تعليمها بمدرسة العائلة المقدسة، وعلى الرغم من أنها لم تكن متفوقة في دراستها، إلا أنها استطاعت إتقان اللغتين الفرنسية والإسبانية، وكانت منذ طفولتها تتميز بالشقاوة والخفة والدلع.
وعلى الرغم من الحياة المرفهة التي عاشتها أمينة، إلا أنها لم تشعر بالسعادة بسبب معاملة والدها المتشددة، فكان يمنعها وأختها من الخروج للمنزل، إلا من أجل الذهاب للمدرسة فقط.

شلل مؤقت
استمرت حياة أمينة شكيب هادئة ومستقرة، حتى انقلبت حياتها رأسا على عقب بعد وفاة والدها بشكل مفاجىء، ولم تكن قد أكملت الثانية عشر من عمرها، ودخلت والدتها في صراع عنيف مع أسرة الزوج على الميراث، حيث طلبوا منها تسليم الشقيقتين أمينة وزينب، لكي يتولوا مسئوليتهم، وهو ما رفضته الأم بشكل قاطع، فتم حرمانهم من الميراث، واضطرت الأم للنزول للعمل، حتى تتمكن من الإنفاق على ابنتيها.

في تلك الأثناء، تقدم أحد الأثرياء -وكان ابن شقيقة إسماعيل باشا صدقي رئيس الوزراء- للزواج من أمينة، وعلى الرغم من أنه يكبرها بنحو عشرين عامًا، إلا أنها وافقت على الزواج منه، وكانت سعيدة بتلك الزيجة، طنًا منها أنها ستعيش حياتها بحرية وانطلاق، وتتمكن بسهولة من الذهاب للسينما، وهو الأمر الذي كان يرفضه والدها بشكل قاطع، إلا أنها فوجئت بأن زوجها أكثر تزمتًا من والدها، حيث منعها من الخروج بشكل نهائي، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، فبعد ثلاثة أشهر من الزواج، تزوج من امرأة آخرى، وتركها في المنزل وحيدة، وحاملًا في طفلها الأول، فلم تتحمل هذه الصدمة، وأصيبت بحالة من الشلل المؤقت، ونُقلت لمنزل والدتها لتلقي العلاج، وبعد شفائها طلبت الطلاق من زوجها، حتى قبل أن تضع طفلها الأول، وعلى الرغم من رفضه في البداية، إلا أنه مع إصرارها على الانفصال، لم يجد حلًا سوى تنفيذ طلبها.

نجيب الريحاني
بعد الانفصال، قررت أمينة أن تتمرد على نمط حياتها السابقة، وتعيش بحرية دون قيود، وفكرت في العمل بالفن، خاصة أنها تعشقه منذ طفولتها، فراحت تتجول بين الاستديوهات والمراكز الثقافية، حتى وجدت فرصتها الأولى من خلال جماعة أنصار التمثيل والسينما، فانضمت لها وتدربت فيها لفترة، ثم أسست فرقة تمثيلية خاصة بها، وعمل معها عدة فنانين مثل زكي رستم و أحمد علام، وقدمت أول رواية لها من خلال الفرقة وهى "فيوليت"، وعلى الرغم من عدم نجاح الرواية، إلا أنها لم تفقد الأمل، فذهبت مع شقيقتها إلى نجيب الريحاني، فضمهما لفرقته.
كان الريحاني صاحب الفضل الأكبر على ميمي شكيب، ففي حوار قديم لها قالت أنه علمها كيف تنطق الكلمات، كيف تحفظ أدوارها، كيف تستطيع مواجهة الجمهور على خشبة المسرح، وفي خلال فترة قصيرة أصبحت ميمي شكيب بطلة الفرقة، وقدمت عدة مسرحيات منها حكم قراقوش وقسمتي، أما أهم مسرحياتها التي قدمتها مع الفرقة فكانت الدلوعة، وحققت من خلالها نجاحًا كبيرًا، لذا، أُطلق عليها دلوعة المسرح.

