"​سرايا عابدين" بين أطروحة الدراما الخيالية والمؤامرة التاريخية

  • مقال
  • 07:00 مساءً - 9 مايو 2015
  • 1 صورة



سرايا عابدين

سؤال واحد طُرح في الآوان الأخيرة بشكل متكرر، وظل يتردد وبكثرة على المستوى الفني والجماهيري، حول ما إذا كان " سرايا عابدين" مجرد عمل درامي خيالي مستوحى من أحداث حقيقية كما ادعت الكاتبة الكويتية هبة مشاري حمادة، التي أكدت أنها لم تركز على أي أحداث تاريخة أو سياسية في حياة الخديوي إسماعيل، أم أنه مؤامرة على خديوي مصر وعلى تاريخها وسمعتها كما زعم البعض مطالبين بإيقاف عرض الجزء الثاني من المسلسل والذي يذاع حاليًا على قناة mbc، لتطالب الرقابة المصرية على المصنفات الفنية أيضًا بوقف عرض المسلسل للمغالطات التاريخية الواردة بالجزئيين.

فعلى نفس الخُطى التي بدأتها المؤلفة هبة مشاري، وبنفس البصمات التي طبعها المخرج عمرو عرفة على حلقات الجزء الأول من مسلسل "سرايا عابدين"، ورغم كم الاعتراضات التي وٌجهت لذلك الجزء من المسلسل والذي عرض في رمضان الماضي 2014 على قناة أم بي سي، وهي الجهة المنتجة للمسلسل، يخرج علينا الجزء الثاني الذي يتم عرضه الآن على نفس القناة أسبوعيًا؛ بكم كبير من الأخطاء والمغلطات التاريخية وبتوقيع المخرج شادي أبو العيون السود؛ بعد انسحاب عمرو عرفة من استكمال إخراج المسلسل.

ومن المعروف أن مسلسل سرايا عابدين يعتبر أضخم دراما تاريخية عربية، بلغت إجمالي ميزانتيه ما يقرب من 20 مليون دولار أمريكي، ويشارك فيه أكثر من 250 فنان مصري وعربي، وهو يحاكي حياة الخديوي إسماعيل؛ وتواليه العرش، والأحداث السياسية التي مرت بها البلاد في تلك الحقبة الزمنية، وأحوال الحكم، بالإضافة إلى الصراعات التي دارت داخل القصر بين زوجاته وجواريه من ناحية، وبينهن وبين والدته الملكة "خوشيار" من ناحية أخرى.

وقد تمثلت أغلب الأخطاء السياسية والتاريخية التي ظهرت في الجزء الأول بالعام الماضي في حصول الخديوي إسماعيل على لقب (خديوي) وهو لا يزال واليًا على مصر، فمن المعروف أنه حصل على ذلك اللقب بعد تواليه الحكم بسبع سنوات، أيضًا في أولى حلقات الجزء اﻷول تضمنت اﻷحداث الاحتفال بعيد ميلاد الخديوي إسماعيل الـ35 داخل قصر عابدين، خلال الحقبة الزمنية 1860 أي قبل إنشاء قصر عابدين نفسه، وظهر الأمير فؤاد، الذي أصبح فيما بعد ملك مصر الأول، مع بداية أحداث المسلسل بالحلقة الأولى أي عام 1860، وهو يلهو ويلعب مع أشقائه بالقصر وهو في سن الثامنة، وهذا مخالف للحقيقة حيث ولد عام 1868، كما أنه توفي بالمسلسل وهو صغير، وهذا أيضًا خطأ فادح حيث عاش وتولى حكم مصر عام 1917 حتى وفاته وتزوج من الملكة نازلي وقد تسلم الحكم بعده ابنه الملك فاروق.

كذلك فإن الأميرة فيريال لم تنجب إلا ابن واحدًا وهذا مخالف لأحداث المسلسل، كما ذكر الخديوي ضمن اﻷحداث أنه سيعرض بعض الأمور على المجلس النيابي والذي لم يكن أُنشئ بعد؛ حيث قام الخديوي بتحويل مايعرف بمجلس المشورة الذي أسسه جده محمد علي إلى المجلس النيابي عام 1966 أي بعد أحداث المسلسل بست سنوات تقريبًا، كما ذُكر في بداية الحلقات أن الخديوي إسماعيل تزوج ثلاث مرات هن الأميرات "شفق" و"فريال" و"صافيناز" ثم بعد ذلك تزوج من الأميرة "فلك" هانم وهذ مخالف للتاريخ حيث أن الخديوي إسماعيل تزوج من الأميرة فلك بعد زوجته الأولى "شفق" هانم، فهي والدة السلطان "حسين كامل" الابن الثاني للخديوي، والذي وُلد عام 1952.

في أحد الحوارات التي دارت بين طبيب القصر ( صلاح عبدالله) والجارية شمس قادين ( غادة عادل) حيث يتولى الكشف عليها والتأكد من صحتها وخلوها من الأمراض قبل مرافقتها للخديوي، فتذكر له الجارية بأنها ليست عذراء وتطلب منه أن يستر عليها، والذي يؤكده الطبيب بقوله لها "متقلقيش لو مش بنت هخليكي بنت"، مشيرًا بذلك إلى عمليات إعادة العذرية والتي لم تكن معروفة في مثل هذه الفترة من الزمن.

بالإضافة إلى كم الأخطاء التاريخية الواردة، ركزت الكاتبة على حياة الخديوي الشخصية بشكل مبالغ فيه، ورسمته متعدد العلاقات ومزواج وأن شغله الشاغل النساء وحالات العشق والحب والانتقام والغيرة، متناسية كم الإنجازات التي قام بها خلال فترة تواليه الحكم من إصلاح قضائي ونيابي واقتصادي، بل أشارت وبشكل بغيض إلى زوجات الخديوي حيث مؤامرات القتل والفساد وسوء الخلق والمكائد التي دارت بينهن، متخذة نفس نمط المسلسل التركي " حريم السلطان" كقالب واحد وضعت فيه تلك الحقبة التاريخة الهامة، بل أن أداء الممثلين نفسه جاء متكلفًا ومصطنعًا وتم الخلط فيه بين العادات المصرية والتركية في الكثير من الأحداث.



تعليقات