Hell or High Water.. حق السلب

  • نقد
  • 04:38 مساءً - 5 فبراير 2017
  • 1 صورة



Hell or high water

ما هو رد فعلك إذا قام لص بالتعدي على بيتك وممتلكاتك الخاصة، وقرر أخذ المنزل وطردك خارجه؟ بالتأكيد سوف تحمي ممتلكاتك بكل السبل الممكنة، حتى لو لزم الأمر قتل هذا السارق، لكن ما هو رد فعلك إذا قام أحدهم بتقديم أوراق وسندات تُفيد برهن ملكية منزلك، وأنت غير قادر على تقديم مقابل مادي تستعيد من خلاله ملكية المنزل؟ هل ستستسلم أم ستحاول اللجوء لطرق ملتوية لاستعادة ما سُلب منك؟

تدور أحداث فيلم "Hell or High Water" حول قيام الأخوين توبي "كريس باين" وتانر "بين فوستر" بسرقة بنوك مختلفة في غرب تكساس، وهذا بعد أن قام أحد البنوك برهن منزل العائلة وحقل البترول التابع لحديقته، فوضع "توبي" خطة لجلب المال الكافي لسداد الدَين، وفك الرهان ووضع سندات ملكية البيت والمزرعة كوديعة لأولاده، حتى لا يستطيع البنك أخذه بعد ذلك. ومن أجل تنفيذ خطته استعان "توبي" بشقيقه "تانر" نظرًا لتاريخة الحافل وحبه لخرق القانون والسرقة والقتل؛ أصبح "توبي" هو العقل المدبر و"تانر" أداة مرنة لعملية السرقة. في الجانب الآخر يتم تكليف حارس الشرطة ماركوس هاميلتون "جيف بريدجيز" وزميله ألبيرتو باركر "جيل برمنجهام" للقبض على الأخوين دون أن يكونا على معرفة بهويتهما في أول الأمر.

الفيلم يصنف "نيو-ويسترن" ذو طابع وملامح غربية لكن في إطار حديث. تستطيع التعرف على الملامح الغربية من خلال موقع الأحداث في تكساس والبيئة الصحراوية والقرى والمدن الصغيرة، بجانب طرق المعيشة المختلفة التي تتسم بالخصوصية. ومن خلال كادرات المخرج ديفيد ماكنزي، التي تندمج مع الطبيعة الغربية فتتلمس الهدوء في بساطة الحياة وفي أوقات أخرى تشعر بالحماس والعنف والتشويق. و من خلال عنصر الموسيقى التصويرية، الذي جاء ممتعًا جدًا، ومتناغمًا مع طابع الفيلم الغربي، مضيفًا نكهة مميزة طول الفيلم.

العامل الأساسي والمهم في تقديم هذا الفيلم بشكل راقي ومشوق هو السيناريو المُتقن ولغة الحوار الممتعة بين شخصيات الفيلم ككل، قدم الكاتب تايلور شرايديان، صاحب فيلم Sicari حوارًا مُشكلًا بعناية ليصبح هو المحور الحيوي لتقديم فكرة الفيلم وتطور الشخصيات. الحوار بين الحارسين "ماركوس" و"ألبيرتو" يجعلك تتعرف أكثر على ملامح شخصية كل منهما وتتعمق في فهم علاقتهما المشاكسة؛ بل تلعب أيضًا دور الراوي لفهم تاريخ الأراضي الأمريكية وتأثير التعدي على ملكيات الأراضي للسكان المحليين الأصليين من قبل المستوطنين الأمريكيين. على الجانب الآخر لغة الحوار بين الأخوين توضح لنا كمشاهد طبيعة العلاقة بينهما ومدى حب وخوف الأخوين على بعضهما البعض، فعلى الرغم من طيش وعنف أفعال "تانر" إلا أنه قرر مساعدة أخوه، وتحمل خطورة عمليات السرقة، بجانب شغفه الأساسي بإثارة المشاكل. هذا السيناريو المتماسك يستحق بجدارة ترشيح الأوسكار كأفضل نص أصلي.

الفيلم يعرض لنا صورة مفصلة لتأثير عمليات التعدي على ملكيات الأراضي عبر السنين في الغرب، ومدى تحول الأراضي الغربية لمناطق شبه معدومة تسكنها أشباح العزلة، لعدم وجود عمل، ونقل ملكيتها للبنوك التي أصبحت وحشًا ضاريًا يتغذى على رهن ملكيات المنازل ويترك سُكانه بلا مأوى، فلا يوجد مفر سوى ترك كل شيء وهجر المكان. من خلال القصة وتطور الأحداث في الفيلم تكتشف مدى واقعية الأحداث وتأثير الأفعال المتسلطة من البنوك على ملاك الأراضي وانتشار الفقر والاستغلال بين العائلات. هي أحداث متسلسلة وتأثيرها على المدى البعيد فالأراضي الغربية تم التعدي عليها من قبل الاستيطان الأمريكي، ومع مرور الوقت تتغير الجوانب، لكن فكرة التعدي واحدة، فيشكل صورة مصغرة جديدة مما حدث قديمًا.

الأداء التمثيلي لطاقم الفيلم كان مترابطًا بشكل كبير، فالعلاقة بين الشخصيات الأربع منسجمة للغاية. أداء كريس باين مفاجئ بشدة، فكان بسيط وهادئ ومتميز، جسِد شخصية الأخ الأصغر المحب المتفاني لعائلته بشكل جيد جدًا. وأداء بين فوستر كان رائعًا وعفويًا، في تجسيد شخصية الأخ الأكبر المشاكس المحب للمشاكل. أداء جيل برمنجهام كان ناضجًا ومتزنًا، وجسد الحارس والزميل الملتزم المحب لزميله وعمله. وأداء النجم جيف بريدجيس كان ممتازًا جدًا ومحترف، أداء تندمج معاه بتلقائية، وقدم لغة الحوار بطريقة متقنة وأثقل فيها كاريزمته المتألقة بكل سلاسة وإنسجام، فكان الترشيح الأوسكاري لأفضل ممثل مساعد مستحقًا بجدارة.

الفيلم بوجة عام صورة متماسكة متقنة التفاصيل، دسم بحواره الممتع يترك لديك كمشاهد حالة رضا بمستوى الفيلم ككل. على الرغم من بساطة الفيلم إلا أنه عرض فكرة أو قضية حيوية في تاريخ الأراضي الغربية، تدفعك للشعور بالأسى لما آلت له الأحداث، لكن في نفس الوقت مقتنعًا تمامًا بنتيجة أفعال الشخصيات. الفيلم نال 4 ترشيحات أوسكارية مستحقة في كل فئة، أهمها تواجده في قائمة أحسن أفلام 2016.

وصلات



تعليقات