ريجاتا.. كوكتيل "الصعبانيات" المركز

  • مقال
  • 12:19 مساءً - 25 فبراير 2015
  • 1 صورة



إلهام شاهين في مشهد من فيلم (ريجاتا)

قبل الفيضان الهادر الذي حدث في الساحة الإعلامية وأدي إلى الانفتاح الكبير في أعداد القنوات الفضائية المصرية ونتج عنه ازدياد كمي في إنتاج المسلسلات التليفزيونية، كان هناك مسلسل السابعة والربع الذي كان من أهم فترات اليوم في التليفزيون المصري الحكومي، وإذا كانت ذاكرتك جيدة حول الكثير من المسلسلات التي كانت تعرض في هذا التوقيت، ستتذكر الكم الشنيع من "الصعبانيات" أو الجرعات المليودرامية العالية التي كانت تحتويها الحبكات الدرامية في هذه الأعمال، بالإضافة إلى الجودة المنخفضة المتبعة في التصوير وحصره في بضعة ستوديوهات مغلقة.

في " ريجاتا"، العمل السينمائي الثاني للمخرج محمد سامي بعد فيلم " عمر وسلمى 3"، لا تستطيع أن تغفل - مهما حاولت - تأثره الكبير بهذا الموروث الدرامي التليفزيوني الطويل، خاصة بعد عمله لسنوات في إخراج الدراما التليفزيونية والأغاني المصورة، وكل الفارق هو محاولته تقديمها في ثوب بصري زاهي عامر بالألوان الزاهية.

ما يحزن هو أن كل خط درامي فرعي دخل في بنية هذا الفيلم قد يصنع عملًا جيدًا على حدة إذا عولج كتابيًا بحكمة وذكاء فني بدلًا من اللجوء المُستسهل نحو استعطاف الجمهور في كل دقيقة، ومحاولة دفعهم نحو البكاء، بل وربما ما كان يبقى هو أن يخرج المخرج من قلب الشاشة ليجلس مع الجمهور في صالة العرض، ويوسوس في آذان جمهوره الذي جاء للمشاهدة: "لقد صنعت مشهدًا مدميًا للقلب، لماذا لا تبكي؟ إبكي يا سيدي، إبكي يا سيدتي، إبكوا أيها الحضور الكريم، إبكوا يا أحباب الله".

إذا كنت من ذوي الحظ العثر الذين دفع بهم القدر لمشاهدة الفيلم في إحدى دور العرض، ستجد أن محمد سامي - الذي شارك في كتابة الفيلم - لم يفلت تقريبًا أي تيمة من التيمات التي يمكن أن تصنع بها فيلمًا ميلودراميًا مستقلًا بذاته إلا ووضعها كمثل من يضع البيض كله في سلة واحدة فينكسر أغلبه، لذا بعد أن تنتهي من المشاهدة، حاول أن تغمض عينيك وتفكر عشوائيًا في أي تيمة ميلودرامية تخطر على بالك وستجدها موجودة في الفيلم، الأمر الذي يجعل حتى من محاولة لتلخيص قصة الفيلم أمرًا ليس بالهين.

الأدهى من ذلك أنه يمكنك ببساطة أن تصنع لنفسك قائمة مصغرة لهذه التيمات بناء على ما شاهدته، وأنا عن نفسي قد وضعت قائمة يمكن إيجازها في النقاط التالية: (البطالة، فساد رجال الأعمال، الأسرار العائلية، الماضي الأليم، الصراع بين الشرطة والمواطن، الحياة في المناطق العشوائية، الأحلام المؤجلة، الاشتهاء والكبت الجنسي، المرض العضال، الصراع على المال، الانتقام، الصراع حول الأنثى، الإدمان، الرغبة في السفر، الخلافات بين الأشقاء)، وإذا كان لديك عزيزي القاريء في مخليتك أي تيمات غير مذكورة في القائمة السابقة، يمكنك بمطلق الحرية أن تفتح القوس وتضيفها.

وبالتوازي مع الاتجاه الأوحد الذي يسير فيه الفيلم، يتحول كل الممثلين تقريبًا إلى العمل بنغمة واحدة في سبيل محاولة الاستعطاف بأكبر قدر ممكن وحتى نهاية الفيلم عن طريق المخزون المتوارث من البكاء والعويل والنحيب والصراخ، بالإضافة إلى تقديمهم - كالعادة - في أنماط ثابتة يسهل تمييزها من على بعد 50 كيلو متر: محمود حميدة هو الشرير، و إلهام شاهين هى الأم التي لا تفعل شيء في الحياة سوى البكاء وندب الحظ، و رانيا يوسف هى الجسد المُشتهى الذي يتكالب عليه الجميع على غرار هيفاء وهبي في حلاوة روح، أحمد مالك هو الصديق الوفي، فتحي عبد الوهاب هو الضابط المخلص لعمله، وطبعًا لا نغفل عمرو سعد الشخص المسكين دومًا الذي تقف أمامه كل الظروف والصعاب مهما ارتكب من جرائم، هل هناك أنماط أخرى يمكن إضافتها؟

من الواضح أن محمد سامي كان يحتذي للغاية بفيلم ( حين ميسرة) للمخرج خالد يوسف كمثال، وحاول أن يصنع نسخة ذات إيقاع سريع منه، كما لا يفوته أن يستقدم عمرو سعد ليكون أيضًا هو بطل هذا الفيلم.



تعليقات