Game of Thrones (حلقة 9): عن الرجالِ والسيوف

  • مقال
  • 03:16 مساءً - 15 يونيو 2014
  • 1 صورة



جون سنو يقود حراس الجدار في معركة الحلقة التاسعة

للكاتب الفلسطيني الشهيد غسان كنفاني مَجموعة قصصية عظيمة تسمى "عن الرجالِ والبنادق"، يتناول فيها، ككل أعماله، تعامل الفلسطينيين مع عدوهم المُحتمل، وفي المَجموعة يُرسي لقيمِ البطولة والشَّرَف التي تخرج أثناء الحرب، كما يستعرض أيضاً مشاعر الخوف والهزيمة والهوان.

تذكرت ذلك في الحلقة التاسعة من Game of Thrones، معركة «حراس الجدار»، المعركة التي تدور بين 102 رجل في مقابل الآلاف، والذين من بينهم عمالقة وفِيَلة وأكلة لحوم بَشَر، وذلك من أجل الحِفاظ على القَسَم الذي حلفوا به.. حماية الجدار، وفي أغلب مفاصل الحلقة هناك تلك الروح العظيمة عن أوقات الحرب، والقيم المتناقضة التي تحملها، ومحاولة الرجال الحفاظ على شرفهم.. بالسيوفِ في تلك المرة.

أحداث الحلقة:

للمرة الثانية فقط في 4 مواسم تلتزم الحلقة بحدثٍ واحد تتناوله، المرة الأولى كان معركة الـBlackwater العظيمة في الحلقة التاسعة من الموسم الثاني، ثم هذه الحلقة، معركة «حراس الجدار»، التاسعة من الموسم الرابع.

وتدور الحلقة بالكامل حول هجوم الهمج على الجدار من أجل اقتحام أرض الشمال، وبالرغم من قلة عدد حراس الجدار، وقلة تسليحهم وإمكانياتهم إلا أنهم يقفون ويحاربون حتى النهاية.

رأي في الحلقة:

في اختيارٍ رائع مُتوقع أسند منتجو المسلسل هذه الحلقة للمخرج نيل مارشال، الذي أخرج فقط من قبل حلقة Blackwater، ليصبح متخصصاً في حلقاتِ الحرب.

«مارشال» رائع فعلاً، أعرفه جيداً منذ عام 2005، حين أخرج فيلم The Descent، أحد أفضل أفلام الرعب خلال الألفية الجديدة، وعند استقدامه لإخراج معركة «المياة السوداء» كان قادراً على تقديم أحد أعظم وأخلد حلقات المسلسل، بل أن مشهد انفجار سفن جيش «براثيون» يعتبر واحداً من أفضل المشاهد التي قدمت في تاريخ التلفزيون الأمريكي.

يعود «مارشال» لإخراج المعركة الجديدة، ورغم أن المقومات نفسها أقل من حلقته السابقة، إلا أنه إخراجياً كان في أفضلِ حالاته، وقدم حلقة ممتازة، بمقاييسٍ سينمائية.

قُلتُ في الأسبوع الماضي أن عدم وجود شخصية بثقل شخصية «تيريون» سيكون عائقاً أمام الحلقة لأن تكون بأيقونية معركة «المياة السوداء»، والتي شهدت تحولات درامية حادة أكثر من مرة، المشكلة، التي تخص السيناريو بالأساس، في هذه الحلقة أن الأمور كلها متوقعة، مراحل الضعف والقوة، الهزيمة قبل العودة من جديد في دراما الحرب جعلت بناءها به بعض الرتابة، حتى اللحظات العاطفية التي يُفترض أن تحمل ثِقل الحَلقة على المستوى الدرامي مثل مواجهة «ييجرت» بـ«جون سنو» جاءت أقرب للكليشية، ولم تعجبنِ الخيارات الشاعرية وسط مسلسل بهذا القدر من الواقعية والعنف وحلقة دموية بهذا الشكل.

شخصية «جون سنو» نفسه، الذي كان واحداً من شخصيات المشاهد المُفضّلة في الموسم الأول، لم يعد يحمل الكثير على المستوى الدرامي، تحديداً لا يوجد تناقضات كافية أو تحولات حقيقية أو قدر من العمق نلمسه فيه، حتى في علاقته بـ«ييجرت»، هو فارس ومُقاتل قوي، شخص نَبيل ومُخلص، ولا يوجد أي تغيُّر أو تحول أو تناقض بشأنه خلال المواسم الثلاثة، وهو عكس شخصية «تيريون» كشخصية رئيسية في معركة «بلاك-ووتر»، والذي قام بأشياءٍ مختلفة جداً على شخصيته، ولها أثر مُفاجئ ومُدهش على المشاهد.

ذلك المسار المتوقع للحدث في الحلقة، وضعف الكتابة في بعض المواقف، لم ينقذه إلا عمل إخراجي رائع جداً جداً من «مارشال».

في الأعمال الحربية، دائماً ما تكون العلاقة مع المكان عنصراً أساسياً في جودة العمل، أن تُشعر المشاهد أنه جزءً من الحدث، وأنه يعرف الجغرافيا التي يتحرك فيها جيداً، «مارشال» يفعل ذلك بجودة حقيقية، يُقسم المعارك لنقطتين أساسيتين، الهجوم على الجدار والهجوم على البوابة الجنوبيّة، بالإضافة لبعض التفاصيل الصغيرة التي يتنقل بينها ويربط المُشاهد بها، هذا الشعور والحس بالمكان جعل المشاهد متورط فعلاً في الصراع الذي يجري أمامه، بالإضافة إلى أنه منح المونتاج فرصة لخلق إيقاعاً مشدوداً جداً في التنقل.

الأمر الآخر هو الحكايات الصغيرة التي يتنقل بينها «مارشال»، قدرته على خلق تعارف بيننا وبين شخصية ما لمدة 5 دقائق، ليصنع لحظة مميزة في النهاية، حدث ذلك مع الطفل، ومع رامي السهام الخائف، ومع المجموعة التي ذهبت لمواجهة العملاق الذي اقتحم الجدار.

الشيء الثالث هو الجانب الفانتازي نفسه، لم أستطع مغالبة فيلم The Lord of The Rings أو إبعاده عن ذهني طوال المشاهدة، تحديداً معركة البرجان في الجزء الثاني من الثلاثية، يستطيع «مارشال» أن يجعل كائناته الغريبة أيقونية جداً هنا، ودون أن يشير لكونها غريبة.

«مارشال» هو نجم الحلقة، وصورة ناصِعة على القيمة التي يمكن أن يمنحها مخرج متمكن لنص متوسط، ومجملاً.. أعتقد أن تلك رابع أفضل حلقة هذا الموسم، بعد الثانية والسادسة والثامنة.



تعليقات