"حياتي مبهدلة"... كل محاصيل الليمون في العالم لا تكفي

  • مقال
  • 11:36 صباحًا - 6 اغسطس 2015
  • 1 صورة



ملصق فيلم (حياتي مبهدلة)

من بين عشرات الحكايات المتواردة في الوسط الفني، هناك حكاية حاضرة في ذهني ترتبط بشكل وثيق بالفنان سمير غانم، والذي يعرف غالبية المنتجون أنه قادر على فعل الأعاجيب لإضحاك مشاهديه إذا أطلق له العنان على نحو كامل، للدرجة التي أوصلت بعض المنتجين أن يرسلوا له سيناريوهات لا تحتوي سوى على خطوط عريضة أو سيناريوهات خالية من الحوار، وكان المطلوب منه أن يستكمل الباقي من مخزونه الفكاهي، سواء باستخدام الاكسسوارات أو الإيفيهات اللفظية أو أية وسائل أخرى يراها ملائمة من وجهة نظره أو حتى من وحي اللحظة.

وبعيدًا عن مدى صحة أو دقة هذه الحكاية، فقد استدعيتها من الذاكرة عند مشاهدة أحدث أفلام - أو لنقل آخر مصائب - الفنان محمد سعد ( حياتي مبهدلة)، والسبب واضح، فما يفعله محمد سعد طوال الفيلم لا يختلف كثيرًا عما كان يُطلب من سمير غانم في السابق، وهو أن يملأ المساحات الفارغة من لديه بكل الأدوات التي يتمكن من استخدامها والتي صادفت النجاح في المرات الأولى لكنها ما لبثت أن تحولت إلى نقمات نزلت على رأس صاحبها ومبتكرها دون أن يعترف بذلك حتى ولو بينه وبين نفسه حينما يختلي بها.

لدي يقين كامل بأن الفيلم لم يكن يملك في جعبته سوى فكرة عامة وبعض الخطوط العريضة، وهذه بالطبع هى مهمة كاتب السيناريو هنا، أن يضع الإطار الدرامي المناسب لممثل مثل محمد سعد، وعلى محمد سعد إكمال باقي المهمة بنفسه، فعليه أن يتراقص بجسده حينما لا يوجد أي حدث درامي هام، وأن يرطن بالكثير جدًا من الكلام غير المترابط وغير المتسق مع بعضه البعض، وأن يتلاعب بعينيه حتى الحَولّ.

الأمر المعتاد بالطبع أن محمد سعد يستلف كل ما يقدمه للجمهور من دفاتره القديمة حتى لم يعد في جراب الحاوي أي شيء، بل ويعود من جديد حتى لتقديم شخصية ( تتح) التي قدمها في فيلم حمل نفس الاسم منذ عامين، ولم تحظى في ذلك الوقت بالنجاح الذي يستدعي تقديمها مرة أخرى، لذا فالحديث عن البحث عن مناطق كوميدية جديدة هو ضرب من العبث وتضييع الوقت عند الحديث عن الكوميديا التي يقدمها محمد سعد.

الأمر ليس مفاجئًا بالمرة إذا قادتك قدماك لمشاهدة الفيلم مرة أخرى ولم تجد أحد يتفاعل مع ما يقدمه محمد سعد على الشاشة، بل نادرًا ما ستسمع أي ضحكة صادرة من المشاهدين سوى من بعض الأطفال الجالسين الذين لا زالت تخيل عليهم هذه الحيل التي قتلت استهلاكًا، وما يفعله سعد أصلًا يشبه ما يفعله أي أب أو قريب يحاول إضحاك طفل صغير بكل السبل بأن يصطنع تعابير مضحكة بوجهه أو أن يتفاقز أمامه لكي يفوز بضحكة طفله.

وحتى مع محاولته إفساح بعض المساحة التي كان يستأثر بها لنفسه في السابق للنجمة نيكول سابا لكي تشاركه بطولة الفيلم، فإن هذا لا يساعد في حل أزمة الفيلم بمقدار شعرة، بل إنه حتى لا يترك هذه المساحة الضئيلة لنيكول لكي تهنأ بها، فالرجل مصر على التواجد طوال الوقت "من الجلدة للجلدة" حتى لو كان وجوده في المشهد غير ذو معنى.

وقد يكون من العبث تناول فكرة الفيلم أو التصاعد الدرامي أو تسلسل الأحداث، فكلها أشياء لا ترد لذهن صناع الفيلم أصلًا، وحتى إذا تعاملت مع الفيلم بمنطق التسلية والترفيه فلن تجد هذا أيضًا، وكل ما ستفكر فيه هو الارتماء تحت أي شجرة تصادفك من الليمون لكي تعصر ثمراتها على رأسك، هذا إن كانت تكفي.



تعليقات