سهر وانطلاق
كان الدور الذي جسدته ميمي شكيب من خلال مسرحية الدلوعة، لفتاة مدللة منطلقة تعودت أن يكون الكل رهن إشارتها، وربما كانت تلك شخصيتها في الواقع بعيدًا عن التمثيل، حيث عاشت حياتها بالطول والعرض كما يقال، فكانت تعشق السهر، تهوى الرقص، لا تشعر بالسعادة إلا وهى محاطة بالمعجبين والمريدين والأثرياء، لذا، دخلت في أكثر من علاقة عاطفية منهم أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكي، الذي أعجب بها عندما شاهدها في مسرح الريحاني، وتعددت اللقاءات بينهما، ولكن لم تستمر تلك العلاقة كثيرًا، إذ علمت الملكة نازلي بالأمر، فطلبت من الريحاني طرد ميمي شكيب من الفرقة، وعدم استقبال أحمد حسنين، وعندما رفض تنفيذ طلبها، أرسلت له تهديدًا بالقتل، فلم تجد ميمي شكيب حلًا سوى أن تقطع علاقتها بأحمد حسنين، لأنها لا تستطيع منافسة الملكة على حبه، بعدها ارتبطت عاطفيًا بالاقتصادي الكبير أحمد عبود باشا الذي أغرقها بالهدايا، وتعددت مغامراتها العاطفية، حتى أنها أصبحت حديث الصحف في تلك الفترة، فقررت أن تتزوج مرة أخرى، وكان رجل الأعمال "جمال عزت" الزوج الثاني في حياتها، إلا أن تلك الزيجة لم تستمر كثيرًا، فسرعان ما وقع الانفصال بسبب غيرته الشديدة عليها.

سراج منير
لم تكتف ميمي شكيب بالنجاح الذي حققته على المسرح، وأرادت أن تحقق نجاحًا مماثلًا من خلال السينما، وكان أول أفلامها ابن الشعب عام 1934، وقامت فيه بدور ابنة أحد الباشوات تحب شابًا فقيرًا "جسد دوره سراج منير" ولكنهما يفشلان في الزواج بسبب رفض والدها لتلك الزيجة، نظرًا لفارق المستوى الاجتماعي، فيكافح الشاب الفقير ويجتهد، حتى يصبح محاميًا معروفًا ويتزوج حبيبته، وقد تحولت قصة الحب في الفيلم إلى قصة حب حقيقية بين ميمي شكيب وسراج منير، ومع نهاية الفيلم، كان سراج منير يطلب من ميمي الزواج، الأمر الذي أسعدها بشكل كبير، وشعرت أنها وجدت أخيرًا الحب الحقيقي في حياتها، ولكن سعادتها لم تكتمل، بسبب رفض أسرتها لتلك الزيجة، لأنها كانت تريد منها العودة لزوجها ووالد طفلها، فلم يكن أمامهما سوى الافتراق، حتى جمع القدر بينهم مرة أخرى بعد ثلاث سنوات، من خلال اشتراكهما سويًا في فيلم الحل الأخير، ولم يكن سراج منير قد نسى حبه لميمي شكيب، فكرر طلبه مرة أخرى، فوافقت أسرتها هذه المرة، ولكن المفارقة أن أسرته هي من عارضت زواجه بشدة، لأنها كانت ترفض زواجه بفنانة، وهنا لجأ سراج منير لصديقه نجيب الريحاني، الذي كان كان متعاطفًا بشدة مع قصة حبهم، فتوسط أكثر من مرة لدى أسرة سراج منير، ليقنعهم بالموافقة على الزواج، وبعد محاولات مضنية استمرت سنوات، وافقت الأسرة، لتتوج قصة الحب بالزواج عام 1942، وعاشا معا 15 سنة في منتهى السعادة، واشتركا سويًا في العديد من الأفلام، قدما خلالها دور زوجين أو حبيبين منها بيومي أفندي و نشالة هانم، و دهب و ابن ذواتوكلمة حق.

وفي عام 1957 مات سراج منير، إثر إصابته بأزمة قلبية، فقررت ميمي شكيب عدم الزواج من بعده، وركزت بشكل كبير على عملها.

