سابع جار نقطة تحول الواقع من الإنكار للمواجهة

  • نقد
  • 04:32 مساءً - 21 مارس 2018
  • 5 صور



نعيش في مجتمع يرفض كل الرفض أن يواجه مشاكله، فليس المهم وجود مشاكل وتناقضات بل الأهم هو كيف نواري ذلك وندفنه.

زى ما تكون بتتفرج على ستار أكاديمي أو أى من برامج تليفزيون الواقع الذي ينقل الواقع كما هو من زوايا غير متنوعة للكاميرا وأغلبها ثابتة غير متحركة أو بها أى "لعب بالكاميرا" ولا نقرب على الوجه لنوضح رد فعله على الموقف ولا نصور يدى الممثل أو حركة قدمه لنحقق إبهار الصورة الذي أصبح السمة الأساسية للدراما المصرية البعيدة في معظم حالاتها عن واقع الأسرة المصرية.

ذلك التكنيك كان مقصودا في مسلسل سابع جار حتى تقام العلاقة الحميمية بين المشاهد، وأبطال المسلسل فيشعر المشاهد أنه يتعايش معهم في كل ما يمروا به من أحداث ومواقف، والتي تحاكي بشكل كبير أحداثه اليومية المتكررة، وهنا أؤكد على كلمة "متكررة" فقد اتهم مسلسل "سابع جار" بالرتابة والملل في كثير من حلقاته، والصمت السائد في ثواني كثيرة داخل المشهد الواحد، ذلك الصمت الذي نفتقر لتوظيفه بشكل كبير في صناعة السينما، والدراما المصرية، وفي كلمات أدق إننا نخافه لأنه من وجهة نظر البعض وقت ضائع على الشاشة، ونسينا أن الصمت على الشاشة له صوت أعلى، ومعنى أقوى من الكلمات في مواقف بعينها، وذلك بالطبع يعتمد كل الإعتماد على أداء الممثل، وحرفيته في توصيل ذلك المعنى؛ إلا أن "سابع جار" لا يعتمد على الدراما النابعة من الانفعالات اللفظية أو المواقف العنيفة، والمفاجآت الدرامية التي تملىء الشاشة الصغيرة، لكن اعتماده الأكبر على الانفعال النابع من داخل الشخصيات ذاتها بكل ما يمرون به من مواقف حياتية صعبة، ومعقدة والتي جسدها، وعبر عنها أبطال سابع جار بشكل احترافي وبأسلوب السهل المستحيل أو السهل الممتنع الذي يحتاج من الممثل بساطة في الأداء وتلقائية كبيرة، تبدأ من الحوار مرورا بتعبيرات الجسد وانتهاءً بالضحك الغير مفتعل في بعض المشاهد، والتي جعلت الجمهور يقترب أكثر من المسلسل؛ على الرغم من كونها خطأ في المونتاج، وفي اختيار اللقطات الأفضل، كأنها تقول للمشاهد "احنا منكم وزيكم"، وإن ذلك المسلسل ليس تمثيلا، ولكنه واقعكم، ذلك الواقع الذي اتهمه البعض بالجرأة المفرطة فكيف تعرضون على الشاشة فتاة تقيم علاقة مع جارها المتزوج وتحمل منه، وأخرى مثال التدين في المسلسل تخرج للجمهور ساذجة مستسلمة لا يهمها عملها، وتستطيع التنازل عنه إذا طلب منها زوجها المستقبلي ذلك وشغلها الشاغل في الحياة هو الزواج، وبنت أخرى مثال الاستقلال الفكري والحرية والتمرد على ثوابت المجتمع وقهره، تخرج بشكل فتاه لا تعرف ماذا تريد، وماذا تحب ومن تحب وتريد أن تجرب كل شيء إضافة إلى ذلك خلوتها الغير شرعية برجل في بيته.

فكيف نعرض ذلك على الشاشة! وكأننا نصر على وضع رباطة حول أعيننا، ونرفض أن نقف أمام المرآة.. مرآة واقعنا واقع هذا المجتمع الذي يرفض كل الرفض أن يواجه مشاكله فليس المهم وجود مشاكل وتناقضات بل الأهم هو كيف نواري ذلك، وندفنه ولا نتحدث فيه لأنه "عيب" و"تعرية" وذلك هو التناقض الذي وقع فيه المشاهد، فكيف تعايشت مع مسلسل ينقل واقعك من ملبس ومسكن وطريقة معيشة، وأسلوب حوار ورفضت الجزء الآخر من ذلك الواقع، الذي يتطرق للثوابت والتابوهات التي نريد دائما وأبدا أن نغلق أنفسنا داخلها، و لا نواجه حقائقنا حتى "على الأقل" لنقوم بإصلاحها، فالمريض سواء النفسي أو العضوي عندما يصر على كونه سليم ويخفى علته لن يشفى أبدا، و ما أكد على عدم تقبل المجتمع لتلك الجرأة أنها تحاكي نفس الأنثى والمرأة والبنت وليس الرجل.

فمسلسل "سابع جار" مسلسل تدور أحداثه من وجهة نظر المرأة في المجتمع المصري، ماذا تواجه وكيف تتعايش في مجتمع يؤكد على حرية الرجل ويتقبلها حتى وإن كانت خيانة زوجية، ولا يتقبل صراعات المرأة النفسية وبحثها المستمر عن ذاتها ومحاولاتها للتعايش في مجتمع يقهرها في أحيان كثيرة، ورغبتها فى إصلاح أخطائها أو بدء حياة جديدة أو رفضها لخيانة زوجية، أو تمردها على قواعد وهمية تشكلت في عادات وتقاليد، وأسلوب حياة حكر عليها هى فقط دون الرجل، كل تلك المشاكل والصراعات الداخلية يجسدها أبطال أو بطلات المسلسل، وللأسف أتت بعض حلولها في حلقات المسلسل معادة ومكررة وخاضعة لتلك الثوابت المجتمعية، فطبعا نهى تصالحت مع زوجها طارق الخائن بعد إعتذاره لها أنها أول غلطة، وسامحته لأن المجتمع شكلها من صغرها على أن خيانة الزوج تغتفر أما لو حدث العكس لأصبحت الزوجة الخائنة العاهرة، والأم غير الصالحة لتربية أطفال.

على الجانب الآخر جاءت بعض الحلول منطقية، وغير مكررة فقد توفى "سيادة اللواء "، ولم يتزوج "كريمة" تلك النهاية المتوقعة بشكل كبير، خاصة بعد التلميح لها في لقطة عرض جزء من فيلم "أفواه وأرانب" على شاشة التلفاز الخاص به في الحلقات الآخيرة، وننتظر الجزء الثاني من المسلسل لأن تلك النوعية من المسلسلات الإجتماعية التي تحاكي الحياة اليومية غنية جدا بالمواقف ولن تفتقر إلى كتابة حلقاتها فسطورها من حياتنا اليومية الزاخمة بالقصص داخل ملايين البيوت المصرية وما أكثرها دراما.


وصلات



تعليقات