زنوبة المخدماتية
قدمت ميمي شكيب خلال مشوارها السينمائي عشرات الأفلام، وقد حاول المخرجون حصرها في أدوار الشر مثل زوجة الأب القاسية، والحماة الغليظة، والسيدة الارستقراطية الشريرة، إلا أنها كانت أحيانا تحاول الخروج من هذا النمط، فقدمت أدوارًا أخرى، إلا أنها تميزت بشكل أساسي في أدوار الشر، ومن أشهر أفلامها التي كانت علامة في تاريخها، دعاء الكروان، وجسدت فيه دور "زنوبة المخدماتية" التي تقدم الخادمات للمهندس الزراعي، وقد حازت عن دورها في الفيلم جائزة أفضل ممثلة دور ثاني، وأيضا فيلم الحموات الفاتناتالذي برعت من خلاله في تجسيد دور الحماة الارستقراطية، وشكلت فيه مع ماري منيب دويتو كوميدي لا ينسى، ومن أفلامها المميزة الأخرى سي عمر و ليلى بنت مدارس و شاطىء الغرام و القلب له واحد و علموني الحب، وغيرها العديد من الأفلام.

قضية الموسم
على الرغم من تقدمها في السن، لم تستطع ميمي شكيب الابتعاد عن الحياة الصاخبة التي اعتادت عليها في شبابها، فكانت تقيم حفلات يومية في منزلها، يحضرها عدد من كبار المسئولين في الدولة، وأثرياء مصريين وعرب، بالإضافة لعدد من الفنانات الشابات الجميلات، ويبدو أن تلك الحفلات كانت وبالا عليها، ففي أحد أيام شهر فبراير عام 1974، تم القبض عليها، ومعها مجموعة من الفنانات الشابات اللاتي كن يحضرن حفلاتها باستمرار، بتهمة إدارة منزلها للأعمال المنافية للآداب، وهى القضية التي عرفت باسم " الرقيق الأبيض" أو " قضية الآداب الكبرى"، وحظيت باهتمام إعلامي غير مسبوق، فكانت الصحف تفرد مساحات واسعة لمتابعة تطورات القضية، وكانت جلسات المحاكمة تشهد حضور عدد من المراسلين الأجانب، بالإضافة لآلاف المواطنين العاديين، الذين كانوا يحتشدون حول قاعة المحكمة، مما دفع القضاء إلى جعل الجلسات سرية، مما أشعل فضول الجميع أكثر، وبعد حوالي 170 يوم من المحاكمة، حصلت ميمي شكيب وباقي المتهمات على البراءة، لعدم ضبطهن في حالة تلبس، حيث تم إلقاء القبض عليها وهي في حالة عادية.

ظلت ميمي شكيب محبوسة طوال فترة المحاكمة، وقيل أنها أصيبت بحالة من الصمم والبكم في السجن، وكانت تبكي طوال الوقت، مؤكدة أنها مظلومة، وأن القضية ملفقة.

مصحة نفسية
على الرغم من حصول ميمي شكيب على البراءة، إلا أنها لم تكن كافية لتبرئتها أمام المصريين، حيث ظلت تعاني من تلك التهمة، فدخلت مصحة نفسية بضعة أشهر، وبعد خروجها، لم تستطع مواصلة حياتها بشكل عادي، حيث ابتعد عنها المخرجون والفنانون، ولم تقدم في تلك الفترة سوى أعمالا قليلة، وأدوارا لا تليق بمكانتها الفنية، وكان آخر أفلامها السلخانة عام 1982، ونتيجة لظروفها السيئة اضطرت لأن تقدم على معاش استثنائي من صندوق معاشات الأدباء والفنانين بوزارة الثقافة.

وعلى طريقة سعاد حسني، جاءت نهاية ميمي شكيب، حيث تم إلقائها من شرفة شقتها بوسط البلد في 20 مايو عام 1983، ولم يعرف أحد مرتكب الجريمة، وأخذت الأحاديث تتردد وقتها، أنه تم التخلص منها من قبل بعض رجال السياسة، ممن كانوا يشاركون في إدارة شبكتها، وقيدت القضية ضد مجهول.



تعليقات